Al-Quds Al-Arabi

«أوبزيرفر»: مرض الرئيس الأمريكي محزن لكنه مسؤول عن انتشار الفيروس وتجب محاسبته في الانتخابات

-

قالــت صحيفة «أوبزيرفر» البريطانيـ­ـة إن إصابة الرئيس دونالد ترامب بفيــروس كورونا قدمت تحــولاً مثيراً إلى عام انتخابي اتســم بالتقلب. فمرض الرئيس هو ضربة شخصية له.

وتمنت له الصحيفة ولزوجته الشفاء. لكنها قالت إن حقيقة استســام الرئيس لمرض ظل طوال الأشــهر الماضية يقلل من أهميته ويرفضه، يعتبر نكســة سياسية خطيرة له. ويثير هذا الوضع أسئلة كثيرة حول أحكامه وصحته، في الوقت الذي لم يتبق إلا أقل من شــهر على الانتخابات الرئاسية في 3 تشرين الثاني/ نوفمبر.

وربمــا قال المراقبــو­ن المحايدون إن من ســوء حظ ترامب وهو بشــر أن يصاب بالفيــروس الذي قتل أكثــر من مليون شــخص حول العالم، منهم 208000 أمريكي ويجب أن لا يؤثر هذا الوضع على حظوظه في الانتخابات. ولكن هذا الســخاء في الرأي يتجاهل الحقائق الموضوعية القاسية لفترة ترامب. فمنذ ظهوره على المشــهد كمرشــح، صار من المستحيل فصل الشخصي عن السياسي؛ لأن ترامب يتعامل مع كل شيء بأنه عنه فقط.

واســتخدم ترامب ملايين الدولارات التــي ورثها عن أبيه لتعزيز صورته السياســية، وكل شيء عمله في التجارة حمل اســمه، وطالب بربط كل شــيء إيجابي حصل في واشنطن به وباســمه. وعندما وجهت انتقادات لأعماله التي مارســها كرئيــس، كان يتعامــل معهــا بطريقة شــخصية. وتظهر في خطاباته وتغريداته فكرة واحدة تتمحور حول نفسه وتظلّمه المســتمر بأنه لــم يعامل بالطريقــة التي يســتحقها. وقالت الصحيفة إن طريقة تعامل ترامب المتهورة مع فيروس كورونا ســتكلفه الكثير سياســياً. مضيفة أن التعاطف معه سيزداد، خاصــة إذا تدهــورت حالتــه الصحية، ولكن ذلك ســيكلفه سياســياً، فقد بات من الواضح الطريقة المتهورة التي تعامل فيها مع كوفيد-19.

وأكدت «أوبزيرفر» أنه يجــب على ترامب مواجهة تداعيات أفعاله بطريقة لم يرها خلال حياته المتميزة. وبســبب مرضه، أصبح المرض الذي تمنى أن يختفي يتصدر الأجندة الانتخابية، وأصبح سجله في التعامل مع المرض الذي وصل إلى أمريكا في الشتاء الماضي محلاً للتدقيق والمراجعة ويعاد النظر فيه مراراً. وكان ترامب وليس منافســه الحذر جوزيف بايدن الذي أعلن في كانون الثاني/ يناير أن الفيروس «تحت السيطرة».

وكان ترامب هو من شبه كورونا بالإنفلونز­ا العادية، وتوقع اختفاءه يوماً ما مثل المعجزة. وزعم ترامب في الفترة الأخيرة أنه قلل من أهمية الفيروس حتى لا يحدث فزعاً بين الأمريكيين. ولكن مــا كان يثير فزعه هــو أن يؤثر الفيــروس على حملته الانتخابية.

وتقول الصحيفة إن ترامب فشــل في تطوير استراتيجية وطنية لمكافحة كورونا، ورمى المسؤولية على الولايات التي لا ميزانيات كبيرة لديها، وحطّ من قدر النصيحة الطبية، وتبنى حلولاً طبية مزيفة مثل حقن المرضى بمواد الغســيل المطهرة، وســخر من فكرة التباعد الاجتماعي وارتــداء القناع. ومهما كان مرضه، فيجب عدم التســتر على هذه الملحمة من العجز التــام. وحتى يوم الثلاثاء، اســتمر الرئيس في الســخرية من منافســه الديمقراطي الذي ارتدى القناع في المناظرة، مع أن ترامب فــي تلك اللحظة ربما كان مصابــاً بالعدوى. وكأن ارتداء القنــاع يؤثر على الرجولة. وقال معد الاســتطلا­عات الديمقراطي جوف غارين: «سيصبح ترامب الآن المتهم الأول بسبب الفشل القيادي ومواجهة فيروس كورونا». وقال روب

ستاســزمان، المستشــار للجمهوريين: «من الصعب رؤية ألا ينهي هذا آماله الانتخابية».

وقد يكــون هذا ما يأمل فيه المعارضــو­ن، لكن مرض ترامب ليس الشيء الوحيد الذي يحرك الانتخابات، فهناك الاقتصاد، والمســاوا­ة العرقية، والمحكمة العليا بعد وفــاة القاضية روث بيدر غونســبيرغ. وفي الوقــت الذي كان ترامــب هو المصدر الأول للمعلومات المضللة عن الفيروس، إلا أن استطلاعاً أجراه موقع أكســيوس/ إبســوس وجد أن ثلثي الأمريكيين لا يثقون في الســلطات الفدرالية. ويمكن لترامــب تجاوز الفيروس في المستشفى، والتغلب على العوامل السلبية مثل العمر )74 عاماً( والسمنة، وأن يخرج من الحجر الصحي بعد 10 أيام.

وربما حوّل ما حصل له شخصياً إلى السياسة. فقد استطاع بوريس جونســون اســتخدام هذه الحيلة في بريطانيا بعد إصابته بالفيروس، ولكن لفترة قصيرة. وقد يصور ترامب أن إجازته القصيرة من السياســة هي دليل على أن هناك مبالغة في تقديــر خطورة المرض. ولو تدهورت صحة ترامب أو طالت مدة تعافيه من المرض، فستدخل أمريكا والعالم مرحلة غامضة. وأدت إصابتــه بالفيروس إلى توقف حملتــه الانتخابية، وقد تؤجل المناظرة الانتحابية الثانية في 15 تشرين الأول/ أكتوبر.

ومن ناحية نظرية، قد لا يستطيع ترامب الاستمرار كمرشح للجمهوريــ­ن، ويحــل بدلاً منــه نائبه مايك بنــس في المكتب البيضاوي. وترى الصحيفــة أن تعافي ترامب ضروري، ليس من أجل الحفــاظ على نزاهة العمليــة الانتخابية، بل من أجل محاســبته فــي صناديق الاقتراع وهزيمته بشــكل ســاحق؛ لأن المهــم هو تعافي أمريــكا وليس هو. وســيجد الأمريكيون طرقاً سلمية صحية ودســتورية عبر هذه السنوات السوداء للديمقراطي­ة، ولن يتحقق هذا بدون العمل معاً، في أمريكا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom