Al-Quds Al-Arabi

المغرب: قوارب العبور النهرية التقليدية تحاول الصمود أمام التطور العمراني وقيود كورونا

-

■ الربــاط - أ ف ب:يواصــل أصحاب قوارب النقــل التقليدية بــن العاصمة المغربيــة الرباط وجارتها سلا على ضفتي نهر أبي رقراق التجديف لكســب العيش برغم ما يتهدد هــذه المهنة في ظل التطــور العمراني الهائل والقيــود المفروضة على خلفية أزمة كوفيد-19.

ويقول عادل الكرواني «قواربنا جزء من تاريخ المدينتــن لكننا نعاني اليوم دون أي دعم، نشــعر أننا مهملون». وهو واحد مــن 72 «نقالاً» يقطعون النهــر بالتناوب بــن الضفتين جيئــة وذهابا منذ طلوع الفجر إلى منتصف الليل.

ويعــرب عن فخــره بقاربه الخشــبي الصغير الأزرق اللامع المزين بزربية ووسائد صغيرة ملونة تغطيها مظلة شمسية.

وبــدأ عــادل )45 عامــا( العمل علــى متن هذه القوارب التقليدية مذ كان عمره 11 عاما وهو اليوم يناضل من أجــل الحفاظ علــى المهنةالمو­روثة عن والده من الانقراض.

وظل النهر الــذي يفصل المدينتــن عند مصبه في المحيط الأطلسي لســنوات طويلة في منآى عن التطور العمراني بســبب مخاطر الفيضانات. لكن المنظر تغير بالكامل في 2006 عندما أطلق الملك محمد الســادس مشــروعا لتهيئة ضفتيه بكلفة تتجاوز 1.5 مليار يورو. وشــارك في تصميم بعض أجزائه مهندسون معماريون مرموقون مثل الفرنسي مارك ميرمار والعراقية الراحلة زها حديد.

ويشمل المشروع طمر المســتنقع­ات على جانبي النهر وتشييد قنطرة عصرية وإقامات سكنية راقية فضلا عن ميناء ترفيهي زاد النهر بهاء.

وبــدءاً مــن 2015 فُتح خــط ترامــواي ليدعم خطوط الحافلات وسيارات الأجرة التي تنقل منذ سنوات آلاف سكان سلا يومياً إلى مقرات عملهم في العاصمة الرباط. لكــن القوارب التقليدية حافظت رغــم كل شــيء على هواتهــا الذين يســتمتعون «باستنشــاق هــواء نقي» أثنــاء رحلــة العبور والمشــي بعد ذلك على الأقدام، «بعيدا عن ضوضاء سيارات الأجرة وزحام الترامواي» كما يقول طارق السكايتي، مشــيرا أيضا إلى اســتمتاعه «بفقدان الشــعور بالجاذبية» عندما يركب القارب الخشبي الصغير.

وتكلــف رحلــة العبور بــن ضفتــي المدينتين درهمين ونصف الدرهم )نحو 0.2 ســنت( كما تقيد اللافتة المعلقــة عند الرصيف، وهو الســعر الذي حددته السلطات دون أن يتغير منذ سنوات.

وتجــذب ضفتا النهــر أيضا الكثير مــن الزوار قارب عبور تقليدي لنقل الركاب عبر نهر أبي رقراق بين الرباط وسلا

وهواة ركوب القوارب التقليدية للاستمتاع بجولة ترفيهية فــوق النهر غير بعيد عن مصبه في المحيط الأطلســي، حيث تنتصب أســوار قصبة الأوداية التاريخية بالعاصمة الرباط.

لكن الهــدوء الذي يطبــع عادة هــذه الهواية الشــعبية باتت «تكســره محركات يخوت تقترح جولات غير مرخص لها أكثر ســرعة وأكثر غلاء،» كما يقول نــور الدين بلفقيه الــذي قضى 26 عاما في التجديف على القوارب التقليدية، شاكيا أيضا «الفوضى التي يحدثها رواد دارجات جيت ســكي المائية حين يقطعون النهر بســرعة دون أن يأبهوا للمخاطر .»

وجاءت أزمة كوفيد-19 لتعمق معاناة النقالين «حيــث لم يعد هناك أي ســائح » كما يضيف زميله إدريس بودي الــذي لا يزال محافظــا على لياقته

في سن الـ62. ويســتطرد النقال الخمسيني خالد بادخلــي «نحن نمــارس مهنة تتطلــب الكثير من الجهد، يجب أن تكون أذرعك وقلبك قويين لتحريك قارب يزن طنا ونصف الطن فضلا عن وزن الركاب، خصوصا إذا كان التيار قويا.»

وقــد وهــب حياتــه كلّهــا للتجديــف محركاً القــوارب التقليديــ­ة بذراعيه إذ حــاول «تجريب مهن أخــرى لكنني أعود دائما إلى النهر»، مشــيرا إلى «الهشاشــة» التي يعانيها ممارسو هذه المهنة محرومين من أي تغطية اجتماعية.

وغير بعيد عن هــذا الرصيف المخصص لركوب القوارب تصب مراكب صيــد تقليدية حمولتها من الســردين عند رصيف مجاور تحلق فوقه أسراب من النوارس. وتقلص نشــاط المرفأ الصغير كثيرا بعدما كان إلــى حدود مطلع القــرن 20 أكبر ميناء

نهري في المغرب.

ويعانــي الصيــادون التقليديــ­ون أيضــا من تبعــات الأزمــة الاقتصادية الناجمــة عن الحجر الصحي والقيود التي تلته لعدة أشهر بسبب وباء كوفيد-19، حيث يشــعرون «بالتهميش» حسبما يقول عادل الكرواني.

وفقد الكثير منهم عمله بينما حول بعضهم وجهة قواربهم الخشبية نحو الســواحل الإسبانية على أمل العبور إليها بطريقة غير نظامية، كما يضيف.

ورغــم أن طريق الهجرة غيــر النظامية ينطلق عادة من السواحل المغربية المتوسطية شمالاً، فإن سواحل ســا على المحيط الأطلسي )شمال غرب( تحولت هــي الأخرى العــام الماضي إلــى منطلق «لمافيات الهجرة الســرية» حســبما أفادت صحف محلية.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom