Al-Quds Al-Arabi

«1982» فيلم مشوق عن مرحلة لبنانية مؤثرة عبر قصتي حب

عروضه بدأت في بيروت وكسرت انكفاء السينما والثقافة

- بيروت - «القدس العربي» من زهرة مرعي:

شكلت ســنة 1982 مفصلاً أساسياً في الحياة السياسية والإجتماعي­ة للبنان الحديث. وعندمــا يأخذ فيلــم روائي هذا التاريخ بأرقامه الأربعة عنوانــاً لــه، فذلــك ربمــا يشــكل للبعض عاملاً جاذباً ومشوقاً.

«1982» شريط سينمائي امتــد لمئــة دقيقة فــي حيز مكاني واحد شــكلته مدرسة خاصة في منطقة جبلية، أما حيزه الزماني فلم يصل ليوم بكاملــه. والتاريــخ بدايات شــهر حزيــران/ يونيو من العام 1982، يوم غير مجرى الأحداث فــي لبنان والمنطقة العربية، ويعــرف اختصاراً بـ»إجتيــاح 82». فقد أعلنت اســرائيل هدف حربها على لبنــان «اقتــاع المخربــن الفلسطينيي­ن»!

أراد وليــد مونس كمخرج لبنانــي العودة إلــى مرحلة مؤثــرة مــن حياتــه. فقــد عاش هــذا اليوم الــذي بدأ فيه الإجتياح حــن كان في مدرســته. وتداعيات هذا الإجتياح اللاحقة فساهمت بهجرة عائلته إلى الولايات المتحدة. في ســيناريو شريطه استحضر ذاكرتــه وبعــض الأدوات والتعابيــ­ر التي أظهرت انقســام المجتمع اللبناني طائفياً وسياســياً. فيما المدرســة التي جرت فيها الأحداث الدراميــة كانت لا تزال تحتفظ ببعض الإختلاط بين المناطق والطوائف، رغم مرور ســنوات على اندلاع الحرب الأهلية.

قصتا حب شكلتا عصب الحكاية، واحدة بين طفلين متزاملين على مقاعد الدراســة، وأخرى بين زميلــن في هيئة التدريس. أخذ المخرج المشــاهدي­ن إلــى لحظات توتــر وقصف وتحليق للطيران الحربــي. ومرّ على المعركة التي احتدمت بين الطيران السوري والإسرائيل­ي فوق المصنع.

تصاعدت الأحــداث بالتدريج، من خطــوط بيضاء كثيفة وجدار صــوت، إلى أصوات قصف يزداد وضوحاً، إلى الأخبار العاجلة التي كان يتلقفها «الأستاذ جوزف» عبر الترانزيست­ور الذي لم يفارقه. إلى رنين الهاتف في غرفة «ميس ليلى» والتي أدت دورها علية الخالدي فالأهل منشغلون على ابنائهم. وبين

هذه وتلك من التوترات شــكلت بعض الحمامات فسحة راحة نفسية وأمل. وكذلك تســليط الكاميرا نحو الســماء الزرقاء من بين تشــكيل خلاّب من أشــجار الصنوبر. هذا على صعيد الطبيعة، أما على جبهة البشــر، فقد نســج المخرج قصة حب مســلية ببراءتها بين طفلين، وأخرى طرحــت العديد من الأســئلة بــن الأســتاذي­ن، واللذيــن أدى دورهما كل من المخرجــة والممثلة ندين لبكي والممثل رودريك سليمان.

بعد اصرار علــى متابعة الإمتحانــ­ات، كان القــرار بضــرورة عــودة التلامذة إلى منازلهم. وكانت لحظات مفصليــة بــن توتــر وقلق وحرب وزحمة سير والسماء تميل نحو الغروب.

«1982» تاريــخ مــا زال حياً، وتداعياتــ­ه متواصلة، والحاجة لإســتعادت­ه مراراً وتكــراراً قــد تشــكل تطهراً جزئيــاً من حــروب حفرت جروحاً مؤلمة لدى اللبنانيين. في هذا الشــريط حقق وليد مونــس نجاحاً فــي تحديه للمكان والزمان، خاصة وأنه كان بصدد عمل روائي طويل هو الأول من توقيعه. وأظهر إدارة جيدة للمثلين وخاصة الأطفــال الذين صدّقناهم في اقوالهم ومشاعرهم. كما كان لكافــة الممثلين حضورهم المؤثــر والواقعي. وعلى جبهة الموضوع، الــذي كان بصدده طرح اســئلة كثيرة، إنما الأسئلة الأكثر صعوبة تمثلت في الخوف الذي بدا على وجوه وعيــون التلامذة اليافعــن. وإلى الشــعب اللبناني الصامد أهدى وليد مونس باكورته الروائية.

«1982» الذي وقعه المخرج وليد مونس ينطلق في الأول من الشهر في سينما فوكس ـ سيتي سنتر وهي الوحيدة الصالحة لإســتقبال الجمهور في بيروت. في حين أن الفيلم بدأ عروضه في كل من دبي والسعودية، وفي سينما زاوية في مصر.

يُذكــر أنها المرة الأولى التي يُطلق فيهــا فيلم لبناني منذ 17 تشــرين الأول/2019، وجائحة كورونا، وبالتأكيد بعد إنفجار المرفأ، وهذا ما يشــكل بدء «حركشة» في مياه الثقافة والفرجة الراكدة حتــى الموت، والتي كانت على مر الأيام ســمة ملازمة لمدينة بيروت حتى في أحلك الأيام.

جال في الكثير مــن المهرجانات حول العالــم ونال جوائز عدّة، وكانت وزارة الثقافة اللبنانية قد رشــحته لتمثيل لبنان في مسابقة الأوسكار.

 ??  ?? بوستر الفيلم
بوستر الفيلم

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom