Al-Quds Al-Arabi

بعد «السلام مقابل السلام»: هل سيقف الإسرائيلي في طابور الترحيب بالزوار العرب لـ «القدس المشتركة»؟

- عكيفا ألدار

■ فــي كل يوم من أيــام عيد الغفران، نعــود إلى قصص الحرب الفظيعة ونتعزى بأنها شــقت طريق الرئيس المصري أنور الســادات إلى القدس. عندما وقّــع مناحيم بيغن على اتفاق الســام مع مصــر كان بيننا من لم يرغــب في دفع أي ثمن – إعادة شــبه جزيرة سيناء وحقول النفط فيها وإخلاء المســتوطن­ات في «يميت» وتوديع رمال شــرم الشيخ. وقف أمامهم معســكر ســام موحد بدءاً بـ «قاعدة» الليكود الذي كان في الحكم، وحتى اليســار المتطرف. وعندما وقع إسحق رابين على اتفاق الســام مع الأردن كان المعسكران الكبيران شــريكين في هذا الســلوك. وبعد 43 ســنة على تلك الزيارة التاريخية للرئيــس المصري، وبعد 26 ســنة على مصافحة رابين للملك حسين، يستقبل انضمام دولتين عربيتين أخريين لـ «دائرة السلام» الآن بامتعاض، حتى في أوساط اليسار.

لا يرتبــط انتقاد اليمين للاتفاق مــع دول الخليج، بإقامة علاقات دبلوماســي­ة مع الإمــارات والبحريــن، ويكمن هذا الانتقــاد في تجميــد الضم لفترة غيــر معروفة. لــم يقتنع الممتعضــو­ن في اليمين بمنــاورة رئيس الحكومــة نتنياهو بأن الأمر يتعلق بالســام مقابل الســام. ولا علاقة لانتقاد اليســار بإخراج العلاقات الاقتصاديـ­ـة والأمنية في الغرفة الخلفيــة ووضعها في واجهــة العرض. يؤمــن أعضاء هذا المعســكر بأن الاتفاق الذي طبخه نتنياهو بمساعدة الرئيس الأمريكي ترامب استهدف إخراج القليل من الهواء الذي بقي في عجلات نموذج حل الدولتين. استقبل اليسار التنازل عن الضــم كتحطيم للبيضة التي لم تولد، حيث اشــترط ترامب الضم بتأييد حــزب «أزرق أبيض» الذي وضــع الفيتو على هذه العملية. وحسب الخطة، يتعلق الضم في الضفة الغربية

بتنازل إسرائيل عن مناطق داخل حدود الخط الأخضر، الأمر الذي يحتاج إلى أغلبية 80 عضو كنيست وإجراء استفتاء.

أتفق مع رأي عودة بشــارات، («لو كنت تعيش في غزة» «هآرتــس» 9/17( ورأي افنير غبرياهو («ليس من المؤســف انتقــاد اتفــاق متهكم واســتقوائ­ي» «هآرتــس» 9/22( لأن الدفع قدماً بالعلاقات مع دول الخليج اســتهدف في الأساس صرف أنظار العالم عن تعميق ســيطرة إسرائيل على ملايين الفلسطينيي­ن. وحســب معرفتي بالاثنين، أود الاحتجاج على محاولــة محرر «هآرتس» ألوف بن، عرض الذين يشــككون بنوايا نتنياهو وترامب للسلام ويقاومون الاحتلال ومظالمه علــى أنهما توأم ســيامي لليمين المتطرف («يــا معارضي كل الاتفاقات اتحــدوا» «هآرتس» 9/29(. إن ربط ســادة البلاد ومن يقاتلون من أجل حقوق الإنســان معاً يتجاهل الجانب القيمي – الأخلاقي للشرخ الإسرائيلي الداخلي.

وأتذكر جيداً القشــعرير­ة التي أصابتني عند مشــاهدة الرئيس الســادات وهــو يطل من باب الطائرة. لا أســتطيع تخيّل إسرائيلي يحب الســام وهو يلوح أمامه بلافتة كتب عليها «خائن، عد إلى بيتك» و»اذهب من هنا، أيها الديكتاتور» مثلمــا يتخيــل ألوف بن. هل كان الســام مــع مصر خطأ؟، تساءل ألوف بن. و»هل كان من الأفضل مواصلة الحروب إلى حين انتهاء الاحتلال وتحقيق العدالة للفلسطينيي­ن؟ بالطبع، السلام مع مصر لم يكن خطأ، ومن المؤسف أن فوتت إسرائيل هذه الفرصة عشــية حرب يوم الغفــران. ولكن لو عرفنا في حينه، عندما كان ألوف بن في الصف العاشــر، أن بيغن كان ينوي خداع الســادات ودفن القسم الفلســطين­ي في اتفاق السلام مع مصر تحت مشروع الاســتيطا­ن )أقل من 10 آلاف مستوطن في 1977 إلى 450 ألف مســتوطن الآن( فإن فرحة السلام الوحيد كانت أقل احتمالية.

لقد حــان الوقت كي نذكر أن إســرائيل تعهدت في اتفاق كامــب ديفيد بالتوصل إلــى اتفاق عادل وشــامل ودائم في الشــرق الأوسط على قاعدة قرارات مجلس الأمن 242 و338 . ويبدو أن هذه القــرارات ليس لها أي ذكر فــي الاتفاقات مع الإمارات والبحرين.

لغــرض النقــاش، ســنضع جانبــاً تحقيــق العدالــة للفلســطين­يين، وســنركز علــى تحقيــق العدالــة لنا نحن الإسرائيلي­ين. هل هناك شــيء أكثر عدالة من إنهاء الاحتلال وإنهاء النــزاع مع الفلســطين­يين وضمان اســتمرار وجود إســرائيل كدولة ديمقراطية مع حضور يهودي راســخ؟ من هنا نصل إلى ســؤال: هل يســبق مصالحنا عملية استهدفت دفع هذه المسألة الوجودية إلى تحت بساط الفنادق الفاخرة في أبو ظبي، أم يغرقنا في مستنقع وحل ثنائي القومية؟ مثل الانســحاب أحادي الجانب من قطاع غزة، استهدف «السلام مقابل الســام» الذي وقع مع إمارات النفط إفشال احتمالية حل متفق عليه يستند إلى تقسيم المنطقة الجغرافية التي تقع بين البحر والنهر.

حتى يــوم الغفــران المقبل، ســوف تســتخدم الحكومة الأمريكية الجديدة، بمســاعدة مصر والسعودية، الاتفاقات مع الإمارات والبحرين كرافعة لتقليص الاحتلال في الطريق إلــى إنهائه الكامل، في الوقت الذي ســتكون فيه إســرائيل مقيدة بتجميد الاستيطان. وإذا تحقق عدل كهذا يثير الشفقة فســأقف مع أصدقائي في أول الطابــور للترحيب بالحجاج الذين ســيأتون بأعداد كبيرة من الدول العربية إلى القدس، العاصمة المشتركة لإسرائيل وفلسطين. يا صديقي ألوف بن، إني على ثقة بأنك ســتأتي أيضاً. هل تعــرف أحداً من اليمين سينضم إلينا؟

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom