Al-Quds Al-Arabi

ولإسرائيل مآرب أخرى: ترسيم الحدود مع لبنان وسحب البساط من تحت «حزب الله»

- غيورا آيلند

■ تجري إســرائيل ولبنان مفاوضات مباشــرة لترسيم الحدود البحرية بينهما، هكذا بُشــرنا الأسبوع الماضي. قبل عشرين سنة قررت إســرائيل الخروج من لبنان إلى حدود دولية معترف بها، غير أنــه لا يعترف بالأمر -وفق تعريف الحدود الدوليــة- إلا إذا كانت الدولتان المشــاركت­ان فيه توافقــان على مكانها. ولما كان لبنــان قد رفض كل حوار مع إسرائيل في حينه، فقد نجح رئيس الوزراء باراك في إقناع الأمين العام للأمم المتحدة بأن إسرائيل ستجري، للاعتراف بالانســحا­ب، مفاوضات مع الأمم المتحدة، وإن الخط الذي يتفــق عليه الطرفان ســيعدّ هو خط الانســحاب. وهذا ما حصل بالفعل وتقرر «الخط الأزرق» الذي تعترف به الأسرة الدولية مثابة خط حدود مؤقت في البر.

وماذا عن الحــدود البحرية؟ ثمة ثلاثــة مناهج مقبولة لترســيم الحدود البحريــة. وقد اختارت إســرائيل النهج المفضل، وهو ترســيم خط يقــع على 90 درجــة مئوية من خط الشــاطئ، وهكذا، يعدّ خط الحدود البحرية، حســب إســرائيل، هــو ذاك الذي يتجه شــمال غــرب، وللدقة في نقطــة 291 درجة. أما لبنان فاختار بالطبع نهجاً آخر، تكون الحدود البحرية بموجبه استمراراً للحدود البرية. وحسب هذا النهج، فإن الحدود خط مباشر يتجه من رأس الناقورة بالضبط غرباً – في نقطة 270. وقد نشــأ مثلث الخلاف بين الخطين الإسرائيلي واللبناني، وقد اتسع كلما تحركنا غرباً. في العام 2000 قــررت الأمم المتحدة ألا تحكم، وهكذا نشــأ وضع متواصل من عدم الاتفاق. وعندما تبين بعد سنوات من ذلك بأن هناك حقول غاز كبيرة في المنطقة، أصبح الموضوع أكثر حرجاً. تجرى مفاوضات ســرية غير مباشرة ومتقطعة بين إســرائيل ولبنان فــي الموضوع منذ ســنين. قدم لبنان من ناحيتــه تنازلاً وتبنى نهج ترســيم ثالث. ومع أن مثلث الخلاف بين الدولتين تقلص، إلا أنه بقي ذا مغزى.

وثمة معان إيجابيــة تتجاوز الحاجة إلــى حل النزاع، ولأول مــرة منذ نهاية التســعيني­ات، ســتجرى مفاوضات مباشــرة بين الدولتين. ثانياً، هل سيسمح النزاع للدولتين بتوســيع تنقيبات الغاز في المنطقة؟ ثالثاً، هناك خســارة واضحــة لحــزب الله، فهــو الذي منــع المفاوضــا­ت، لأنه يعارض كل حوار مباشــر للبنان مع إســرائيل، ولأن نصر الله فهم بأنه إذا ما أراد فتح معركة عســكرية ضد إسرائيل، فهو ملزم باســتخدام الحجة التي تعد كدفــاع عن مصلحة لبنان الوطنية. وطالما بقي الخــاف على الحدود البحرية، سيكون بوسع التنظيم مواصلة الادعاء بأن إسرائيل تسرق المقدرات الطبيعية التي تعود للبنان، وأن هذا ســبب راجح لشن الحرب. أما إذا نضجت المفاوضات بين إسرائيل ولبنان إلى اتفاق، فسيسحب البساط من تحت أقدام الحزب.

وثمة معنــى إيجابي رابــع: فالمفاوضات المباشــرة في موضوع ما قد تؤدي أيضاً إلى مفاوضات في مواضيع أخرى. وبين الــدول المجاورة، حتــى وإن كانت معاديــة، مصالح مشــتركة، وأقدّر بأننا إذا عملنا بحكمة سنتمكن من تسوية مواضيع أخرى. لن يكون قريباً اتفاق ســام بين إســرائيل ولبنان، ولكن كل تطبيــع يعدّ أمراً إيجابيــاً. مهما يكن من أمر، يمكن الثناء على السياســة الإســرائي­لية في الموضوع ولا ســيما على الوزير شــتاينتس الذي يحاول منذ سنين الوصول إلى تســوية حول الحدود البحريــة مع لبنان. أما المنفعة الخامسة التي قد تنشأ عن الخطوة فلا تتعلق بلبنان بل بغزة. إذا كان ممكناً الوصول إلى تسوية للموضوع على أساس المصلحة المشتركة مع لبنان، فيحتمل أن يكون ممكناً إظهار مزيد من الإبداعية للتسوية مع دولة غزة أيضاً.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom