Al-Quds Al-Arabi

فلسطينيو الداخل يحيون ذكرى الشهداء ويطالبون بلجنة تحقيق على غرار ما جرى يوم «الأحد الدامي» في أيرلندا

20 عاما على هبّة القدس والأقصى والانتفاضة الثانية

- الناصرة ـ «القدس العربي» من وديع عواودة:

أحيا فلسطينيو الداخل الذكرى العشرين لهبة القدس والأقصى والانتفاضة الثانية بزيارات أضرحة الشــهداء وتنظيــم مظاهــرات افتراضيــة على شــبكات التواصل الاجتماعي، بسبب الإغلاق العام المفروض نتيجة انتشار جائحة كورونا.

وأكد رئيس لجنــة المتابعــة العليا داخــل أراضي 48 محمــد بركة لـــ " القدس العربــي" أن الفعاليــا­ت بدأت أول من أمس وستســتمر اليــوم إحياء لتلــك الهبّة التي خرجت فيها الجماهير الفلســطين­ية بحشودها، لترد على عدوان الاحتلال على المســجد الأقصــى المبارك والقدس، ولتكون نقطة انطلاق لعدوان واســع النطاق على الضفة والقطاع ليســتمر قرابة أربع ســنوات، ارتقى فيها آلاف الشهداء وعشــرات آلاف المصابين والمعتقلين من بينهم 13 شابا شــهيدا داخل أراضي 48 استشــهدوا بنيران القمع والاضطهاد، وبرصاص القناصة الذين أرسلتهم المؤسسة الإسرائيلي­ة الحاكمة لقمع مظاهرات الغضب.

وقــال إن إحياء الذكرى يأتي حزينا لتورط المؤسســة الإســرائي­لية الحاكمة بإغراق الفلسطينيي­ن بالدم. مشددا على إن الشــعب الفلسطيني ككل بما يشــمل فلسطينيي الداخل يبقى أقوى من كل المؤامــرا­ت التي تحاك لتصفية القضية الفلســطين­ية العادلة، وأقوى من كل السياســات العنصرية والتحريض الدموي عليها.

وتابع بركة " فهذا أوان رص الصفوف، ونحن متفائلون من المؤشــرات الجارية على الساحة الفلســطين­ية لرأب حالة الشرخ القائمة ". وأكد أن لجنة المتابعة العليا تتمسك بفتح ملف التحقيق في قتل الشــهداء الـــ 13، وإخضاع كل المتورطين الإســرائي­ليين للمحاكمة، بمن فيهم واضعو سياسات ســهولة الضغط على الزناد ضد كل عربي لأنه عربي.

ودعا لاســتذكار الشــهداء ومنهم شــهداء فلسطينيي الداخل رامــي غرّة )جــت المثلث( أحمد صيــام جبارين )معاويــة( محمد جبارين ومصلح أبو جــراد )أم الفحم( وسام يزبك، وإياد لوابنة، وعمر عكاوي )الناصرة( محمد خمايســي )كفركنا( رامز بشــناق )كفر مندا( عماد غنايم ووليد أبو صالح )ســخنين( علاء نصار وأســيل عاصلة )عرابة(.

الوحدة الكفاحية

وأكد التجمّــع الوطني الديمقراطـ­ـي أن الوفاء لذكرى الشهداء يكون اوّلًا بالوفاء للقضية التي ضحّوا من أجلها وبالنضال ضد نظام الابرتهايد الإســرائي­لي، الذي لا يزال يرتكب الجرائم بحق شعبنا الفلسطيني.

وجاء في بيان التجمّع ان "شــعبنا فــي الداخل خرج للتظاهــر وللتعبير عن غضبه علــى جرائم القتل والقمع، التــي قامت بها الأجهــزة الأمنية الإســرائي­لية ضد أبناء شعبنا الفلســطين­ي في الضفة والقطاع، وعلى استباحة المســجد الأقصى من قبــل قطعان المســتوطن­ين ومن قبل المجرم إريئيل شــارون، الــذي اقتحم المســجد الأقصى بحماية قوة عسكرية إسرائيلية"، مذكرا بأن الهبّة جاءت من أجــل القضية الوطنيــة وليس لمطالــب مدنية، وهي ســتبقى كذلك في الوعي والوجدان الشعبي، مهما حاول المتأسرلون الجدد والقدامى تزييف التاريخ.

وتابع ان مواجهات أكتوبر2000 مثلت وحدة كفاحية للشعب الفلسطيني، وشــهداء هبّة القدس والأقصى هم جزء لا يتجزّأ من شهداء الشــعب الفلسطيني، وارتكبت إسرائيل جرائم حرب خلال قمعها للانتفاضة الثانية أدت الى سقوط أكثر من أربعة آلاف شهيد وإلى عشرات الآلاف من الجرحى، ومع ذلك واصل الشعب الفلسطيني نضاله العنيد ضد الاحتلال، ما اجبر إســرائيل على الانسحاب من قطاع غزة بلا قيد او شرط"، داعيا للتذكر بأن "الشعب الفلسطيني مســتعد لتقديم التضحيات لتحقيق الحرية

متظاهرون من مناطق 48 يحيون الذكرى العشرين لهبة القدس والأقصى بزيارة قبور الشهداء

والاستقلال، لكنه لا يقبل بان تذهب تضحياته سدى في ظل الانقســام وغياب الإرادة الوطنية الموحّدة، وعليه فإنّ الوفــاء لدماء الضحايا يكون عبر الالتزام بالوحدة الوطنيــة وبالنضال الشــعبي الكفاحــي ضد الاحتلال ومــن أجل تصحيح الغبن التاريخي الذي لحق بشــعب فلسطين" .

وهم الاندماج

وضمــن التعبير عــن تباين المواقف السياســية لدى الفعاليــا­ت الفلســطين­ية فــي الداخــل حيال المســافة مــن إســرائيل، أشــار التجمّع فــي بيانه إلــى ان هبة القدس والأقصى كشــفت زيف ما تســمّى بالديمقراط­ية الإســرائي­لية، وفضحت وهم الاندمــاج وأثبتت لكل من هو بحاجة لإثبات بأن المواطنة الإســرائي­لية لا تحمي من بطش وإجرام أجهزة الأمن الإسرائيلي­ة، التي تتعامل مع المواطنين العرب كأعداء وليس كمواطنين.

وأضاف "أجرت إســرائيل تحقيقا صوريا عن جرائم قتل شبابنا في أكتوبر/تشــرين الأول 2000، وأغلقت كل الملفّات ولم توجه أي تهمة لأي من افراد الشرطة. وحيث مر هذا القتل بلا حســاب أصبح إطلاق النار أسهل وقامت أجهزة الأمن الإسرائيلي­ة بقتل أكثر من مئة مواطن عربي بعد عام 2000، دون ان ينال أي شرطي عقابا يذكر" .

وعــاد التجمع في بيانه وأكّد رفضــه لتقرير لجنة أور الإســرائي­لية وما تلاه من تحقيق إســرائيلي هدف الى التغطية على المجرمين وعلى الجريمة لا إلى الكشف عنهم وعنها.

وجدّد التجمع مطالبته بتشكيل لجنة تحقيق مستقلة بالتنسيق مع لجنة المتابعة ويشارك فيها قضاة ومحقّقون دوليون، كما جرى بإعادة التحقيق بعد 23 ســنة بشأن "يوم الأحد الدامي" في أيرلندا الشمالية.

كما أكــد التجمع الوطني أن السياســة الإســرائي­لية تجاه فلســطينيي الداخل بعــد عام 2000 لــم تتغيّر إلّا

إلى الأســوأ، حيث عملت على حصر حقوقهم بالحصول على فتــات من الحقــوق الفردية المعيشــية وبالاندماج الاقتصــاد­ي المشــروط بالإلحــاق بهامــش المنظومــة الرأسمالية الإسرائيلي­ة المهيمنة. منوها في المقابل لازدياد ملاحقة التيارات السياسية، التي اتهمتها لجنة أور بأنها "المحرّك الأساســي لتغيير الوعي" لدى الفلسطينيي­ن في الداخل، وبأنّها ساهمت في اندلاع هبة القدس والأقصى، وبالأخص الحركة الإسلامية الشمالية والتجمّع الوطني الديمقراطي.

ودعا التجمّع في نهاية بيانه الى استخلاص العبر من هبة القــدس والأقصى والانتفاضة الثانيــة، مؤكّدًا على وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة مصيره وضرورة بناء استراتيجية نضالية يشــارك فيها شعبنا في كافة أماكن وجوده، دون أن يشير لملامح الاستراتيج­ية المنشودة أو الحل المنشود.

سياسات التطبيع

وأكــدت الحركــة الإســامية الجنوبيــة "أن الذكرى العشــرين لهبّة القدس والأقصى وذكرى الشهداء الذين ضحّوا بأرواحهم وســالت دماؤهم في أكتوبر عام2000 دفاعــا عن هويّة القدس والأقصى وعــن ثوابتنا الدينيّة والوطنيّــة كانت ومــا زال الصراع علــى هوية القدس والأقصى مستمرا، ولا تزال محاولات التهويد والتقسيم والحصار على أشــدّها، في ظل واقع عربي أليم تســوده الفرقة والشــرذمة، ولا يزال الاحتــال جاثما على صدر شعبنا الفلسطيني".

وعلى غرار التجمع الوطني شددت الحركة الإسلامية على أنّ وحدة وصمود أبناء الشــعب الفلسطيني الذين تصدّوا لشــارون عند دخوله المســجد الأقصى المبارك، والذيــن انتفضوا ضد الاحتلال الذي ســفك دماء أبنائه في المســجد الأقصــى وفي الضفــة وغزة وفــي الداخل الفلسطيني، أثبتت أنه حيّ وأنه على استعداد للتضحيّة دفاعا عن حرّيّته وكرامته.

وتابعت "على رأس هذه التحديات تســارع سياســة التطبيع التي يقودها الثنائــي ترامب- نتنياهو وبعض الأنظمة العربية التي هرولــت للركوب في قطار التطبيع الــذي يخــدم نتنياهــو وترامــب، ويكرّس ويشــرعن الاحتلال، ويصادر حقوق الشــعب الفلسطيني. إنّ الرد على هذه التحديات ينبغي أن يكون بوحدة صف وموقف فلســطيني يعيد للبيت الفلســطين­ي وحدتــه من جديد خلف مشــروع وطني وحدوي يكنس الاحتلال ويسعى للاستقلال" .

علامة فارقة

وشــددت على أنّ هبّة القدس والأقصى ستبقى علامة فارقة في تاريخ الفلســطين­يين الوطني، ومحطّة نضاليّة كبرى، أثبت فلسطينيو الداخل من خلالها إصرارهم على التصدّي لمشروع التهويد والإقصاء الذي جسّده اقتحام شــارون لباحات المســجد الأقصى بتاريــخ ‪2000/9/ 28‬ والــذي كان الشــرارة التي أشــعلت انتفاضــة القدس والأقصى. وتابعت " إنّ دماء شهدائنا وجرحانا ستلاحق المجرمــن الذين أمــروا بإطلاق الرّصاص على شــبابنا الذين خرجــوا للتعبير عن احتجاجهــم وغضبهم على تدنيس مقدساتهم.

إنّ الجريمة التي حدثت فــي أكتوبر 2000 هي وصمة عار فــي جبين مــا تســمّى "الديمقراطيّة الإســرائي­ليّة" وسيبقى ملف شــهدائنا مفتوحا طالما بقي المجرمون دون محاكمة ولا عقاب. إنّ الشــعب الذي قــرّر الحياة لا ولن ينسى شهداءه، ولن ينسى ملاحمه الوطنيّة خاصة وأننا ما زلنا نخوض نفس النضال مــن أجل الأرض والهويّة، ومن أجل القــدس والأقصى، وضد الاحتــال والتمييز والعنصريّة".

وأكدت الحركة العربية للتغيير أن مرور عشرين عاما من الغضب والألم لدى عائلات الشــهداء وشعبنا بأكمله

هي بمثابة بقعة ســوداء تضاف الى الزي المتسخ لتاريخ دولة اسرائيل الدموي تجاهنا.

وتابعت العربية للتغيير برئاســة النائب أحمد الطيبي "من هنا نؤكد على أننا لن ننســى ولن نغفر، نحيي الذكرى ونجدد الوفــاء لدماء الشــهداء ونطالب بمعاقبــة القتلة والمجرمين". وأكدت على أن إســرائيل التي تقتل مواطنيها من جهــة وتكافئ المجرمين الذين قتلوهم هي ذات سياســة عنصرية مجرمة، وما زال شــعبنا يواجه قمع "قوات الأمن" والشــرطة الإســرائي­لية التي تســتهتر بالدم العربي ولا تتردد في إطلاق الرصاص وقتل المواطنين العرب في البلاد بدم بارد دون حسيب او رقيب، فســقطت أقنعة المحاكمات الإســرائي­لية ولجان التحقيق، كلجنة أور ونتائج تحقيقها، لتشجّع أفراد الشرطة على قتل أبنائنا وتبيح دماءهم، حيث سقط برصاص قوات الشرطة الاســرائي­لية منذ عام 2000 أكثر من 44 شهيدا.

وأضافــت "نحيي هــذه الذكــرى ونحن أمــام تغيّرات عربيــة وهرولة نحو التطبيــع مع اســرائيل التي يقودها بنيامين نتنياهو المتطرف الذي لا يكف عن تشريع القوانين العنصريــة، التي تســتهدف الوجود العربي الفلســطين­ي في البلاد، وعلى رأســها قانــون القوميــة العنصري، ولا يكف عن شــرعنة التمييز والاعتداءا­ت ضد المجتمع العربي الفلســطين­ي والمواطنين العرب في البلاد وهدم البيوت في البلدات العربية وغيرها من السياسات العنصرية".

الكوفية رمز القضية العادلة

وفي هذا الســياق قال الطيبي لـ" القــدس العربي" ـ "ســتبقى الكوفية رمزا لقضية عادلة، تُمثّل شــعبا يطمح للحرية والاســتقل­ال، وذلــك من خلال إنهــاء الاحتلال وإقامة الدولة الفلسطينية المســتقلة وعاصمتها القدس الشريف، درة التاج، وسنناضل من أجل تحصيل حقوقنا السياسية والمدنية أمام تطرف بنيامين نتنياهو وحكومته وسنستمر في إحياء ذكرى هبة القدس والأقصى الفارقة فــي تاريخ نضال الفلســطين­يين في الداخل، وســنروي الروايــة جيــا بعد جيــل، لكســر محاولات الســلطة الاسرائيلي­ة وأجهزتها البائسة لطمس الهوية الفلسطينية والانتماء الوطنــي للجماهير العربية الفلســطين­ية في البلاد لشعبنا الفلســطين­ي وقضيته، وسلخنا عنه. المجد والخلود لشهدائنا الأبرار".

حق تقرير المصير

وأكــد الحــزب الشــيوعي الإســرائي­لي والجبهــة الديمقراطي­ة للســام والمســاوا­ة على ضرورة التمسك أكثر بحقوق الشــعب الفلســطين­ي وتوحيد صفوف كل القوى المناهضة للفاشــية والاحتلال والمناصرة للسلام والمساواة والديمقراط­ية.

وقال في بيان مشــترك أنــه "إلى يومنا هــذا لم يزل سؤال حق تقرير مصير الشــعب الفلسطيني هو المفترق وهــو المحك، وهو الرقم الصعب في المعادلة التي تســعى الحكومــات الإســرائي­لية والإدارات الأمريكيــ­ة والنظم الرجعيــة الخائنــة للإجهــاز عليــه، وخصوصــا في إطــار "صفقة القــرن" التصفوية التي يرفضها الشــعب الفلســطين­ي في مختلــف أنحاء وجــوده، وترفضها كل قوى الســام في العالم والمنطقة، ومعها القوى التقدمية اليهودية والعربية في البلاد".

وشــددا على أنّ الرد على هذه السياسات هو التمسّك أكثر فأكثر بقيم السلام العادل والمساواة التامة، بحقوق الشــعب الفلســطين­ي في الحريــة والاســتقل­ال، بحق الجماهير العربية في العيش الكريم في وطنهم، وبمقاومة المشــاريع الأمريكيــ­ة التي لــم ولن تجلــب إلا الكوارث والحروب والفقر والويلات لشــعوب المنطقــة، بما فيها الشعب في إسرائيل الذي يرزح تحت حكومات عنصرية فاسدة تمعن في عدوانيتها وقمعها للتغطية على فسادها وعلى فشــلها في مواجهــة تداعيات جائحــة "كورونا" الصحية والاقتصادي­ة.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom