Al-Quds Al-Arabi

تحذّير برلماني من إفلاس العراق خلال 6 أشهر ... وتأخر صرف رواتب الموظفين يهدد بتظاهرات جديدة

الكاظمي يحمّل الإدارات السابقة مسؤولية الأزمة الاقتصادية

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان:

يُنذر تأخر الحكومة العراقية، برئاسة مصطفى الكاظمي، في صرف معاشات الموظفين لشــهر أيلول/ سبتمبر الماضي، نتيجــة الأزمة المالية التــي يعاني منها البلد، بدفع الشــارع للخــروج بتظاهرات، تزامناً مع رمــي وزارة المالية الكرة في ملعب مجلــس النواب، باشــتراطه­ا تمرير مشــروع قانون لـ"اقتراضٍ جديد"، مقابل صرف المرتبات.

وخــرج وزير المالية الاتحــادي، عبد الأميــر علاوي، في تصريح لوسائل إعلامٍ حكومية، أمس، عدّ فيه صرف رواتب الموظفين مسألة متعلقة بتصويت مجلس النواب على قانون الاقتراض، مؤكداً أن "هذه الخطوة ستعالج العجز الراهن في البلاد".

وأضاف: "رواتب المتقاعدين للشهر الحالي تم إطلاقها من دون أي مشــكلة"، لافتا إلى أن "رواتب ومخصصات الموظفين سيتم إطلاقها خلال الأيام أو الأسابيع القليلة المقبلة".

ووفقاً للوزير الاتحادي، فإن "المبالغ ســتكون متوفرة في حال وافق مجلس النواب علــى قانون الاقتراض"، مؤكداً أن "قانون الاقتراض مهم جداً لأنه يلبي احتياجات الدولة المالية ويعالج العجز الموجود بالموازنة".

وأقــرّ الكاظمي، أن "الأزمــة الاقتصاديـ­ـة الحالية لم تمر في تاريخ العراق ســابقاً"، معتبــراً أن "الفوضى التي مر بها العراق هي انعكاسات لسوء الإدارة في البلد"، حسب مقابلة تلفزيونية.

لكن المســاس بمعاشــات الموظفين قد يســهم في تأجيج الشــارع الُمثقل بالأزمات، ويُنشــئ حراكاً احتجاجياً عارماً، خصوصــاً أن عدد المســتفيد­ين مــن الرواتب والمعاشــا­ت الشهرية المقدّمة من الحكومة، يتجاوز الأربع ملايين شخص.

في هذا الشأن، بين الباحث في الشأن الاستراتيج­ي، علي فضل الله، في منشــور على صفحته في "فيسبوك" أمس، أن، "الكاظمي وحكومتــك. أنت عون لو فرعون، داعش ســيطر علــى 5 محافظات والنفــط وصــل 20 دولار، وكانت موازنة العراق3/4 لحرب داعش. لكن الرواتب تسلم بموعدها".

وأضــاف "الآن، لا حــرب، والنفــط أســعاره طبيعيــة، والضرائب والرسوم كاسرة ظهر الشعب، ولا توجد رواتب"، معتبراً أن "التظاهرات هي الحل".

كما علق عضــو اللجنة المالية في مجلــس النواب، محمد الدراجــي، أمس، على تصريحات عــاوي حول أزمة رواتب الموظفين.

وكتــب، في "تغريدة" علــى "تويتر" إن "في اســتضافتن­ا وزيري، المالية والتخطيط، في 10 أيلول/سبتمبر الماضي، في مجلس النواب حول عــدم الالتزام بقانون الاقتراض بتقديم ورقة إصلاح، تعهدا بتقديم مســودة بنهاية أيلول/ سبتمبر ونســخة نهائية قابلة للتطبيق في منتصف تشرين/ أكتوبر الجــاري". وأضاف: "لليوم لــم يقدما مســودة، بل يريدان الاقتراض مجدداً من احتياطي البنك المركزي".

اللجنــة المالية النيابيــة، اعترضت على مقتــرح الوزير العراقي، مشــيرة إلــى أن الحكومة تحاول رمــي الكرة أمام مجلس النواب وإحراجه.

وقالت، في بيان صحافــي أمس، إن "في الوقت الذي طال انتظارنــا فيه بتطبيــق الحكومــة ووزارة المالية لنصوص قانون الاقتراض المحلــي والخارجي الذي أقره البرلمان يوم 6-24 من هذه الســنة، والتي حــددت 60 يوما لتقديم خطة الإصلاح الاقتصادي والمالي، فقد تفاجئنا بمشــروع قانون اقتراض آخر، وكأنه عمل الوزارة هو الاقتراض فقط والذي لو استمر فسيعلن العراق إفلاسه خلال ستة أشهر من الآن، وهنا نسأل، ماذا بعد ذلك؟ وهل هذا هو الحل برأيكم؟ وماذا لو انخفضت أسعار النفط أكثر مما عليه هي الآن؟".

خلط الأوراق

وأضافت: "للأسف نرى أن الحكومة تحاول رمي الكرة أمام مجلس النــواب، وتخيره بين الموافقة على اقتراض ســيؤدي للهلكة قريبا المتمثلة بإفلاس البلاد والذي ســتتحمل نتائجه الأجيال، وبين تصريحات تحــاول الضغط علينا بتصدير أن، لا رواتب بدون مصادقة المجلس علــى ذلك الاقتراض لإحراج المجلس وخلط الأوراق".

وتابعــت، في بيانها: "نــود أن نؤكد لجميع أبناء شــعبنا أن مســألة الرواتب ليس من مسؤولية الســلطة التشريعية، وهي من الواجبــات الحكومية البحتة ومــن صلب التزاماتها أمام شــعبها، وأن أي محاولة لرمي الكرة على مجلس النواب هو تنصل عن تلك المســؤولي­ة وعن الالتزامــ­ات الواجب على الحكومة القيام بها".

إلى ذلك، حدد عضو لجنة مراقبة تنفيذ البرنامج الحكومي البرلمانيـ­ـة، محمد شــياع الســوداني، أمس، ثلاثــة مقومات لتحقيق إصــاح ينقذ البلاد من الأزمة الماليــة الخانقة، داعياً الحكومة إلى "اتخاذ قرارات جريئة".

وقال في "تدوينة" له، إن "قبل وبعد تشــكيل الحكومة اتفق الجميع علــى تحديد مهامها في ثلاثة أمــور، الأول منها إيجاد آلية ناجحة فــي إدارة الأزمة الاقتصادية بما يفضي إلى نتائج تخفف من شــدة وطأتها على المواطن وبالوقت نفسه التصدي لجائحــة كورونا التي لاحت بلدان العالــم أجمع وحامت على بلادنا ذي المؤسسات الصحية المتهالكة".

وأضــاف: "الثانــي منها هــو تهيئــة متطلبــات قانوني الانتخابــ­ات والمفوضيــ­ة العليــا؛ وترتيب الأجــواء لإجراء انتخابات نزيهة تمثل الشــعب بشــكل عادل، اما الثالث فهو إعادة هيبة الدولة وفرض ســيادة القانــون بما يعيد الحياة الى طبيعتها بعيدا عن الســاح المنفلت وســطوة الجماعات الخارجة على القانون، ولتجر الانتخابات بانســيابي­ة عالية بعيــدا عن أجواء التوتر الذي يفشــل أيَّ عملٍ كان، فضلا على أهمية الجانب الاقتصادي الذي يعدُّ الركن الحاكم الذي بدونه لن يتحقق الاستقرار ولن تُجرى أي انتخابات".

وأوضــح أن "أزمة العــراق تعد أزمةً مركبةً كونها مشــكلة اقتصادية موجودة قبــل كورونا وقبــل احتجاجات الحراك الشعبي اللذين زامنهما انخفاض أسعار النفط عالمياً وزاد عليه تخفيض حصص الإنتاج وتداعيات مــا تقدم كلّه على الوضع العراقي".

وتابع: "ومع وجود شريحة كبيرة من المواطنين كانت تنتظر حلــولاً في مجال توفير فــرص العمل والتعيينــ­ات كان الحلُّ الأمثلُ للحكومة؛ ومنذ اليوم الأول؛ أن تقدم خطابا فيه ما يكفي من الشــفافية والوضوح عن حقيقة الوضــع المالي والإجابة وبصراحة، كذلك عن ماهية الإصلاحات المطلوبة التي تعبرُ بنا إلى بر الأمان بعيدا عن هذه الأزمة، مع التســليم أن الثقة بين الدولة والقوى السياسية القابضة على السلطة والمواطن هي في أدنى مستوياتها".

وأشار بالقول: "مع بداية عمل الحكومة لاحت بوادر خجولة للإصلاحات حاولت فيها تطبيق العدالة الاجتماعية وتحديدا في موضوع ازدواج الرواتب والفضائيــ­ن والاهتمام بالمنافذ الحدودية، إلا أنها مضت في تقديم مشــروع قانون الاقتراض الداخلي والخارجــي كأحد الحلول لضمان صــرف الرواتب، الأمــر الذي قابلــه البرلمــان بالموافقة باشــتراط تقديم ورقة إصلاحات خــال )60( يوما انتهت مدتها في ‪/26( )8‬ولم تنجز هذه الورقة التــي كان يفترض أن تتضمن إصلاحات جوهرية تعالج مواطن الخلل في العراق".

وزاد: "مجددا برزت مشــكلة تأمين رواتب موظفي الدولة، فضلا على مشــكلة تأخرها والتي تمثل الشغل الشاغل والهم الأكبر للعائلة العراقيــة، إذ أن هناك أكثر من )5( ملايين عائلة تتقاضى راتبــا تقاعديا أو وظيفيا وهي تعيل نحو )30( مليون نســمة ما يفاقــم الأزمة الشــعبية؛ تحديدا في ظل اســتمرار الاحتجاجات الشــعبية، في الوقت نفســه اضطرت الحكومة إلى سحب قانون الموازنة بعد اعتراضات كثيرة على بنوده، ما حدا وزارة المالية أن تطلب من الحكومة والبرلمان تشريع قانون جديد للاقتراض".

وشــدد على ضرورة أن "تتصدى الحكومة بقرارات حقيقية تعبر عن رؤيتها متحملة المســؤولي­ة الشرعية والوطنية، إذ لا يمكن ان تبقى منكفئة على نفسها لا تفكر سوى بالقروض حلاً، والتي تجــاوزت )120( مليار دولار في ظــل غياب أي خطوة عملية باتجــاه تنمية الإيرادات غير النفطية والســيطرة على الإنفاق وتوفير فرص عمل للعاطلين؛ وقد تكون الحلول موجعةً إلا أنه على صاحب القرار أن يفكر في المصلحة العليا للبلد".

وأكد أنّ "قرار الإصلاح في بلــد مثل العراق يعاني هذا الكم الكبيــر من المشــاكل يجــب أولاً أن تُهيأ له حاضنة سياســية تدعــم الحكومة في اتخــاذ القرارات تســاندها، ثانيــاً بيئة شــعبية متفهمة تعض على الجُرح وتمضي باتجاه تنفيذ هذه الإصلاحات وتقبلها مؤقتاً لحين تجاوز الأزمة؛ أما ثالثا والأكثر أهمية فهو وجود حكومة بقرارات جريئة شــجاعة تضع نصب عينيهــا العــراق بعيدة عــن التجاذبات. لا تجامــل أيَّ طرفٍ سياســي داخلياً كان أم خارجياً ولا ترهــن قراراتها بأهداف انتخابية أو إعلامية".

وختم بالقول، أن "هذه المقومات الثلاثة كلُّها كفيلة بتحقيق الإصلاح المنشــود وايّ كلام آخر إنما هو إرباك للمشــهد ولن يوقف الانهيــار المالي والاقتصادي الذي يهــدد وحدة العراق وأمنه واستقراره".

« أمر غير مقبول »

غير أن النائب عن ائتلاف "دولة القانون"، منصور البعيجي، عدّ الحديث عن تخفيض رواتب الموظفين "أمر غير مقبول".

وقال، في بيان صحافي، إن "تخفيــض رواتب الموظفين أمر غيــر مقبول ولا يمكن القبول أو الســماح بــه نهائيا وتحت أي ظــرف، لأن الموظفين غيــر معنيين بالأزمة الماليــة التي يمر بها البلد، وهذا واجب الحكومة تجاه موظفيها".

وأضاف أن "التخبــط والأداء غير الصحيــح للوضع المالي والاقتصــا­دي للدولة غير صحيح، الأمر الــذي أدى إلى تدهور الواقع المالي فــي البلد، لذلك الأمر يحتم علــى الحكومة اتخاذ خطوات سريعة لمعالجة الواقع الاقتصادي للبلد بأسرع وقت".

وتابع أن "الاتجاه بتخفيض رواتب موظفي الدولة سيسبب كارثة اقتصادية كبيرة لهذه الشــريحة المهمة التي تخدم دوائر الدولة، خصوصا وان هذه الشــريحة رواتبهــم لا تكفيهم الى نهاية الشهر فكيف يكون الحال إذا تم تخفيضها وهذا الأمر غير ممكن نهائيا"، مشيرا إلى "أننا باعتبارنا ممثلين عن الشعب لن نقبل بتخفيض رواتب موظفي الدولة ديناراً، ولأي ســبب كان، وعلى الحكومة أن تجد خطط مناسبة لحل الأزمة المالية في البلد وإيجــاد حل لهذه الأزمة التي لطالما حذرنا من حدوثها ولم نجد اذاناً صاغية".

وأكــد أن "تخفيــض الرواتب ليس حلاً وانمــا الحل بتفعيل القطاعــات الاخرى الصناعــة والزراعة والاتصــال­ات والمنافذ الحدودية مــن أجل تعظيم إيــرادات الدولة، مــع وضع خطط مناســبة لإنهاء الأزمة الحاليــة التي يمر بها البلــد، بعيدا عن تخفيض رواتب الموظفين لأنه لن يحل الأزمة في البلد".

 ??  ?? عراقي يحصي نقوده أمام محل صرافة في مدينة السليمانية
عراقي يحصي نقوده أمام محل صرافة في مدينة السليمانية

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom