Al-Quds Al-Arabi

اليوم السابع

- ٭ باحث أكاديمي وإعلامي فرنسي

عنــوان عهدنــاه، ليس جديــدا، يعيدنا إلــى رصيدنا الثقافي، بدءا بسفر التكوين، كما نعرج به على أسبوعية عربية شهيرة اختفـــــت تذكــرني بأيام الشباب الباكر، وتعلم اللغــة العربية، وبشــكل معكوس )ســبعة أيام( برنامــج لـ«بي بي ســي» العربية اختفى أيضا وســجل أول ظهور لي على شاشة تلفزيونية.

لكن لليوم الســابع أيضا دلالة أخــرى، وهي جديدة، تحديدا من مستجدات هذا الأسبوع الاصطلاحية، وفي هذه الفترة، لا تعدو المستجدات الاصطلاحية، أو بالكاد كونها سمة من سمات القرارات الصحية وهنا تحديدا، قرار تخفيض حد العزل لذوي فحص الكوفيد الإيجابي إلى ســبعة أيام، بدل الأربعة عشــر يومــا المقررة أصلا. حكم المجلــس العلمي للصحــة الفرنســي فأفتى، دخل المعجم الفرنســي مصطلح جديد فاغتنى، وهكذا ظهرت «السبعية» .)

معروف أثر رقم «سبعة» على سبيل المثال، لا الحصر - ودلالات الرقــم مــن أكثرها اســتعصاء على الحصر - تجــده في تعبير «الفن الســابع» الــذي يرتبط تأريخا بالتكملــة التــي أضافها الناقد الســينمائ­ي ريتشــيوتو

كانــودو إلــى الفنــون الســتة التــي حــدد لهــا هيغل تسلســا، وفق درجتهــا من الترقــي الروحي، فأضاف كانودو الرقص والســينما إلى الهندسة والنحت والفن التشــكيلي والموســيق­ى. فهل يمكــن أن نقرأ فــي تأويل «اليــوم الســابع» كمــا حملتــه إلينــا الأخبــار الصحية الأخيرة، شــكلا مــن أشــكال الإبــداع، والإبــداع الفني تحديدا؟

قد يبدو الســؤال مثيرا للاستغراب، لكنّ لدلالة الرقم واليوم معا، «اليوم الســابع» أثرا فــي المخيال الجماعي ليــس هينا. كلنا نعـــــلم أن اليــوم السابـــــ­ع أصلا يوم راحة،

أصــا، لأن الواقع المعيش، الفــرع المنبثق عن الأصل، يكــذب القــراءة التاريخية، فالأحد يوم عمل رســمي في بلــدان كثيرة، لكــن، أكان الأحد يوم راحــة أو يوم عمل، تظل عالقة به دلالة الانطلاقة الجديدة، «البعث الجديد» الصفحــة البيضــاء التي لــم تكتب بعد. وهنــا بالإمكان عرض قراءة لـ«اليوم الســابع» تنخرط في قلب السياق الصحي وتتجــاوزه معا، فاليوم الســابع يوم التعافي، يوم اســتعادة الطاقــة والحيوية والنشــاط، يوم يحمل أيضا، بتســميته «الأحد» دلالة فاتحة مســاحة مبتكرة، يوم سيشــعر فيه كثــــــير ممن أصيبوا بداء الكوفيد، لا قدر اللــه، أو ممن صنفوا في خانة «حــالات الاحتكاك» بقــدوم يوم انفــراج، يوم اســترجاع الصحــة والطاقة، والسعادة.

لقد أدخل داء الكوفيد البشــرية في سفينة تشق بها عبــاب بحر هائج في رحلــة وجهتها اللقــاح، لكن بدون معرفة بينــة بتاريخ الوصول إلى بــر الأمان، ولا بكيفية اســترجاع هويــة اجتماعيــة واقتصادية عدلهــا الوباء تعديــا جذريا. لكن الباب مفتوح دائمــا، وليس مواربا، أمام تلك المســاحة الخلاقة، مســاحة الإبــداع اللصيقة بمواهب كل منا ونحن لا نفتأ نبحث عنها.

فمرحى، بينما تقلنا هذه السفينة من النوع الفريد إلى وجهة يرغب الجميع في تبين ملامحها، بتلك الفضاءات التــي تمثل لنــا بوابة الأمل المشــرعة، فــا نفوت فرصة اجتيازها.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom