Al-Quds Al-Arabi

متى يفهم الإسرائيلي­ون أنهم يعيشون تحت حكم دكتاتوري مبطن؟

- أوري مسغاف

علق والدا ك. يافطة سياســية على سور بيتهم في رأس العين. جــاء مفتش وقــال إنه أمر غيــر قانوني فأعطاهــم تحذيراً قبل الغرامة. كانت س. تقود ســيارتها في شــارع اللنبي في تل أبيب عندما لاحظت متظاهرين يســيرون بعد وقفــة احتجاجية ضد وزير الأمن الداخلــي. وعندما أطلقت صافرة الســيارة تحذيراً وأشــارت بيدها بحركة تأييد ســارع إليها شــرطي وصرخ بأن السيارة تم تصويرها وأعطاها غرامة بتهمة «إطلاق صافرة بدون حاجة». أما ن. معلم المدنيات بمدرسة ثانوية في شمال البلاد،ف عانــق صديقة له في مظاهــرة في بلفور. فانقــض عليهما رجال الشرطة وغرموهما بألف شيكل بتهمة «عدم الحفاظ على الابتعاد الاجتماعي». رفض ن. التعريف عن نفســه بناء على طلبهم قبل معرفة ســبب الاتهام الموجه له. تم اســتدعاؤه وسحبوه من بين الجمهور وجروه بالقوة إلى منطقــة منعزلة على مدخل الميدان. من خلف الجدار، همس له أحد رجال الشــرطة الخاصة السرية: «انتظر، يا ابن الزانية، سأغتصبك.»

أصبحت الديكتاتور­ية هنا، في كل مكان. الإســرائي­ليون، في معظمهم وببســاطة، لا يفهمون ما يحدث حولهم. وحين يفهمون ســيكون الوقت متأخراً جداً. أصبح الوقت الآن متأخراً جداً حتى لــو أصبحت الكتابة في نظــر عدد من كتــاب «هآرتس» عن هذا الموضوع، تشــوبها «الطفولية» والدراما والحزن. الديكتاتور­ية ليســت مجرد دبابات في الشــوارع، وإخفاء معارضي النظام، ورقابة وســلطة منفردة واســتبداد­ية، وإن كنــا نتقدم نحوها بصورة لا بأس بها. حتى الآن لا توجد دبابات في الشوارع، لكن كان هناك مظليون على الحواجز في هذا الأســبوع، وهناك المزيد المزيد من مهاجمة متظاهرين من قبل مدنيين محرضين، وبالأساس عنف شــرطي شــديد: دفع، ضرب، لكمات، عمليــات خنق. هذا الأســبوع ذقت منها لبضع دقائق عندما حاولت الوصول إلى ن. قبل أن ينفذ فيه جندي الوحدة الخاصة مراده.

هنا سلطة فردية بالفعل منذ زمن. نتنياهو لا يحسب حساب الحكومة والكابنت، ويحرض ضد المســتويا­ت المهنية و»ســلطة الموظفــن»، ولا توجد ميزانية أو خطط عمــل أو تعيينات دائمة. وقــد وقع على اتفاقات سياســية ضبابية وحده في واشــنطن،

برفقة حاشــية المخلصين، الخــدم وأبناء العائلــة. رقابة من كل اتجاه في هذه الأثناء، وبالأساس رقابة ذاتية وتطوعية. ولدينا أيضاً ترديد أعمى لأكاذيب الحاكم وخدمه. في نهاية المظاهرة في ميدان باريس في هذا الأســبوع لاحظ أ. وشقيقه شرطية تصرخ من الألم بعد أن قامت بدحرجــة حاجز ثقيل من الحديد فجرحت ركبتهــا. ركض نحوها ممرض هو أ. وقدم لها العلاج، قام بتثبيت الركبة وطلــب أن يمدوها على الرصيف، هدأهــا وقدم تعليمات لأصدقائها إلى حين مجيء ســيارة الإســعاف. بعــد ذلك بفترة قصيرة، غرد أحد مراسلي القضايا الجنائية عبر «تويتر» بصورة عن الحادث تحت عنوان «جنديــة من حرس الحدود جرحت من جسم ألقاه المتظاهرون .»

إن المس بحقوق المواطن الأساســية يشــتد، حرية التشغيل سحقت، حرية الحركة سلبت. فعلياً يحظر الخروج من هنا مثلما في كوريا الشمالية. ويمنع الذهاب إلى ســيناء والأردن براً منذ نصف ســنة. وتنتشر في الشــوارع حواجز للجيش والشرطة، أما الخروج خارج دائرة مقلصة فيحتاج إلى ســبب «ضروري»، أو تقــديم تصريح مناســب. اســتهدف الإغلاق السياســي قمع الاحتجاج وليس كورونا التي تتفشــى بدون عائق في أوســاط الأصوليين. حفنة من المراســلي­ن الشــجعان، يعتمرون القبعات، يغطون هذا الجنون بلا خــوف. أما في الكنس والمدارس الدينية ومدارس التوراة فلا وجود لرجال شــرطة أو مظليين، ولا يوجد إنفاذ للقانون أو سلطة.

اســتخدم الديكتاتور الصغيــر كورونا مرتــن: الأولى لكي يشكل لنفسه حكومة بعد فشــله في ثلاث جولات انتخابية، أما هذه المرة فلإسكات الاحتجاج عن طريق «وضع طوارئ». وهدف ذلك تحويل المعارضين له إلى مخالفة جنائية لفترة غير معروفة. وبعد ذلك تأجيل محاكمته إلى فترة غير معروفة. وإذا كانت هناك حاجة، أيضاً تأجيل الانتخابات إلى فترة غير معروفة.

الحزب الحاكم تحول إلى زمرة مجنونة من البيبيين. شركاؤه الاصوليون يســرقون الدولة ويســتخفون بها. شركاؤه الاذلاء مــن بقايا «أزرق أبيض» والعمل يشــاركون فــي الديكتاتور­ية. هذا الأســبوع قرروا، أيضاً داخل سيارة مغلقة، بأنه من المحظور التظاهر ضد الحاكم.

هآرتس ‪2020/10/ 1‬

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom