Al-Quds Al-Arabi

عدوى الزمالك تصيب الأهلي!

-

■ أيــام فقــط بعــد الرحيــل المفاجــئ للمــدرب الفرنســي باتريس كارتيــرون عن نــادي الزمالك، ها هو السويســري رينيــه فايلر مدرب الأهلــي يصنع الحــدث ويقترب مــن الرحيل عــن القلعة الحمــراء في سيناريو مماثل يشبه الزلزال الذي يضرب العريقين ويخلف ارتدادات يصعب ترميمها، بل يشــبهه البعض بالعدوى التي انتقلت من الزمالك الــى الأهلي، فــي وقت ذهب البعــض الى الحديث عــن مؤامرة تضرب معقــل الناديين قبيل أيام عن موعد نصف نهائي دوري أبطال افريقيا، وتشعل وســائل الاعلام وشــبكات التواصل الاجتماعي التي اعتبرت بدورهــا رحيــل المدربين عــن المعقلــن أمرا غريبــا، واســتبعدت عامل الصدفــة، خاصة وأن الأمــور كانت تســير على ما يرام خــال الفترة الماضية التي فاز فيها الأهلي بالدوري، وفاز الزمالك بكأســي السوبر المصري والافريقي، وبلغا بعدها نصف نهائي دوري أبطال أفريقيا.

البداية كانت برحيل الفرنسي باتريس كارتيرون إلى نادي التعاون الســعودي مــع تحمله تكاليــف دفع قيمة الشــرط الجزائــي، وهو ما اعتبــره كالمعتاد رئيس النادي مرتضى منصــور بمثابة مؤامرة حيكت ضد فريقــه قبل موعد قاري مهم بعد تألقه محليا وقاريا وفوزه الأخير في الــدوري المصري علــى الأهلي بالثلاثــة، ما دفع بمنافســه الأبدي ورئيســه الشرفي الأسبق تركي أل الشيخ وإدارة نادي بيراميدز، على حد قوله، إلى السعي بكل الطرق نحو ترحيل المدرب الفرنسي وبعدها التشــويش على لاعبيه عشــية موعد قاري مهم بتقــديم عروض مغرية لنجومه.

مســاعي الزمالك فشــلت في إقنــاع مدربــه بالبقاء، فلجــأت إدارة الفريــق الــى الاســتنجا­د بمدربها الأســبق البرتغالي جيمي باشــيكو الذي ســبق له أن درب الزمالك قبل أن يهرب الى الشــباب الســعودي ومن ثــم الى الصــن، ليدخل فــي بطالة دامــت ثلاث ســنوات فيعود الهارب ليعوض هاربا آخر في سيناريو لا يحدث سوى في المسلسلات المصرية الدرامية التي يعاني فيها البطل لكنه لا يموت، لكن الغريب في الأمــر أن الجمهور لم يعد يعرف من هو البطل ضمن ثلاثي المعادلة، هل هو كارتيــرون، أم مرتضى منصور، أم هو كاتب الســيناري­و الذي كرر حكاية هروب أخرى بطلها السويسري رينيه فايلر مدرب الأهلي الذي ســيرحل بدوره خلال الســاعات الأولى لمطلع أكتوبر/تشــرين الاول مســتندا على أحد بنود العقد الذي يسمح له بالمغادرة قبل العاشر من أكتوبر بدون شروط من الأهلي.

مســاعي إدارة النــادي الأهلــي بدورهــا فشــلت في إقنــاع الرجل بالاســتمر­ار، على الأقل إلى غايــة نهاية مســابقة دوري الأبطال، رغم محاولاتهــ­ا تقــديم عــرض للتوقيع على ملحــق للعقد وتجــاوز مرحلة صعبة وحساسة في حياة النادي الذي يدفع ثمن الهفوة التي ارتكبها في صياغة العقد الذي يربطه بالمدرب السويسري ويسمح له بالرحيل بدون تعويض، ليجد نفسه في مأزق تحمل التبعات والبحث عن البديل الذي ســيكون محليا لا محالة بحكم ضيــق الوقت والحاجة الملحة الى مدرب يعرف البيت جيدا وهو ما ينطبق على الكابتن محمد يوســف أو اللاعب السابق عماد النحاس الذي يشرف على المقاولين العرب.

اذا كانت وجهة كارتيرون معروفة منذ بداية الأزمة بعدما دفع قيمة الشــرط الجزائي، إلا أن وجهة السويســري رينيه فايلر مدرب الأهلي لم تتضح بعد، ما يعزز كذلك الشــكوك في نظرية المؤامرة التي سادت فــي بعض الأوســاط الكروية، خاصــة اذا كانت وجهتــه المقبلة نادي بيراميدز الذي ســبق له وأن أغرى السويســري براتــب خيالي، فضلا عــن عروض أندية خليجية تترصد الوضع إيمانا منها بأن المدرب الذي ينجح مع الأهلي أو الزمالك وسط ضغوطات جماهيرية وإعلامية أكيد ســينجح مع أي فريق خليجي، لكن الغموض يبقى يكتنف هوية البديل تحت ضغط الوقت والجماهير والاعــام، وموعد نصف نهائي دوري الأبطال الذي لم تعد تفصلنا عنه سوى بضعة أيام.

مهما كان البديل فإن الأكيد أن رحيل باتريس كارتيرون عن الزمالك ثــم رينيه فايلــر عن الأهلي في نفس الوقت وبنفس الشــكل لا يمكن أن يكــون من باب الصدفة، ولا يمكن أن يكون بســبب مؤامرة متبادلة بين الفريقــن، لكنه أبدا ليس من باب الصدفة أيضا أن يحدث نفس المصير لعملاقي الكرة المصرية في نفس الوقت دون تدخل طرف ثالث يسعى الــى خلط الأوراق والتشــويش على الناديين أو إلهــاء الرأي العام في مصر عن قضايا أساســية مهمة كما جــرت العادة في كل مرة، خاصة وأن الأمر يتعلق بالفريقين الأكثر شعبية في مصر.

بعيــدا عــن نظرية المؤامــرة التي تبقــى قائمة، يجمع جــزء كبير من المتابعين للشــأن الكــروي في الأهلــي والزمالك على وجــود خلل في التعامل وســوء فــي التســيير والتقديــر والتخطيط فــي نهاية الجزء الأول من المسلســل، فــي انتظار الجــزء الثاني الذي بدأ فــي الزمالك بتعيــن مدرب جديــد، أو بالأحرى ممثل جديد لن ينتــزع لقب البطولة من الرئيــس مرتضى منصور، في وقت دخل مسلســل الأهلي حلقاته الأخيرة بسيناريو تكميلي يحبذ البطولة الجماعية على الفردية المطلقة، ويعطي الوقت قبل اتخاذ القرار الملائم لكيان يملك تقاليد وثقافة بعيدة عن الارتجال والتهريج. ٭ إعلامي جزائري

 ??  ?? حفيظ دراجي٭
حفيظ دراجي٭

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom