Al-Quds Al-Arabi

الخبير الإستراتيج­ي جوليان لي: لا أحد يريد عودة حرب أسعار النفط بين السعودية وروسيا

-

■ نيويــورك - دب أ:يرى الخبير الإســترات­يجي في مجال النفط جوليان لي أن الدول المنتجة للنفط في العالم تســتعد لمواجهة جديدة قبل نهاية العام الحالــي، في ظل اختلاف وجهات النظر بين كل من المملكة العربية الســعودية وروسيا بشأن كيفية مواجهة تعثر التعافي الحالي في الطلب على النفط.

وســيكون لإعادة فرض القيــود على الحركة والتجمعــا­ت الاجتماعية في العديد من دول أوروبــا لمواجهة التزايد في أعداد الإصابات الجديدة بفيروس كورونا المســتجد، إلى جانب تقليص حزم الدعم الحكومي للشــركات، تأثيراً مخيفــاً على الطلب علــى النفط الخام، فــي الوقت الذي بــدأت فيه مجموعة «أوبك+»، التــي خفضت إنتاجها بمقدار 9.7 مليون برميــل يومياً، التفكير في تخفيف القيود المفروضة على إنتاجها.

لذلك يجــب أن نتذكر جميعا ما حدث في المرة الأخيــرة التي لم تتمكن فيها دول «أوبك+» من التوصل إلى اتفاق عندما انهارت أسعار النفط إلى مستويات غير مسبوقة.

ويقول جوليان لي، خبير أسواق النفط في خدمة «بلومبرغ فيرست وورلد» المعنية بالأخبار العاجلة للشركات والأســواق في العالم، أنه من المفترض أن تخفض كل من «وكالة الطاقة الدولية» ومنظمة البلدان المصدرة للنفط «أوبك» توقعاتهما بالنســبة للطلــب العالمي على النفط خلال العــام الحالي. وخلال الشــهرين الماضيين، خفضت الوكالة توقعاتها للطلــب العالمي بمقدار 400 ألف برميل يومياً، وخفضت «أوبك «توقعاتها بمقدار 500 ألف برميل يومياً.

وقال نيل اتكينســون، رئيس إدارة الصناعة والأسواق في «وكالة الطاقة الدولية» مؤخراً أن الوكالة قد تخفض توقعاتها بالنســبة للطلب في تقريرها الشــهري المقبل. وتأتي أكبر عقبة أمام نمو الطلب على النفط من تراجع حركة التجارة وضعف أداء الاقتصادات وتداعيات إغلاق الأعمال وشطب الوظائف، حسب ما ذكره محللو بنك «ستاندرد تشــارترد»، ومنهم إيملي أشفورد وبول هورسنيل، في تقرير صدر الأسبوع الماضي.

وقال جوليان لي في تحليل نشر أمس الأربعاء أنه في حين كان المفترض أن يتعافى الطلب على النفط، يبدو أنه يأخذ اتجاهاً معاكساً.

فمــن المقرر أن تترافق جولة جديدة من التوصيــات بالعودة إلى العمل من المنزل وفــرض قيود على الأنشــطة الاجتماعية نتيجة تزايــد أعداد الإصابة بفيروس كورونا في أوروبا، مع خفض الدعم الحكومي للمتضررين من جائحة فيروس كورونا.

كما يواجه اســتهلاك النفط في الولايات المتحدة عقبات مماثلة، مع انتهاء الدعم الحكومي للمتضررين من الجائحة بموجب «قانون المساعدات وتخفيف الأعباء والأمن الاقتصادي» أمس، بدون اتفاق جديد في الكونغرس على قانون جديد للمساعدات. وحتى في آسيا، لا توجد حصانة من التداعيات، حيث يبدو أن تايلاند هي الدولة الوحيدة القريبة من تحقيق تعافٍ سريع في الطلب على النفط، حسب «ستاندرد تشارترد».

وبالطبع، لا ترتبط أزمة ســوق النفط العالمية فقط بمســألة الطلب، وإنما هنــاك أيضا جانب العرض، في ظل احتمالات زيــادة الإمدادات من دول تجمع «أوبك+»، ووفقا لكمية الإمدادات الآتية من دول أخرى خارج التحالف. وهناك الكثيــر من الغموض الذي يحيــط بهذا الجانب أيضا كما هو الحال بالنســبة للطلب. وهناك مخاوف آو آمال، بالنسبة لاســتعداد منتجي الزيت الصخري في أمريكا الذي ينافس إنتاج دول «أوبك+» لانخفاض جديد كبير في الأسعار خلال الأسابيع أو الشهور المقبلة.

وكانت إيملي أشــفورد قد حذرت الأسبوع الماضي من تراجع كبير في إنتاج النفــط الأمريكي خــال الفترة المقبلة فــي ظل تباطؤ وتيرة أعمال اســتكمال إنشاءات الكثير من الآبار.

وفي الوقت نفســه، أظهرت البيانات الشــهرية لـ»إدارة معلومات الطاقة الأمريكية» أن التراجع في إنتاج النفط الأمريكي خلال العام الحالي كان أسرع وأكبر مما أشارت إليه البيانات الأسبوعية للإدارة.

ويمكــن أن يتيح أي تراجع جديد في إنتاج النفــط الأمريكي، الفرصة لدول «أوبك+» لزيادة إنتاجها. ولكن هناك مشــكلات داخل تجمع «أوبك+» نفسه، حســب جوليان لي، الذي ســبق وأن عمل كبيرا للمحللين في «مركز دراسات الطاقة العالمية».

ففي حين حققت دول «أوبك+» بشــكل عام مســتوىً جيداً وغير معتاد من الالتزام بخفض الإنتاج، بفضل الموقف الصارم لوزير الطاقة السعودي الأمير عبد العزيز بن سلمان بن عبد العزيز، لا يزال هناك عدد قليل من الدول الأعضاء التي تكافح من أجل خفض إنتاجها وفقا للحصص المقررة.

وجــاءت ليبيا التي لا يشــملها اتفاق «أوبك+» لخفــض الإنتاج لكي تكون مصدراً جديداً للغموض الذي يحيط بمســتقبل إمدادات النفط في الأســواق العالميــة. فالهدنة التي توصــل إليها الفرقاء الليبيون يمكن أن تســمح للبلاد بزيادة صادراتها لتضخ كميات إضافية إلى السوق في وقت غير مناسب تماما لباقي دول «أوبك».

وتتوقع «المؤسســة الوطنية للنفــط» في ليبيا زيادة إنتاجها ســريعاً إلى 260 ألــف برميل يومياً، مقابــل نحو ثلث هذا الرقم فــي الوقت الحالي. ويرى بنك «غودلمان ســاكس» الأمريكي أن إنتاج ليبيا قد يصل إلى الضعف في نهاية العام الحالي. وفي ظل هذا القدر الكبير من الغموض، ليس غريباً أن تظهر هذه التوترات داخل تجمع «أوبك+».

فالســعودي­ة تريد قبل كل شيء منع أسعار النفط من التراجع، ويقول وزير طاقتها أن دول «أوبك+» تتحرك بشكل وقائي ومسبق لمنع الإمدادات من تجاوز الطلب، فهــي تريد أن تجعل التجار في ســوق النفط «متوتريــن بأقصى قدر ممكن» حسب جوليان لي.

وفي المقابل، يتبنى وزير الطاقة الروسي ألكسندر نوفاك موقفاً أشد تحفظاً، ويريد تجنب المراجعة المتكررة لاتفاق خفض إنتاج النفط المقرر استمراره حتى أبريل /نيسان المقبل .

ويتيح هــذا الاتفاق لدول التجمــع زيادة إنتاجها الحالــي بمقدار مليوني برميل يومياً اعتباراً من يناير/كاون الثانــي المقبل. كما يفضل نوفاك الانتظار لأطول فترة ممكنة قبل اتخاذ أي قرار بشأن تعديل هذا الاتفاق.

ويقول جوليان لي «رأينــا إلى أين يمكن أن يقودنا الخلاف بين أكبر دولتين منتجتين للنفط في تجمع أوبــك+. وقد كان هناك خلاف مماثل في مارس/آذار الماضي حيث كانت روســيا تريد استمرار الوضع الراهن فيما سعت السعودية إلى مزيد من خفض الإنتاج. وأدى الخلاف إلى انطلاق الدولتين في ضخ النفط بدون ضوابط، مما دفع الأســعار إلى التراجع لمــا دون 20 دولارا للبرميل وهو سيناريو لا يريده أحد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom