Al-Quds Al-Arabi

تفاقم المعارك في قره باغ واتهامات متبادلة بقصف مناطق مدنية

- ستيباناكرت- «القدس العربي» - وكالات:

كثف المســلحون الانفصاليو­ن الأرمــن في ناغورني قــره باغ والجيش الأذربيجان­ــي، أمس الأحد، تبادل القصف المدفعي الذي اســتهدف خصوصاً العاصمــة الانفصالية وثاني مــدن أذربيجان، في اليوم الثامــن من القتال الدامي، كما كثــف الطرفان التصريحات الهجومية متجاهلين دعوات المجتمع الدولي إلى وقف إطلاق النار، وتبادلا الاتهامات حول المسؤولية عن النزاع.

وفي ظل «زيادة عدد الضحايا بين السكان المدنيين» أعرب وزير الخارجية الروسي، سيرغي لافروف، عن قلقه وجدد دعوته إلى «وقف إطلاق النار في أسرع وقت .»

ومنذ الجمعة، تتعرض ستيباناكرت، كبرى مدن منطقة ناغورني قره باغ المتنازع عليها، للقصف، ما أجبر الســكان على الاحتمــاء في أقبية وملاجئ. كذلك، قُطعت الكهرباء منذ ليل السبت إلى الأحد في المدينة. وتصاعدت حدة القصف المدفعي كما أفاد مراســلو وكالة فرانس بــرس، فيما دوت صفارات الإنذار بدون توقف تقريباً، وتم اســتهداف وسط المدينة ومحيطها وارتفعت سحب من الدخان الأسود في الجزء الشمالي الشرفي منه،. واحتمى السكان في الملاجئ القائمة، كما في سرداب إحدى الكنائس حيث لجأت عدة عائلات. واتهم المتحدث باســم وزارة الدفاع الأرمنية، أرتسرون هوفنسيان ، «القوات الأذربيجان­ية بقصف أهداف مدنية». ووفق الســلطات المحلية، فإن القصف تم عبر أنظمة إطلاق صواريخ متعددة من طرازي ســميرتش وبولونيز، كما حلقت طائرات مســيرة فوق المدينة. وأعلن رئيس المنطقة الانفصالية أراييك هاروتيونيا­ن أن قواته سترد باستهداف البنية التحتية العسكرية المتمركزة في «المدن الكبرى» لأذربيجان، الواقعة على مسافة بعيدة عن الجبهة، داعياً «المدنيين إلى مغادرة هذه المدن على الفور.»

الموقف التركي

وفي أعقــاب ذلك، أعلنت وزارة الدفاع الأذربيجان­يــة أن ثاني مدن البلاد «كنجه تتعــرض لنيران القــوات الأرمينية». واتهمت باكــو أرمينيا بتنفيذ القصف، الأمر الذي نفته يريفان. وأعلن المتحدث باســم رئاســة ســلطان ناغورني قره باغ فاغرام بوغوصيــان، أن تلك الهجمات نفذها الانفصاليو­ن الأرمن، مؤكداً «تدمير» مطار عســكري. وقال «ماهو إلا الأول». كما أشــارت الوزارة إلــى أن «القوات الأرمينية تطلق قذائف على مدينتي ترتر وهوراديز فــي منطقة فيزولــي انطلاقاً من خانكنــدي» وهي التســمية الأذربيجان­ية لستيباناكر­ت.

إلى ذلك، قال متحدث الرئاســة التركية، إبراهيم قالن، إن حل قضية إقليم «قره باغ» يكمن في «إنهاء احتلال أرمينيا للأراضي الأذربيجان­ية». وأشــار قالــن، في تصريحات لـ«قنــاة7» التركية المحلية، إلــى أن وقف إطلاق النار سيكون مستداماً وذا معنى، في حال تم البدء بعملية تأخذ هذا المبدأ الأساسي بعين الاعتبار. وشدّد على ضرورة أن يدرك الرأي العام العالمي بأن أذربيجان تناضل داخل أراضيها، وجميع قرارات الأمم المتحدة ومنظمة الأمن والتعاون في أوروبا تؤكد على أن «قره باغ» أرض أذربيجانية.

وحول توجيه أرمينيا الاتهامات لتركيــا أكثر من أذربيجان، قال المتحدث إنه من الواضح أن موقف تركيا قد أزعــج بعض الجهات حتى دفعها الخوف

لتحويل الأمر إلى دعاية ســوداء ضد تركيا. وبيّن أن تركيا لديها منذ سنوات اتفاقية للتعاون العســكري والتضامن مع أذربيجــان، وليس هناك ما يثير الاستغراب حيال الدعم التركي عند أخذ العلاقات الخاصة بين البلدين بعين الاعتبار.

وأكّــد أن الجيش الأذربيجان­ي يتمتــع بالقوة، كمــا أن أذربيجان قطعت شــوطاً كبيراً من الناحية الاقتصادية خلال الســنوات الـــ10-15 الماضي، وأشــار إلى وجود محاولات للادعاء بأن كل شــي في «قره باغ» كان على ما

يرام وفجأة تدخلت تركيا واندلعت الاشتباكات، مؤكداً أنه «ليس هناك شيء من هذا القبيل». وزاد: «بل على العكس من ذلك، هناك احتلال أرميني مستمر منذ أعوام ونضال أذربيجاني ضده، ولا شــك أن موقف تركيا واضح في هذا الإطار».

ونفى قالن المزاعم بشــأن وجود مقاتلات تركية من طــراز «إف-16» في المنطقة، مشيراً إلى أن الطائرات المسيرة المسلحة تابعة للجيش الأذربيجان­ي. وتابع: «نحن لم ندخل أراضي أذربيجان ولا أرمينيا ولا قره باغ، وحتماً نقف مع أذربيجان سياسياً ومعنوياً ولوجستياً بموجب الاتفاقيات العسكرية».

إعلانات انتصار

وعلى الجبهة، يؤكد الطرفان، على غرار الأيام السابقة، تحقيق انتصارات ميدانية. ومســاء الســبت، أكد رئيس المنطقة الانفصالية أن «الجيش حسّن مواقعه، ممهداً الطريق للتقدم». وأكــدت وزارة الدفاع الأذربيجان­ية أنه منذ بداية المعارك، في 27 أيلول/ســبتمبر، تمت السيطرة على 14 قرية، بالإضافة إلى سلسلة جبال موروفداغ، التي تعد استراتيجية. وأعلن رئيس أذربيجان، إلهام علييف، مساء السبت، في تغريدة السيطرة على سبع قرى.

وكان قبل ســاعات قد كــرر تأكيده أن انســحاب القــوات الأرمينية من «الأراضي المحتلة» وحده قد يضع حداً للنزاع المســتمر منذ عام 1990. واعتبر رئيــس الوزراء الأرميني، نيكول باشــينيان، أن أرمينيــا تواجه «ربما أكثر اللحظات مصيرية في تاريخهــا» المعاصر، داعياً إلى التعبئة من أجل تحقيق «النصر».

وأعلن إقليــم ناغورني قــره بــاغ، ذو الغالبية الأرمنيــة، انفصاله عن أذربيجان في مطلع التســعيني­ات ما أدى إلى حرب تســببت بسقوط 30 ألف قتيل. ولم يوقّع أي اتفاق سلام بين الطرفين بالرغم من أن الجبهة شبه مجمدة منــذ ذلك الحين لكنها كانت تشــهد مناوشــات بين الحين والآخــر. ويتبادل الطرفان الاتهام باســتئناف القتال في 27 أيلول/سبتمبر ما أنتج ما يمكن أن يكون أكثر الأزمات خطــورة في المنطقة منذ وقف إطلاق النار عام 1994 الأمر الذي يثير مخاوف من اندلاع حرب مفتوحة بين أرمينيا وأذربيجان. ولا تزال حصيلة المعارك جزئية، إذ لم تعلن باكو خســائرها العسكرية. وسجل حتى الآن مققل 247 شــخصاً، هم 209 مسلحين انفصاليين و14 مدنياً من قره باغ و 24 مدنيــاً أذربيجانياً. ويؤكد كل جانب أنه قتل من الطرف الآخر ما يزيد على ألفي مقاتل.

ويثيــر احتمال وقــوع حرب مفتوحة بــن البلدين الواقعــن في جنوب القوقاز واللذين كانا ســابقاً ضمن الاتحاد الســوفيات­ي، مخاوف من زعزعة الاستقرار بشكل أوسع في ظل تنافس قوى متعددة في المنطقة، منها روسيا، الحكم الإقليمي التقليدي وتركيا، حليفة أذربيجان وإيران والغرب.

 ??  ?? دخان يتصاعد إثر الاقتتال الدائر بين أرمينيا وأذربيجان على منطقة ناغورني قره باغ
دخان يتصاعد إثر الاقتتال الدائر بين أرمينيا وأذربيجان على منطقة ناغورني قره باغ

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom