Al-Quds Al-Arabi

معطيات حول فرضية الغزو الإماراتي-السعودي لقطر بين التأثر بإسرائيل والرد الروسي وموقف البنتاغون

- مدريد- «القدس العربي» من حسين مجدوبي:

يجري الحديث منذ أكثر منذ ثلاث سنوات عن قرار اتخذته دول الخليج بزعامة السعودية بغزو قطر. ويجري تأويل وشــرح فشــل هذا المخطط بأنه نتيجة معارضة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب لخرق المغامرة العسكرية للنظام العالمي الجديد، في حين يتم تهميش عوامل أخرى كانت هي الحاسمة.

وآخر منبر إعلامي دولي تناول هذا الموضوع كان مجلة «فورين بوليســي» بداية شهر أغسطس/آب الماضي، عندما تناولت المحادثة التي جرت بين ترامب والملك الســعودي ســلمان بن عبد العزيز، وتبقى الروايــة غير كاملة. وحصلت «القدس العربي» من مصادر أوروبية رفيعة على معطيات دقيقة أشــارت إلى ما يلي:

فــي المقام الأول، صاحب مقترح الغزو هو الأمير محمد بن ســلمان الذي يتحكم في وزارة الدفاع في بلاده بشكل مطلق مستغلاً مرض أبيه، لأن الملك مازال من الجيل القديم الذي يحاول الحفاظ على بعض الأعراف الدبلوماسـ­ـية، ويدرك ما وقــع للعراق بعد مغامرة غزو الكويت. وأظهــر هذا التوجه في كبح جماح ابنه في توقيع اتفاقية الســام مع إسرائيل، حيث أخذ الديوان الملكي هذا الملف من يد ولي العهد حتى لا يسير في نهج الإمارات.

في المقام الثاني، وإن وافق الرئيس ترامب على غزو قطر، كان الجيش الأمريكي ســيعارض بشــدة وســيتخذ قرارات مضادة تصل إلى وقف الزحف العسكري السعودي-الإماراتي ومواجهته عسكرياً. ويسود لدى بعض المحللين فكرة الحرية المطلقة في اتخاذ القرار العسكري لدى ترامب، لكن الواقع شيء آخر. عندما أمر الرئيس بإنزال الجيش خلال مايو الماضي في أعقاب الاضطرابات الخطيرة التي شهدتها البلاد نتيجة مقتل جورج فلويد، قال البنتاغون على لسان وزير الدفاع مايك إسبر بأن الجيش لن ينزل إلى الشــارع، واتخذ رئيس الأركان العسكرية مارك ألكسندر ميلي موقفاً تاريخياً عندما تحدى الرئيس وأرسل برقية إلى جميع قادة الجيش في مختلف الولايات المتحدة يطلب منهم عدم تحريك الجيش ولو صدر الأمر عن الرئيس ترامب نفســه. كما يرى الجيش الأمريكــي في غزو قطر إذلالاً للبنتاغون ولهيبة تواجده في دولة تستضيف قواته في قاعدة تعد استراتيجية بالنسبة للشرق الأوسط وآسيا.

أما في المقام الثالث، وفي ارتباط بالنقطة الســابقة، فيقول مصدر عسكري أمريكي سابق لـ «القدس العربي»: «لقد دفع البنتاغون بجزء كبير من قواته في أكبر عملية عســكرية بعد الحرب العالمية الثانية لمواجهــة الغزو العســكري العراقي للكويت عام 1990 ولن يســمح بتكرار حــادث مماثل آخر وفي بلد يحتضن قاعدة عســكرية أمريكية وفي المنطقة ذاتها. هذا مســتحيل، أن يقبل البنتاغون بذلك سيكون بمثابة إطلاق النار على نفسه».

وفي المقام الرابع، تعد قطر دولة رئيسية في قطاع الغاز، ولن تسمح دولة كبرى مثل روسيا بل وحتى الصين باستحواذ الســعودية على مصادر الطاقة في قطر، وأن تتحكم في الغاز والبترول، ما من شأنه أن يضر بمصالح الصين وروسيا. وعليه، فإن هذه المغامرة عسكرية كانت ستعني، وفق مصدر أوروبي، رداً روسياً. ويضيف المصدر الأوروبي: «حذّرنا السعوديين من أنهم قد يتعرضون لرد روسي عنيف لأن الغاز بالنسبة لروسيا سلاح استراتيجي أكثر من البترول ولن تترك السعودية تتحكم فيه مثلما فعلت مع النفط. وسعت موسكو إلى تشكيل منظمة خاصة بالغاز منذ سنوات ولم توفق حتى الآن».

ولقد تحكمت ثلاثة عوامل في تفكير ولي العهد الســعودي محمد بن ســلمان وولــي عهد الإمارات محمد بن زايد في هذه المغامرة، وهو الاعتقاد بأن الســعودية مثل إســرائيل لــدى الإدارة الأمريكية، تمتلك الضوء الأخضر للقيام بمــا ترغب فيه، تقع أزمة ويتم تجاوزها واحتواؤها لاحقاً، كما يحصل مع الاحتلال، اعتقاداً من بن ســلمان بمركزية الرياض في العلاقات الدولية. ثم تأثر ولي العهد السعودي وولي عهد الإمارات بقرار روســيا إلحاق شبه جزيرة القرم بسيادتها واقتطاعها من أوكرانيا، علماً بأن الأمر يختلف في هذه الحالة بحكم أن ملف شبه جزيرة القرم هو من مخلفات تفكك الاتحاد السوفياتي، وكان في السابق ضمن أراضي روسيا منذ عام 1774 قبل إقامة الاتحاد السوفياتي.

وفي غضون ذلك، تســتبعد المصادر الأوروبية غزواً حقيقياً لقطر بقدر ما كان هدف الغزو العسكري المحدود هو خلق حالة من الفوضى وســط المؤسسات القطرية لتغيير السلطات الحالية بسلطات بديلة تكون موالية للرياض، ولهذا كان الترويج لبعض أفراد الحاكمة من فروع بعيدة عند بدء حصار قطر.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom