Al-Quds Al-Arabi

مذكرة هولندية ضد النظام السوري وتلويح بنقل جرائمه بحق الإنسان إلى المحاكم الدولية

تطورات لا تكفي لردع الأسد ولا تنقذ المعتقلين السوريين

- حسام محمد

الانتهاكات في السجون السورية

في تحرك حقوقي دولي هو الأول من نوعه تجاه القضية السورية، قدمت هولندا بعد 9 سنوات من عمر الثورة السورية مذكرة للنظام السوري، تدعوه من خلالها لأداء مسؤولياته الدولية بسبب انتهاكات حقوق الإنسان وخرقه للاتفاقية الدولية المناهضة للتعذيب والصادرة في عام 1984 مثل عمليات التعذيب التي نفذها بحق السوريين واستخدام الأسلحة الكيميائية، وتعويض الضحايا عـن الأضـــرار التي ألحقها بهم.

وأفـاد بيان صـادر عن مجلس النواب الهولندي، أنه تم تقديم مذكرة إلى البعثة السورية لدى الأمم المتحدة، تدعو فيها النظام إلــى محادثات حــول انتهاكات حقوق الإنسان التي ارتكبها في البلاد، وأكــد البيان أن النظام الـسـوري خرق اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب لعام 1984 من خـال انتهاكات حقوق الإنسان ضد مواطنيه منذ العام 2011.

كما طُلب من النظام الـسـوري، وفق

وكــالــة «الأنـــاضـ­ــول» إعــطــاء ضمانات لهولندا إزاء وقــف عمليات التعذيب وباقي انتهاكات حقوق الإنسان، وعدم تكرارها. وفي تعليقه على الرسالة، قال وزير الخارجية الهولندي ستيف بلوك، إن نظام الأسد مسؤول عن انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا.

الـنـائـب الـهـولـنـ­دي، اعتبر كـذلـك أن التوصل إلى حل سياسي دائم في سوريا يقتضي محاسبة المـسـؤولـ­ن عـن تلك الانتهاكات، بموجب القوانين الدولية، ملوحا بنقل ملف انتهاكات النظام السوري لحقوق الإنسان إلى المحاكم الدولية.

النظام السوري، من جانبه اعتبر أن الدعوى الهولندية ضده في محكمة لاهاي هي «انتهاك فاضح لتعهداتها والتزاماته­ا كدولة المقر لهذه المنظمة الدولية ونظامها» كما ذكــرت خارجية الأســد: «مـن جديد تصر الحكومة الهولندية، التي ارتضت لنفسها دور التابع الذليل للولايات المتحدة الأمريكية، على استخدام محكمة العدل الدولية في لاهاي لخدمة أجندات سيدها الأمريكي السياسية واستعمالها منصة للقفز فوق الأمم المتحدة والقانون الدولي».

ونـقـلـت وكــالــة «ســانــا» عــن مصدر في خارجية النظام الـسـوري، قوله إن «الحكومة الهولندية هي آخـر من يحق لها الحديث عن حقوق الإنسان وحماية المدنيين، بعد فضيحتها الكبرى أمـام الرأي العام الهولندي ودافعي الضرائب من شعبها نتيجة قيامها بدعم وتمويل تنظيمات مسلحة فـي سـوريـا تصنفها النيابة العامة الهولندية كتنظيمات إرهابية».

رفض الأسد ونظامه للتحرك الحقوقي الهولندي، جاء في الأوقــات التي كانت تمنع فيها حكومته المواطنين السوريين العالقين على الحدود مع لبنان، من دخول بـادهـم إلا بشرط تصريف 100 دولار أمريكي، وهذا ما علق عليه هادي البحرة، الذي يشغل حاليًا منصب الرئيس المشترك للجنة الدستورية السورية بالقول عبر حسابه في مواقع التواصل الاجتماعي: «الــدولــة التي ترفض عــودة مواطنيها إلى وطنهم، إلا إذا دفعوا لها 100 دولار أمريكي، لا يمكن أن تمثلهم أو أن تكون أداة ممارسة الشعب لسيادته على وطنه. بل تصبح مغتصبة لهذه السيادة، ولحقوق مواطني الدولة».

مــن جـانـبـه، أكــد الائــتــا­ف الوطني الـسـوري أهمية الخطوة التي اتخذتها الحكومة الهولندية في العمل على محاسبة المسؤولين عن التعذيب في سوريا، مشيراً إلى «استعداده الكامل للتعاون وفق ما يسمح به القانون، وبما يضمن إيصال هذا الملف إلى محكمة العدل الدولية بأسرع وقت ممكن وإنزال العقوبات بالمسؤولين عن الجرائم في سوريا، والعمل في الوقت نفسه على ضمان وقف ارتكاب المزيد من الانتهاكات وأعمال القتل والتعذيب في سوريا».

واعتبر الائــتــا­ف وهــو أقـــوى جسم سياسي معارض، أن الحكومة الهولندية، تدير الملف وفق المعايير الدولية انطلاقاً من بنود اتفاقية الأمم المتحدة لمناهضة التعذيب والتي صادقت عليها سوريا عام .2004

مدير الشبكة السورية لحقوق الإنسان فضل عبد الغني، قال لـ «القدس العربي» إن «الخطوة الهولندية نحو تحقيق العدالة في سـوريـا، ومساءلة النظام السوري والتزامه باتفاقية مناهضة التعذيب، هي خطوة تأخرت تسع سنوات، لكنها ذات تأثير قـوي، وكـان من الممكن اتخاذ هذا الإجـــراء منذ عـام 2011 من قبل هولندا وبقية الدول، لكن هولندا هي الوحيدة التي فعلت ذلك .»

وأشــــار المــصــدر الحــقــوق­ــي، إلـــى أن هـذا الإجـــراء من قبل هولندا، وأن هذه الآلية تسمح باللجوء إلى محكمة العدل الدولية، باعتبار أن هولندا هي من قدمت الشكوى ضد النظام السوري لعدم التزامه بالاتفاقيا­ت الدولية، وهذا يصيب النظام السوري بالعار والمزيد من العزلة والإذلال للأسد.

تقارير اللجان الأممية مهمة للغاية وفق ما تحدث به لـ «القدس العربي» معللا ذلك، بأن هذه التقارير توثق ما يحدث في سوريا مـن انتهاكات، وتـؤكـد فـي ذات الوقت استمرار الجرائم في البلاد من قبل النظام، وتقارير المحققين الدوليين مهمة، ولكن لا يتم البناء والتحضير للخطوة التالية للحراك الأممي، وهذا ما لا يتم بشكل كافي حتى الساعة، وهنا المقصود محاسبة النظام السوري على جرائمه وعزله دوليا، ومحاسبة الأطـــراف والـــدول الداعمة له. فهدف التقارير الأممية هو الانتقال للخطوة التنفيذية من فرض عقوبات أممية وهذا لا يتم بسبب وجود الداعم الروسي الذي يعيق ذلك في مجلس الأمن الدولي وهو المسؤول عن العقوبات.

كـمـا نـــوه إلـــى أن محاسبة مرتكب الجرائم والانتهاكا­ت في سوريا ليست من مسؤولية الشعب السوري فقط، ولا مجلس الأمــن فحسب، إنمـا يفترض أن تكون هناك تحالفات دولية، وحراك أكبر لوضع حد لهذه الجرائم بشكل حقيقي، والوضع الحالي لا يشير إلى وجـود أي آمــال بــردع النظام الـسـوري ولا إطلاق سراح المعتقلين.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom