Al-Quds Al-Arabi

تفاقم متاعب الشرق الليبي بسبب نقص في السيولة

-

■ بنغــازي - : عندما حــاول جمال الفلاح ســحب أموال من البنــك الذي يتعامل معه في بنغازي، قيل له أنه لا يوجد نقد متاح، نتيجة لمشكلات مالية في الشرق الليبي تتسبب في تفاقم عجز في السيولة أصاب البلد بأسره.

يواجه شرق ليبيا أزمة وشيكة في ظل ديون بعشرات المليارات من الــدولارا­ت ومعاناة البنوك المحلية، حســبما يفيد بنك مركزي موازٍ أنشأته السلطات في بنغازي.

وقال الفــاح بينما كان ينتظــر خارج فرع لـ»بنــك الوحدة» مع بضعة أشــخاص آخرين إنه لم يأت إلا بعــد أن قيل إن الأموال ســتتوافر. وتابع «عندمــا نذهب إلى البنك يقولــون إنه لا توجد سيولة» مضيفاً أنه لا يســتطيع دفع فواتيره أمسية إلا بالاقتراض نقداً من صاحب متجر.

وقــال في وقت لاحــق بالهاتف أنه لم يتلق أي ســيولة إلا بعد أسبوع - وهي أول مرة يتســلم فيها راتبه منذ شهور - وكان في ظرف ساعة قد دفع معظم المال لمالك العقار الذي يقيم به.

بعد انتفاضة 2011، تداعت ليبيا التي كانت يوماً من أغنى الدول الإفريقيــ­ة بفضل صادرات النفط، وصارت مقســمة بين حكومتين متناحرتين في الشرق والغرب، وشمل هذا الانقسام مؤسسات مثل البنك المركزي.

فمع اشــتداد الحرب في الســنوات الأخيرة بين حكومة الوفاق الوطني، التي مقرها طرابلس في الغرب، والجيش الوطني الليبي في الشــرق بقيادة خليفة حفتر، تفاقمت المشكلات الاقتصادية هي الأخرى.

وأدت الأوضــاع المعيشــية الصعبة - لاســيما انقطــاع التيار الكهربائي وعجز في إمدادات الوقود - إلى اندلاع احتجاجات في كل من غرب ليبيا وشــرقها خلال الأســابيع الأخيرة، وهو ما يزيد الضغوط السياسية التي يتعرض لها طرفا الصراع على حد سواء.

وفي الشــهر الماضي، رُفع حصــار كان يضربه الجيش الوطني الليبي المنشــق، بقيادة خليفــة حفتر، على صــادرات النفط منذ يناير/كانون الثاني، وبدأت الإيرادات في التدفق من جديد بشكل تدريجــي، لكن ذلك لم يأت إلا بعد أن كبد الحصــار ليبيا فاقدا في الدخل يزيد على عشرة مليارات دولار.

وعائدات النفط تُدفع للبنك المركزي الليبي الذي مقره طرابلس، والــذي يدفع بــدوره الرواتب لأغلــب العاملــن بالحكومة على الجبهتين، ويشمل ذلك المناطق التي يسيطر عليها الجيش الوطني الليبي.

ومول البنك المركزي في الشرق مســعى حفتر الحربي. فقد دبر المال عن طريق بيع ســندات خزانة إلى البنوك المحلية، والتي قال رمزي الأغا، رئيس لجنة الســيولة في البنك المركزي، أنها قد تكون أكثر من 40 مليار دينار )29 مليار دولار( حتى الآن.

ويستورد البنك دنانير يجري طبعها في روسيا. وفي 2014، فصلت طرابلس البنك المركزي المنشــق في الشــرق عن أغلب عمليات المقاصة، لتتفاقم المشــكلات التي تواجه البنوك التجارية نتيجة لوجود نظامين ماليين متوازيين.

ويحاول البعض في الشرق التوجه إلى البنوك المنافسة لضمان استمرار صرف الرواتب.

وعادة ما تُســتخدم الشــيكات بدلا من النقد، لكنها تُرفض في بعض الأحيان، في ظل ســعي البنوك للســيطرة علــى تدفقاتها النقدية. وقــال أحد البنوك لرجل كان يحاول شــراء قطعة أرض قيمتها 30 ألف دينار إنه سيتعين عليه دفع المبلغ على ثلاث دفعات منفصلة على مدار فترة أطول بدلاً من دفعة واحدة.

ويمكن أيضا صرف الشــيكات الدولارية في شــرق ليبيا بقيم مختلفة بناء على البنك الُمصدِر لها.

وقال أسام الايبيريش، رئيس قسم المدفوعات في البنك المركزي الموازي في الشرق «وصلنا إلى النقطة التي لا تستطيع فيها البنوك توفيــر الأموال وهذا ينعكس على أســعار الســلع التي تعاني من نقص ».

يخضع كلا البنكين المركزيين في الغرب والشــرق حاليا لتدقيق دولي، في إطار عملية سياســية تقودها الأمم المتحدة لحل النزاع، مستهدفة في نهاية المطاف إعادة توحيد المؤسسات الليبية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom