رياض الشعيبي: ملتزمون بالديمقراطية داخل «النهضة» ومستقبل الغنّوشي تقرره مؤسسات الحركة

«منفتحون على جميع القوى السياسية... وعارضنا حكومة التكنوقراط لأنها غير قادرة على إدارة المرحلة الحالية»

قــال ريــاض الشــعيبي، المستشــار السياســي لرئيس حركة النهضة، راشــد الغنّوشــي، إن مســتقبل الغنوشــي تقرره مؤسســات الحركة، مشيرا إلى أن العملية الديمقراطية هي الســبيل الوحيد للحفاظ على وحدة الحركة الإسلامية.

كما أشــار الشــعيبي إلــى أن معارضة "النهضــة" لحكومــة التكنوقــراط التــي شكلها هشام المشيشــي تعود إلى أن هذه الحكومــة غيــر قــادرة -بشــكلها الحالي - علــى اتخــاذ القــرارات التــي تحتاجها المرحلــة الحالية في البــاد، مؤكدا انفتاح الحركــة على جميع القوى السياســية في الســلطة والمعارضــة لتجــاوز الصعوبات الاقتصادية والاجتماعيــة والصحية التي تعيشها تونس.

وكانت حركة النهضة أعلنت أخيرا عن عــودة الدكتور ريــاض الشــعيبي، رئيس حزب البنــاء الوطني )تم حلّــه في 2019) إلى صفوف الحركــة، كما أعلنت في وقت لاحق تعيينه كمستشــار سياسي لرئيس الحركة، راشد الغنوشي.

وقــال الشــعيبي، في حــوار خاص مع "القــدس العربــي": "النقاش بدأ منذ ســنة ونصــف، وكان في ســياق اندماج حزب البناء الوطني ضمن حركة النهضة، ولكن بعــد الاتفــاق علــى هــذا الاندمــاج حدثت خلافات فــي الآراء داخل حركــة النهضة منعــت هذا الأمــر، فتوقــف الحــوار لعدة أشــهر، وتمت إعادته منذ شــهر أيار/مايو الماضي، ولكــن وفق رؤيــة مختلفة تتعلق بدعوتي بشــكل فردي للعــودة )وخاصة أن حــزب البناء الوطنــي تم حله(، وكانت هنــاك لقــاءات أســبوعية مع الغنوشــي، ناقشــنا خلالها بعض الملفات السياســية والتوجهــات العامــة للحركــة ورؤيتهــا ومســتقبلها، وأفضــت هــذه اللقــاءات أخيــرا إلى اتفــاق نهائي يقضــي بعودتي للحركــة، فــي خطــة مستشــار سياســي لرئيــس الحركــة"، مؤكــدا عــودة الأمــن العام الســابق، حمادي الجبالي لصفوف الحركــة، خلال الأيــام المقبلــة، فضلا عن بعض القيادات الأخرى.

وفيمــا يتعلق بالســجال القائــم حاليا حــول مســتقبل رئيــس الحركــة، راشــد الغنوشــي، قــال الشــعيبي "لا يســعني ســوى التأكيد علــى المبــادئ العامة وهي أنه من الضروري لأي حزب سياسي حتى يستمر أن يحافظ على الديمقراطية داخله، كمــا يجــب أن يحــل خلافاتــه الداخليــة بالحوار وليس بالصراع والضغط".

وأضــاف "أي قــرار يتعلــق بمســتقبل الغنوشي يجب أن يُتخذ داخل مؤسسات حركة النهضة )مجلس الشــورى والمكتب التنفيذي والمؤتمر الحادي عشر( وبأغلبية أعضائهــا، والحرص علــى أن يكون القرار ديمقراطــي داخــل الحركــة هــو الضامن الوحيــد لإمكانية اســتمرار هــذه الحركة

موحــدة ولتقــديم تصور حول مســتقبل الغنوشــي داخل الحركة. عموما، إلى حد الآن ليــس هناك تصــور واضح حول هذا الموضــوع، الــذي تتم مناقشــته فــي أطر مختلفة داخل حركة النهضة، وأعتقد أنه بمجــرد الوصــول إلى فكرة يقــع التوافق حولها، سيتم الإعلان عنها".

كمــا أشــار إلــى أن المؤتمــر الحــادي عشــر المقبل للحركة ســيعقد فــي كانون الأول/ديسمبر المقبل، "وفق قرار مجلس الشــورى، ولكــن لا أعــرف إن كان ذلــك موضوعيــا، عموما هــذا ما تقــرر اللجان التي تعد للمؤتمر".

وكانــت مصــادر إعلامية أشــارت إلى احتمــال تغييــر رئيــس الكتلــة البرلمانية لحركــة النهضــة خــال الأيــام المقبلــة،

مشــيرة إلــى احتمــال مغــادرة الرئيــس الحالــي، نــور الديــن البحيــري، لمنصبه وعدم ترشّحه مجددا.

وعلق الشــعيبي على هــذا الأمر بقوله "ســيكون هناك لقــاء للكتلة خــال الأيام القادمة، وســيتم انتخاب رئيســا جديدا لها، سيتم انتخاب ثلاث أسماء يختار من بينها رئيس الحركة رئيســا جديدا للكتلة

وفق القانون الداخلي للحركة".

وفيمــا يتعلــق بالائتــاف البرلمانــي الــذي يجمــع بين حزبــي النهضــة وقلب تونس وائتــاف الكرامة، قال الشــعيبي "هــذا الائتلاف -الذي يضــم 120 نائبايهدف إلى التنســيق والشــراكة، ســواء فيمــا يتعلــق بمجلــس النــواب أو بتوفير الحــزام الضــروري لعمــل الحكومــة في المرحلــة القادمة". ويشــير الشــعيبي إلى أن "النهضــة" منفتحة علــى جميع القوى السياســية )في السلطة والمعارضة(، بما في ذلك حــزب التيار الديمقراطي وحركة الشــعب. ويضيــف "الشــراكة الحكومية مفتوحــة للجميــع والدليــل علــى ذلك أن هنــاك نواب مــن خارج هــذه الكتــل التي تشكل 120 نائب، التحقت بالائتلاف الذي تشكل في البرلمان. والمرحلة التي نعيشها الآن فيهــا مخاطــر صحيــة واجتماعيــة واقتصادية كبيرة، وهــذا يدعو الأطراف السياســية في البلاد للاجتمــاع من أجل وضع رؤيــة للخروج من الأزمــة الحالية، لذلــك حركة النهضــة منفتحة علــى بقية الكتــل والأحــزاب السياســية مــن أجــل التأســيس لشــراكة حقيقــة لإدارة هــذه المرحة والمرحلة القادمة".

وكانــت حركــة النهضــة أعلنــت فــي وقت ســابق معارضتها لتشكيل حكومة كفــاءات وطنيــة، مشــككة بقــدرة هــذه الحكومــة على حل المشــاكل الاقتصادية والاجتماعية في البلاد.

وأوضــح الشــعيبي موقــف الحركــة

بقولــه "معارضة حركــة النهضة لحكومة الكفــاءات المســتقلة كانــت مــن منطلــق تصورهــا بــأن هــذه الحكومــة بشــكلها الحالــي غير قــادرة على اتخــاذ القرارات التــي تحتاجهــا المرحلــة، والآن تحــاول الحركة – مــن خلال التأســيس لنوع من الشــراكة داخــل الحكومــة- أن تتلافــى بعــض النقائــص المرتبطــة بحكومــة الكفاءات المســتقلة، وتأمل أن يتطور هذا التنسيق في المســتقبل إلى أشكال أخرى تســاعد علــى دعــم الحكومــة، ونجاعــة الإجراءات التي يمكن أن تتخذها للخروج من الأزمة الحالية".

من جانب آخر، عبّر الشــعيبي عن قلقه من "العلاقة غير الصحية" بين المؤسسات الســيادية فــي تونــس، مشــيرا إلــى أن الحركة "تأمل أن يقع المزيد من التنســيق مســتقبلا بــن الرئاســات الثــاث، لأنه الطريق الوحيد للنجاح فــي هذه المرحلة، ولتجاوز الصعوبات التي نواجهها الآن".

ويشــير، فــي الســياق، إلــى أن تأكيد الغنوشــي أن البرلمان هو مصدر الســلطة فــي البــاد "يأتي في ســياق الحديث عن أهميــة البرلمــان فــي النظــام السياســي التونسي، والدور الموكول لهذه المؤسسة للمســاهمة فــي إدارة البلاد، وممارســة دورهــا الرقابــي والتشــريعي حيــال الحكومــة، لا أكثــر ولا أقــل"، في إشــارة إلــى أن الغنوشــي لــم يقصــد بتصريحه استهداف الرئاســة التونسية، كما أشار عدد من المراقبين.