Al-Quds Al-Arabi

السودان: التوقيع على اتفاق السلام غداً... وتمويل تنفيذه أبرز الصعوبات

-

■ الخرطــوم - أف ب: توقــع الحكومــة الســوداني­ة غداً الســبت في جوبا عاصمــة جنوب الســودان، اتفاق ســام مع المتمردين ينهــي عقودا من الحــرب في ولايات دارفور وجنوب كردفــان والنيل الأزرق، وذلك بعد أن وقع الجانبــان الاتفاق بالأحرف الأولى فــي جوبا أيضاً، نهاية آب/أغسطس الماضي.

ويحمل مكان التوقيع دلالة تاريخية لدولتي الســودان وجنوب الســودان التي انفصلت عن السودان بعد حرب أهلية بــن الجانبين امتدت 22 عامــا وخلفت مليوني قتيل وأربعة ملايين نازح ولاجئ.

وانتهت تلك الحرب بتوقيع اتفاق ســام منح مواطني جنوب الســودان حق تقرير المصير، وفي عام 2011 صوت الجنوبيون لصالح دولتهم المستقلة.

وقال توت قلوال، رئيس فريق وساطة جنوب السودان، في محادثات السلام السودانية للصحافيين في جوبا "هذه الاتفاقية مهمة للســودان وجنوب الســودان، اســتقرار السودان من استقرار جنوب السودان. إن كان هناك سلام في السودان سيكون هناك سلام في جنوب السودان نحن شعب واحد في دولتين" .

ويأمــل الســوداني­ون أنّ تنجح حكومتهــم الانتقالية المختلطــة بين المدنيين والعســكري­ين في إســكات رصاص البنــادق بعــد أن أطاحــت بالديكتاتو­ر عمر البشــير في نيسان/إبريل 2019 بعد أنّ حكم البلاد لثلاثين عاما.

اتفاق

«

واقعي

»

وبيّن رئيس مفوضية الســام الســوداني­ة ســليمان الدبيلو : "هذا يوم تاريخــي. نأمل أنّ ينهي التوقيع القتال إلى الأبد ويمهد الطريق للتنمية".

وقال إن الاتفاق تطرق إلى جذور القضايا الســوداني­ة.

وقال إنّ "الاتفاقية ســتوقع عليها أغلب الحركات المسلحة ماعدا اثنتين ونأمل أن تشــجعهما على توقيع اتفاق سلام والانضمام للعملية الســلمية في البــاد، لأن هذه الوثيقة نظرت إلى القضايا الســوداني­ة بصورة واقعية، وفي حال تم تطبيقها ستحقق سلاما".

وســتوقع على الاتفاق مــن جانب المتمرديــ­ن )الجبهة الثوريــة الســوداني­ة( وهــي تحالف من خمــس حركات مســلحة وأربع سياسية تنشــط في مناطق دارفور غربي البلاد وجنوب كردفان والنيل الأزرق في الجنوب .

ويأمل الســوداني­ون أن يســهم التوصــل للاتفاق في تطوير هذه المناطق المنكوبة بالنزاع منذ سنوات طويلة.

لكن فصيلين رئيســيين هما "جيش تحرير الســودان" بقيادة عبد الواحد نور، الذي يقاتل في دارفور، و"الحركة الشعبية" جناح عبد العزيز الحلو التي تنشط في منطقتي جنوب كردفــان والنيل الأزرق لم تنخرطــا في مفاوضات السلام.

وخلف النزاع في إقليم دارفور الذي اندلع في عام 2003 نحو 300 ألــف قتيل و2,5 مليون نازح ولاجئ، حســب بيانات الأمم المتحدة.

وبدأت الحرب في منطقتي جنوب كردفان والنيل الأزرق عام 2001 وتضرر بسببها مليون شخص.

وتتكــون الاتفاقية من ثمانية بروتوكــول­ات تتعلق بقضايا ملكية الأرض والعدالــة الانتقالية والتعويضات وتطوير قطاع الرحل والرعوي وتقاســم الثروة وتقاســم الســلطة وعودة اللاجئين والمشــردي­ن، إضافة للبروتوكــ­ول الأمني والخاص بدمج مقاتلي الحركات في الجيش الحكومي ليصبح جيشا يمثل كل مكونات الشعب السوداني .

ورغــم أن فريقا من المتمردين يصفــون الاتفاق بأنه تتويج "لنضالهم ضد نظام البشير"، إلا أن محللين يشيرون إلى مزالق قد تواجه تطبيق الاتفاق.

وقال المتحدث باســم الجبهة الثورية أســامة ســعيد عبر الهاتف من جوبا "التوقيع على الاتفاق تتويج لمشــروع نضال الجبهة الثورية ضد نظام البشير، والاتفاق خاطب جذور الأزمة السودانية ويمهد الطريق للانتقال الديمقراطي في البلاد ". «

مزالق

»

لكن رئيس تحرير صحيفة "التيار" اليومية عثمان ميرغني، أشار إلى "مزالق" على طريق تطبيق الاتفاق.

من توقيع اتفاق السلام بالأحرف الأولى

وقال إنّ "الاتفاق يقوم على تقاســم الســلطة بين الحكومة والموقعــن من المتمردين، لكنّ ماذا بشــأن الآخرين؟" .

أما الباحث جان بابتيست غالوبين المتخصص في الشــأن الســوداني فأكد أنّ الحكومة في ظل وضعها الاقتصادي الحالي ســتواجه صعوبــات في تمويل تنفيذ الاتفاق المكلف.

وأوضــح "بدون مســاعدات خارجية لــن تتمكن الحكومة من تمويلها لأن الاقتصاد ينهار. ومن المرجح

أن تعطى الأولوية المالية لإدمــاج آلاف المقاتلين على حساب تسريحهم أو تعويض الضحايا" .

وأضــاف غالوبين "جزء كبير مــن النصوص يظل حبراً على ورق ولكن ليســت هذه هي القضية، الأمر المهــم هو إعادة ترتيــب موازين القــوى بين مناطق البلاد المختلفة" .

وأكّدت وزارة المالية الســوداني­ة في بيان الأربعاء أنها بصدد وضع خطــة مالية لتنفيذ الاتفاق، دون أن تكشف عن مزيد من التفاصيل.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom