Al-Quds Al-Arabi

«بوليتيكو»: ترامب فجر مناظرة الثلاثاء مع بايدن ليخفي فشله وعجزه

-

لماذا قرر الرئيــس دونالد ترامب إشــعال النار في أول مناظرة تلفزيونيــ­ة له مع منافســه الديمقراطي جوزيف بايدن؟ الجواب كمــا يقول ريان ليزا إن ترامب على خلاف عــام 2016 لم تكن لديــه أي نقطة للهجوم على منافســه ولا رســالة وما تبقى لديه هــو التنمــر والمقاطعة وكلام استفزازي.

وقال إن المناظرة كما وصفها عدد من المعلقين الأمريكيين كانت «عــاراً» و«عرضاً مخزياً » و«تصــادم قطار » و«مثيراً للرهاب». وأضاف أن ترامب دخل المناظرة متأخراً بســت نقاط عن بايدن وكان يواجه الفرصة الأخيرة ليقلب الأمور رأساً على عقب وبإستراتيج­ية - إن كان يصلح عليها هذا الوصــف - وقرر تفجير المناســبة التي امتــدت 90 دقيقة من التنمر والاســتفز­ازات. وهذا لا يعنــي أن ترامب جديد على هذا الأســلوب ولم يكن لديه هذا الدهاء في مناسبات كهذه. ففي عام 2015 و2016 وأثناء الترشــيحا­ت للحزب الجمهــوري الذي كان لديه عدد من المرشــحين الأكفأ منه، لجأ ترامب إلى الاســتعرا­ضات المسرحية ووسم منافسيه بالألقاب الســيئة والحديث عن سياسات شــعبوية مثل الهجــرة والتجارة لكي يجعل من نفســه مركــز النقاش، ومضى مــن البداية إلى النهاية لكي يحصل على ترشــيح حزبه.

وفي خريف عام 2016 اســتخدم وبدهــاء موضوعات الهجرة والتجــارة ونظام الصحــة أو أوباما كير وقضايا شــخصية تتعلق بمزاعم فساد هيلاري كلينتون. وأنتجت الصيغة لــه انتصــاراً فــي التجمعــات الانتخابية وفاز بثــاث ولايات في وســط الغرب الأمريكي- بنســلفاني­ا وويسكونســ­ن وميتشــغن، وهي ولايات معروفة تقليدياً بدعمهــا للديمقراطي­ين في الانتخابات الرئاســية. وعادة ما حفل أداؤه المســرحي بالمعلومات الكاذبــة والهجمات الشــخصية غير المبررة والمقاطعة المســتمرة للمناظرات. ولكن ترامب كانت لديه رســالة واضحة وجدل متقن ضد منافسه.

ثلاثة أسباب

لكــن ليس يــوم الثلاثاء الــذي كان مختلفــاً ولثلاثة أســباب: فترامب، ملك الماركة السياســية التبسيطية، لم يعد لديه رســالة. ففي 2016 كانت لديــه أربع دعائم وهي الهجــرة والتجارة وأوبامــا كير والفســاد. وكانت لديه شــعارات فعالة مثل «لنجعل أمريكا عظيمــة مرة أخرى» و «ابن الجدار » سريعاً. لكن ما هي رسالة ترامب عام 2020 ؟ الجواب الذي يقفز للذهن هو لا شــيء. فليس هناك أجندة للكونغرس. فقد سألته صحيفة «نيويورك تايمز» قبل فترة عما سيفعله في ولايته الثانية. وسجلت عنه قوله إنه يريد تخفيــف التنظيمات والضرائب وتعيــن قضاة محافظين وتأمــن الحدود. ولكن الصحيفة ســجلت ملاحظة مؤذية وهي أن عدم رد الرئيس هو الــرد فهو يقول: «ولكن أيضاً أعتقد وأعتقد أنها ســتكون، وأعتقد أنها ستكون جداً جداً، وأننا سنكون في وضع قوي جداً جداً. وسنواصل ما نقوم بعمله وســنقوي ما عملناه ولدينا أمور أخرى على الطبق وسنقوم بعملها .»

الثاني، حفل بيان حملــة ترامب الانتخابية على خليط غريب من الطموحــات الكبيرة مثل «خلــق مليون فرصة عمل في 10 أشهر» القضاء على كوفيد-19 وعبارات تؤكد علــى المحافظة مثــل خصوصية التكنولوجي­ــا الأمريكية. وعندمــا يصل الأمر لمناقشــة هذه القضايــا لا إجابة لدى الرئيــس. وفي عــام 2016 كان لدى ترامــب نقطة هجوم واضحة ومحددة ضد هيلاري كلينتون: فقد كانت فاســدة وجزءاً من المؤسسة في واشنطن وسيحكم عليها بالسجن لو أصبحت رئيسًــا. وناقــش خيانتهــا المزعومة بحذف الرســائل الشخصية التي أرســلتها من برنامج الحكومة. ولكن بايــدن أثبت أنه هدف مراوغ ولوقت طويل. فهو مرة «جوي النائم» (كناية عن البله( وأحياناً خطير ومتشــدد. وعند هذه النقطة من الحملة الانتخابية أصبحت كلينتون شــخصية مكروهة بين المؤيدين المتحمســن لترامب. ولا يبدو أن لهؤلاء الأنصار الكراهية نفسها لبايدن.

إخفاقات ترامب

الســبب الثالث هو أن ترامب يعاني من فقر في ســجل الإنجازات. وهو ما كان سببا لتراجع شعبيته منذ سنوات وحتى فــي الوقت الذي ازدهــر فيه الاقتصــاد. ولم يكن ترامب أول رئيس يفوز بالانتخابا­ت من خلال تقديم نفسه كسياسي شعبوي وخارج عن المؤسسة الحاكمة، فهذا قديم قدم الجمهورية الأمريكية. لكن ترامب وعلى خلاف الغرباء مثلــه والذيــن دخلوا البيــت الأبيض وبــدون خبرة في السياسة ولا كفاءة لهم للحكمة غالباً ما اكتشفوا محدودية

مواصلة الحملات الانتخابية. وقد حدث هذا في مينيسوتا ومع جيسي فينتورا الذي أصبح حاكماً بعدما كان مصارعاً وقرر عدم ترشيح نفسه مرة أخرى في 2002.

ولو اســتطاع المشــاهد للمناظرة الأخيرة الاســتماع وســط الســباب والمقاطعات لرأى محاكمة بايدن لترامب حول كيفية تعامله مــع فيروس كورونا وإدارته للاقتصاد والعناية الصحية، خاصــة آثار إلغاء أوباما كير. ولم يكن بايدن قائداً ومســيطراً يوم الثلاثاء ولو استطاع التغلب على ترامــب المقاطع دائمــاً لربما دمره. ولــو كان المناظر بيرني ســاندرز لأباده كمــا كتب جوناثان تاســيني في نيويورك تايمز. وبدون رســالة أو قضية قاتلة ضد بايدن ولا قــدرة على الدفاع أو ســجل يدفع النقــد عنه فقد لجأ ترامــب إلى تفجير الحزام الناســف. وربمــا كان يريد أن يلوث كلاً مــن بايدن والمحكم بينهمــا كريس والاس الذي لم يكن قادراً على وقــف مقاطعات الرئيس. وفي مرة قال: «سيدي الرئيس من فضلك توقف» وكان يتحدث نيابة عن الكثير من المشــاهدي­ن. ولو استطاع ترامب تشويه والاس وبايدن فعندها لن يكــون هناك أحد للتقليل من إنجازاته. كما أن الســباب والإهانات والمقاطعات من ترامب لبايدن والهجــوم على عائلة الأخيــر جعلت مــن الصعوبة أمام المرشــح الديمقراطي المعــروف بأنه محــاور هادئ تقديم رؤيته.

ومهما كان السبب وراء هذه الاستراتيج­ية وما ستنجزه فهي نتاج مرشــح يائس موحل بأزمــة صحية خارجة عن السيطرة، تراجع في اســتطلاعا­ت الرأي ويكافح من أجل تقديم مبرر للأمريكيين كي يمنحوه ولاية ثانية.

 ??  ?? أمريكيون يتابعون المناظرة الرئاسية الأولى بين بايدن وترامب الثلاثاء
أمريكيون يتابعون المناظرة الرئاسية الأولى بين بايدن وترامب الثلاثاء

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom