Al-Quds Al-Arabi

رئيس النظام السوري يهاجم الاحتلال الأمريكي - التركي ... وخبراء: الأسد بات متحدثاً باسم الكرملين

- دمشق- «القدس العربي» من هبة محمد:

هاجم رئيس النظام الســوري بشــار الأسد كلاً من الولايــات المتحــدة وتركيا، معتبــراً أن وجود قواتهما في سوريا «احتلال» مخرجاً من جعبته في التصريحات ذاتها عبــارات المديح والثناء للجيش الروسي وعلى ما فعله في الجغرافيا السورية دعماً لنظام الحكم في البلاد.

وقال الأســد خلال لقاء مع وكالة «ســيغودنيا» الإخبارية الروســية: «الوجــود الأمريكي والتركي على الأراضي الســورية هو احتلال ويجب إنهاؤه، وإذا لــم يغــادر الأمريكيــ­ون والأتراك فــإن الأمر الطبيعــي الــذي ينبغي أن يحــدث هــو المقاومة الشعبية».

عبارات الثناء للجيش الروســي كانت حاضرة بقوة في تصريحات الأســد، الــذي وصف الروس بـ»الأشــقاء» قائــاً: إذا تحدثنــا عــن الطيارين الحربيــن، والقــوى الجوية، نتذكــر أن الطيارين الــروس اســتمروا فــي طلعاتهم الجوي بشــكل يومــي، ولذلــك، ما ســأذكره لأحفادي يومــاً ما لا يتعلق بهذه البطولة وحســب، بل سأتحدث إليهم عن هذه القيم المشــتركة التي يتشاطرها جيشانا، والتي جعلتنا أشــقاء خلال هذه الحرب، هذه القيم النبيلة، إخلاصهم لقضاياهم، ودفاعهم عن المدنيين والأبرياء. ثمة الكثير ممــا يمكن التحدث عنه حول هذه الحرب». توصيف الأســد للوجــود الأمريكي والتركي بأنه احتلال ليس جديداً حسب الباحث في مركز الحوار السوري محمد سالم، فخطابات النظام السوري ممتلئة بألفاظ «السيادة الوطنية» باعتبار التدخلين التركــي والأمريكي لم يكونا بالتنســيق مع «الحكومة الســورية النظام السوري» كما هو الحال مع الروس.

ويأتــي تصريح الأســد لقنــاة روســية، وفق المصدر، متســقاً مع الضغوطات الروسية على تركيا ومطالبتها بســحب النقاط التركيــة التي باتت في مناطــق النظــام كنقطة مــورك، خاصة مــع تكرار محاولة الاعتداء على النقاط التركية من قبل عناصر بلبــاس مدني في مناطق الأســد، ونحن نعلم يقيناً أن مثــل هذه التحركات «المدنيــة» لا يمكن أن تكون عفوية، بل هي رسائل روســية ممنهجة تتناغم مع الرسائل الروسية على لسان الأسد الذي تحدث عن «مقاومة شعبية» تشــير إلى التحركات أمام النقاط التركية، خاصة أن تصريحات الأسد تأتي على قناة

روسية، وتأتي في خضم احتدام تشابك الملفات بين الروس والأتراك في سوريا وليبيا وأذربيجان.

وفي المقابل، فإن رئيس النظام السوري، على ما يبدو قد عزف على الوتر الذي تفضل موسكو سماعه بما يخص التواجد العســكري للجيشين الأمريكي والتركي في ســوريا، إذ قال «نحــن لا نتوقع عادة وجود رؤســاء في الانتخابات الأمريكية، بل مجرد

مديرين تنفيذيين لأن هناك مجلســًا، وهذا المجلس يتكوّن من مجموعات الضغط والشــركات الكبرى مثل المصارف وصناعات الأسلحة والنفط وغيرها. وبالتالي، هناك مدير تنفيذي، وهذا المدير التنفيذي لا يمتلك الحق ولا الســلطة لإجــراء مراجعة، وإنما يقتصر عمله على التنفيذ. وذلك ما حدث مع ترامب، عندما أصبح رئيساً بعد الانتخابات.»

في حــن، كانت عمليــة التهجم علــى الرئيس التركي رجب طيب اردوغان حاضرة في لقاء الأسد مع الوكالة الروسية، حيث اتهم أنقرة بأنها المحرض الرئيســي للصراع الأخير في ناغورني كارباخ بين أذربيجان وأرمينيا.

الخبير في الشؤون الدولية محمد العطار، اعتبر أن الأســد لا يســتطيع وهو عاجز كليــاً عن توفير

أدنى المقومات المعيشــية للســوريين ضمن مناطق ســيطرته، والأزمات المســتمرة منذ أســابيع خير دليــل، ولذلك يبدو أنــه يتهرب مــن الواقع المأزوم إلــى عالم التصريحــا­ت الفارغة مــن المصداقية أو النظرة الواقعية، في محاولة منه إلى تصدير الأزمة الداخلية إلى خارج الحدود.

وأضــاف خلال تصريحات أدلى بهــا لـ «القدس العربي»: واضح من ســياق تصريحات الأسد بأنها تجري وفق رياح السياســة الروسية للتحشيد ضد تركيا علــى وجه الخصوص، وذلك بســبب دخول الأتراك إلى مناطق اســتراتيج­ية واقتصادية هامة كانوا يعتقدون أي الــروس بأنها محرمة على أي جهة ســواهم، ولعل هذا ما يفسر تحول بشار الأسد إلى ناطق باسم الكرملين، في الوقت الذي لم يستطع تغيير أي من السياسات الروســية أو الإيرانية في مناطق سيطرته.

أما بما يخص التلويح بـ «مقاومة شــعبية» ضد تواجد الجيشــن التركــي والأمريكي في ســوريا، اعتبر العطار، أن هــذه التصريحات يمكن تصنيفها ضمن خانة الهراء واللاقيمة، فالمنطق يقول: روسيا بكل قوتها ضعيفــة أمام القــوة الأمريكية، وعندما حاول الروس العبث مع الأمريكان شــرقي سوريا، كبدهم الجيش الأمريكي خسائر فادحة في الأرواح والعتاد ولم تســتطع موســكو ســوى الصمت عما جرى، فمن هو الأسد إذاً؟.. لا شيء!».

من جهة أخرى، شــدد اردوغان، علــى أن تركيا ليســت باقية فــي الأراضي الســورية إلــى الأبد، وســتنهي وجودها في هذا البلــد بمجرد إيجاد حل دائــم للأزمة، وأكد أن تركيا ســتواصل التعاون مع الولايات المتحدة في مجالات مكافحة الإرهاب ودعم الديمقراطي­ــة وإنهاء حالات عدم الاســتقرا­ر. وفي هذا الإطار، اعتبر الباحث في مركز الحوار السوري محمد سالم، أن التصريحات التركية ليست جديدة، فالرئيــس التركي صــرح مرات عدة أن انســحاب القوات التركية ســيتم بعد القضاء على التنظيمات الإرهابية، أو إذا طلب الشــعب الســوري ذلك عبر ممثليه الشرعيين )وهم غير موجودين طالما لا يوجد حل سياســي( أو بعد أن تنســحب مختلف الدول الأخرى من سوريا.

التصريح التركي الجديــد الذي يتحدث عن حل ملائــم للأزمة بالتالــي مع التصريحات الســابقة، فالحل الملائم من وجهة النظــر التركية وفق ما قاله «ســالم» لـ»القدس العربي» يمكن ترجمته بعملية ايجاد حل سياســي يضمن مصالح أنقــرة الأمنية والسياســي­ة، ومثل هذه التصريحات هي رســائل موجهــة للداخل والخــارج بهدف التأكيــد على أن التدخــل التركي في ســوريا تدخــل دفاعي مؤقت لحماية الأمن القومي التركي، وهو ما يزيد من رصيد شــرعيته في ظل تكــرار مطالبة الجامعــة العربية والنظام السوري لأنقرة بسحب قواتها اعتماداً على أنه لم يكن بتنسيق مع «الحكومة السورية النظام السوري».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom