Al-Quds Al-Arabi

بعد فشله الذريع أمام كورونا: إلى قضاة إسرائيل.. كيف تنامون ليلكم وقد شرعنتم لمتهم جنائياً بـ«حجة الوباء»؟

- دمتري شومسكي

في مقاله الأخير الجمعة الماضي، أحســن يوســي فيرتر في تعداد سلســلة طويلة من إخفاقات بنيامين نتنياهــو في محاربة كورونا منذ خفوت موجة الوباء الأولــى: «لــم يحــرك أي ســاكن لرفــع عتبــة قصور المستشــفي­ات»، مــن ‪2000 1800‬ مريــض فــي حالة صعبــة. ولــم يجــدد الأنظمــة العســكرية والطبيــة، وطلــب منها إيجاد نظام فعال لقطع سلســلة العدوى والتحقيق الوبائي. وقد اتخذ عدة قرارات بشأن مدن حمراء وإغلاقات تفاضلية ثم تراجع عنها جميعاً. وقد أجل وتراجع عن خطة الإشارة الضوئية للبروفيسور روني غمزو، إلى أن احترقت جميع الأضواء. وسارع إلى فتــح جهاز التعليــم بصورة كاســحة وفريدة من نوعها في العالم... فشل تبعته استهانة» («هآرتس»، .)9/25

ما الذي يقف وراء سلســلة هذه الإخفاقات المخيفة جــداً؟ يبدو أن كل التفســيرا­ت التي طرحت حتى الآن تتركز في الأســاس علــى جانب معين في شــخصية نتنياهو، كما ظهر في انتقاد وجهه نفتالي بينيت بأن «نتنياهو مدير ســيئ بطبيعته». «هــو قابل للخضوع للضغــط وغيــر حاســم»، كتــب نحاميــا شترســلر، مقتبســاً أريئيــل شــارون الــذي قــال بــأن نتنياهــو «شــخص يكــون مضغوطــاً فــي كل حالــة، ويصاب بالذعر، وينفد صبره» (هآرتــس، ‪/9(. 22‬إضافة إلى ذلك، جميع منتقدي نتنياهو ومن يعارضونه يشيرون إلى طبيعته المتهكمة والأنانية بصورة شــديدة. هكذا يســتغل وبلا خجل وبــاء كورونا بجهوده البائســة للهرب من محاكمتــه، وهكذا يقوم بدفع معالجة وباء كورونا إلى الزاوية.

لا شــك بــأن هنــاك خطوطــاً رابطــة وواضحــة بــن وضــع نتنياهــو القانونــي، ومواجهتــه المليئــة بالإخفاقــ­ات مع أزمة كورونا. ولكن مشــكوك فيه إذا كان لصفاته الشخصية والقيادية أي وزن حقيقي في كل ما يتعلق بجذور الفشــل. عملياً، ثمة افتراض بأن كل من يجدون نفســه في مــكان نتنياهو وفي وضعه الحالي، سيفشل فشــًا ذريعاً أمام تحدي هذا الوباء العالمــي. عفــواً، حتى لــو كان مكان نتنياهو شــخص يتميز بمهاراتــه الإدارية والقيادية، وليس ذا ســمعة ســيئة كسياســي متهكــم وكاذب مرضــي، لكنه في انتظار لائحة اتهام خطيرة ضده في المحكمة، فالمنطق هو أن هذا الشخص أيضاً ســيكرس كل قواه العقلية والفكرية لهدف واحد ووحيد، وهو النضال القانوني للحصول على براءته. ربما كان ســيقرر الاستقالة من منصبــه ليوجه كل وقتــه لإدارة هذا النضــال، ولكن لأن القانــون الإســرائي­لي لا يمنــع رئيــس حكومة من الاســتمرا­ر في شــغل منصبه رغم وجود لائحة اتهام ضده، يمكــن أيضاً أن يتصرف مثــل نتنياهو ويختار البقاء فــي الحكم. كل ذلك إذا كان هو وطاقم محاميه قــد توصلوا إلى اســتنتاج بأن اســتمراره في منصبه سيخدم النضال من أجل براءته.

على كل الأحوال، من الواضح ومن المفهوم ضمناً، أن مــا كان يقــف طوال الوقــت علــى رأس اهتماماته هو كيفية نجاته قضائياً، وليســت تلك القضايا التي تتحدى الدولة ويقف هو على رأســها. هكذا، شاهدنا نفس الســلوك الشــيطاني والمنحل في جبهة الصراع ضد كورونا الذي يميز أداء نتنياهو الآن.

هنــا نعم، بغض النظــر عن شــخصيته، زعيم دولة متهــم بقضايــا جنائيــة ويمثــل للمحاكمة قــد يكون ببســاطة، يشــكل خطــراً علــى دولته وعلى ســامة مواطنيه. كل ذلك لســبب بســيط وهو أنه إنسان من لحم ودم، وجد نفســه في مشاكل مع القانون، يكون عليــه الانشــغال حصرياً بهــذه المشــاكل، من خلال إهمــال معظــم مجــالات حياة الجمهــور العامــة. في أوقات الأزمات مثل أيام الوباء، يعدّ هذا التشــخيص صالحــاً بصــورة مضاعفة. ولا شــك بأنــه ومن أجل المصلحة، يمكن ويجب أن يوافق على ذلك كل شخص عاقل ومنطقي يهتم بســامته وســامة عائلته، مهما كانــت نظرتــه لنتنياهو. بعد كل شــيء، كل شــخص عاقــل ومنطقــي يحــق لــه معارضــة اســتمرار ولاية شــخص كرئيس للوزراء إذا كان هذا الشخص يشكل خطراً على بلاده وسلامة مواطنيها.

«القانــون الفرنســي» الــذي يمنــح حاكــم الدولة حصانــة فــي وجــه التحقيــق والتقــديم للمحاكمــة، استهدف فعلياً هذا الغرض: منع وجود وضع كارثي،

محتجون اسرائيليون ضد نتنياهو خارج الكنيست

يعرض فيه رئيس الدولة ســامة المواطنين للخطر من خلال تركهــم لمصيرهم ومســتقبله­م لصالح مصيره ومســتقبله القانوني. ولأنه «القانون الفرنســي» في إســرائيل غير موجود، ولن يخطر ببــال أحد أن يقوم بسنه بأثر رجعي من أجل إلغاء محاكمة نتنياهو، لأن هذا ســيكون نوعاً من التشويه للقانون بصورة كبيرة

فقد بات من الضــروري الإعلان عن أن نتنياهو غير مؤهل لأسباب تتعلق بحماية سلامة الجمهور.

لم يبــق ســوى أن نســأل قضــاة المحكمــة العليا،

وعلى رأســهم حضرة رئيســة المحكمة اســتر حيوت: كيف ينامون الليل؟ ما الذي يشــعرون به إزاء الفشل الشــامل وغيــر المفاجــئ لرئيــس الحكومــة المتهــم بقضايــا جنائية والتي شــرعنوا فيهــا ولايته، بإدارة أزمــة كورونا؟ ولكن إذا ما قــدم للمحكمة العليا قريباً التماس لإســقاط نتنياهو لعدم أهليته، فهل نأمل بأن يقوم القضاة هذا الاعوجاج؟

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom