Al-Quds Al-Arabi

تداعيات وباء كوفيد-19 تفاقم أوضاع الاقتصاد المنهك في قطاع غزة المحاصر

-

■ غزة - الأناضول: شــكلت جائحة كورونا العالميــة ضربة قوية للاقتصاد الفلســطين­ي في قطاع غــزة، الذي يعاني أصــاًو حالة انهيار جراء اســتمرار الحصار الإسرائيلي المفروض عليه للعام الـ14.

وخلال الشــهر الماضــي، الذي فرضت فيــه حكومة حركة «حمــاس» حظرا للتجــوال بدأ منذ 24 أغســطس/آب، وخففته لاحقا، فَقَدَ عشــرات آلاف العمال وظائفهم، وفق الاتحاد العام لنقابات العمال في القطاع.

ويقول اقتصاديون وتجار أن حظر التجوال تسبب في شل الحياة الاقتصادية بشــكل كامل، في مختلف قطاعاتها، إلا أن إجراءات التخفيف نفضت الغبار عن بعض المهن، التي لا يتطلب استئنافها تجمعا للمواطنين، يؤدي لاحقا إلى انتشار الفيروس. كما يشكو هؤلاء من حجم الخسائر المادية التي ستطولهم جراء حالة الإغلاق. ويبلغ عدد العاملين بنظام الأجور اليومية في غزة، المتضررين بشــكل مباشــر أو غير مباشــر جراء حظر التجوال، حوالي 160 ألفا، أي 90 في المئة من العدد الإجمالي للعمال المياومين، وفق اتحاد نقابات العمال.

ويعيش في القطاع ما يزيد على مليوني فلســطيني، يعاني نصفهم من الفقر، فيما يتلقى 4 أشــخاص من بين كل 5 مساعدات مالية، حســب إحصاء للمرصد الأورومتوس­ــطي لحقوق الإنســان )مؤسســة حقوقية مقرها جنيف(، أصدره نهاية يناير/كانون الثاني الماضي قبل بدء جائحة كورونا.

ومع بداية 2020، ارتفع مؤشــرا الفقر والبطالة في القطاع المحاصر إلى 52 في المئة و50 في المئة، على التوالي، فيما يشــير اقتصاديون إلى زيادة هذه النسب بفعل تداعيات الجائحة، دون تحديدها.

فمحمــد أبو علي )22 عامــا(، أحد الذين فقــدوا أعمالهم بشــكل كامل جراء الجائحــة، يعاني اليوم من انعــدام قدرته على توفير الاحتياجات الأساســية لعائلته.

ويقول أن محل الأحذية الذي كان يعمل به منذ ســنوات توقف عن استقباله مؤقتاً «إلى حين عودة الحياة الطبيعية، واستئناف افتتاح المحال التجارية، كما كانت قبل الجائحة». ويشــكو من حالة الفقر الشديد التي ضربت عائلته جراء فقدانه لعمله اليومي الذي كان يتقاضى مقابله نحو 5.7 دولار.

كما يتخوف من عدم حصوله على فرصــة جديدة للعمل خلال الفترة المقبلة، في ظل «اســتمرار حالة الإغلاق التي تتزامن مع الحصــار وتداعياته الكارثية على غزة، وارتفاع نسب الفقر». من جانبه، يشكو الفلسطيني توفيق محمد )45 عاما(، وهو صاحب محل إلكترونيات، من قلة إقبال المواطنين على الشــراء، منذ بداية الجائحة.

ويقول «فــي البداية التزمنا بقــرار الحكومة فرض حظــر التجوال، لكن مع تخفيف هــذه الحالة، ضمن إجراءات الوقاية من كورونــا، فإن أعداد المواطنين الذين يرتادون المحل للشــراء تكاد تكون معدومة». ويرجع ذلك إلى عدم توافر الدخل لدى الكثير من العائلات، بســبب فقدانهم أعمالهم، فيما تفضّل الفئة التي لديها مصدر للدخل، توفير احتياجات عائلتها الأساسية فقط. وتكاد أسواق غزة تخلو من المرتادين، عقب فتح أبوابها مجدداً. وبحذر شــديد يتنقل بعــض الزبائن بين المحــال التجارية، لشــراء بعض الاحتياجات الضرورية، مــع التزامهم بارتداء الكمامة والحفــاظ على التباعد الاجتماعي.

يقول ماهــر الطباع، مديــر العلاقات العامــة والإعلام في «غرفــة التجارة والصناعــة» في غزة «الوضع الاقتصادي في قطاع غزة بات كارثيا. ويضيف في مقابلة «جائحة كورونا شكّلت ضربة قاضية لما تبقى من اقتصاد غزة المنهار بفعل سياسات الحصار الإســرائي­لي والتدمير الممنهج له». ويوضح أن أغلب العاملين

بنظام المياومة إما فقدوا أعمالهم أو توقفوا عن البحث عن عمل، بسبب إجراءات الإغلاق لمكافحة كورونا.

ومع تخفيف تلك الإجراءات، يرى الطباع أن بعض المهن عادت بشكل خجول إلى أســواق وشــوارع القطاع، خوفا من انتقال الفيروس للعمــال أو أصحاب العمل، إلا أن الطاقة الإنتاجية لهذه الأعمال منخفضة جداً.

ويرجع الطباع ذلك الانخفاض إلى «انعدام القدرة الشــرائية لدى المواطنين، بسبب التدهور الاقتصادي، إلى جانب توجههم لشراء المواد الغذائية والمنظفات بشكل أساســي». ويلفت إلى أن خسائر القطاع الاقتصادي بغزة تقدر بـ»ملايين الدولارات»، فيما لم يتم حصر هذه الأضرار بشكل كامل من الجهات المختصة.

من جانب آخر، يقول الطباع أن حركة الواردات إلى قطاع غزة تأثرت بشــكل نســبي جراء الجائحة. ويضيــف «هناك ارتفــاع في عدد الشــاحنات المحملة بالبضائــع الغذائية والمنظفات الواردة إلى غزة، فيما شــهد اســتيراد الســلع التجارية )الكمالية( للقطاع انخفاضا ملحوظاً».

ويشدد على أن اســتعادة اقتصاد غزة عافيته يكمن في «رفع الحصار بشكل كامل، وإنشاء مشاريع تنموية وتشغيلية».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom