Al-Quds Al-Arabi

رئيسة مجلس حقوق الإنسان في المغرب تعارض عقوبة الإعدام وحزب يساري يقترح تشديد العقوبات بحق مغتصبي الأطفال

- الرباط ـ «القدس العربي»:

أمام تكاثــر حالات الاعتداء الجنســي على أطفال صغــار )ذكــوراً وإناثاً( فــي المغرب خــال الآونة الأخيرة، تجدد النقاش حول الطرق القانونية الكفيلة بالقضــاء على تلك الســلوكات الإجرامية الشــاذة، فبينمــا تطالب العديد مــن الأصوات عبــر مختلف وسائط التواصل الاجتماعي بتطبيق عقوبة الإعدام أو الإخصاء في حق المعتدين، تؤكد أخرى على أهمية تشــديد العقوبات الزجرية، مؤكدة أن الإعدام ليس حــاً، وإنما هو ســلوك انتقامي غير إنســاني لا يقل بشاعة عن جريمة اغتصاب القاصرين.

وفــي هــذا الصــدد، جــددت أمينــة بوعياش، رئيســة المجلــس الوطنــي لحقــوق الإنســان في المغــرب، دعوتها الحكومــة إلى التصويــت لصالح قــرار الجمعيــة العامة لــأمم المتحدة الــذي يدعو إلــى وقف تنفيــذ عقوبة الإعــدام في أفــق إلغائها، والانضمــا­م إلــى البروتوكــ­ول الاختيــار­ي الثاني الملحق بالعهــد الدولــي الخاص بالحقــوق المدنية والسياســي­ة الهــادف إلى إلغــاء عقوبــة الإعدام. واعتبرت المســؤولة الحقوقية في مقــال لها بعنوان «مــن أجــل أطفالنــا » أن «إلغــاء عقوبــة الإعــدام هــو أكثــر مــن متطلــب لدولــة الحــق والقانون، وضرورة لــكل مجتمع عــادل وحر حيــث لا تحظى كرامــة المواطنين بالاحترام فحســب، بــل وتحظى بالحمايــة أيضاً، إذ تظــل عقوبة الإعــدام، بالفعل، أحــد الانتهــاك­ات الجســيمة للحــق فــي الحياة.» وأوضحت أن عقوبــة الإعدام تؤدي إلــى «تعنيف» المجتمع لما لها من تأثير همجــي عليه، وكتبت في هذا الصدد: «لا ينبغي أن نفاجأ من أن مواطني المجتمعات التــي تطبق فيها عقوبة الإعــدام، وبالتالي لا تحترم فيها الدولــة ذاتها الحق فــي الحياة، أقــل ميلاً إلى احترام هذا الحق، وأن يســجل بهذه المجتمعات ميل أكبــر إلى ارتــكاب أفظع الجرائم وأكثرها وحشــية، ذلك لأنه ليس لعقوبة الإعدام أي تأثير رادع، بل على العكس من ذلك، فهي تغذي دائرة العنف التي تحاصر المجتمع الذي يتبنــى منطق الانتقام إطــاراً جنائياً» مستدلة على ذلك بانخفاض معدلات جرائم القتل في الدول التي ألغت عقوبة الإعدام.

ووضعت المجموعــة النيابيــة لحــزب «التقــدم

والاشــترا­كية» المعــارض مقترح قانــون «يرمي إلى حمايــة الطفلات والأطفــال من جرائــم الاعتداءات الجنسية». ويتضمن اقتراحات مفصلة للرفع من قيمة الغرامات المالية ومدة العقوبات السجنية في حق كل من أدين بتلك الجرائم.

ويأتي مقترح القانون الذي تلقت «القدس العربي» نسخة منه، بعدما «أعادت الجريمة البشعة والنكراء التي راح ضحيتها طفل لا يتجــاوز عمره 11 عاماً في طنجة وطفلة أخرى لا يتجاوز عمرها خمس ســنوات في زاكورة، النقاش حول عقوبــات جرائم الاعتداء الجنسي على الطفلات والأطفال في المغرب».

وتابعت المذكرة موضحة: «إن ما وقع للطفل عدنان والطفلة نعيمة هي مع الأســف جرائم شــاذة تمس بالشعور الإنساني العام، وأصبحت خلال السنوات الأخيرة من الجرائم التي نتداولها بشــكل يومي في فضاءاتنا العمومية والخاصة وفي وســائل الإعلام وفي غيرهــا من الفضاءات، حتى أن الأســر المغربية أصبح شــغلها الشــاغل هو حماية فلذات أكبادها من كل تهور إجرامي وســلوك عدواني يفتقد للآدمية، إذ لا تــكاد تنتهي تداعيات جريمة من هــذا النوع، حتى تتكــرر وقائع وحــوادث اغتصاب جديــدة يهتز لها الرأي العام».

وأوضحــت مذكرة مقتــرح القانــون أن «جريمة الاســتغلا­ل الجنســي ضــد الطفــات والأطفــال، تتخذ عدة أشــكال وصــور مختلفة، بــدءاً بالتغرير والإغراء ومروراً بالتحرش الجنسي وبهتك العرض وبالاغتصــ­اب المقرون بالعنــف أو بدونه، وقد تنهي بالتعذيب والقتــل ودفن الجثة». وتابعت أن «جريمة الاعتداءات الجنسية على الطفلات والأطفال تعد من الجرائــم الأكثر فظاعة، وتكمــن خطورتها في كونها من الجرائم المســكوت عنها لعدة اعتبــارات لا تزال سائدة في مجتمعنا مع الأسف، ولم نستطع التخلص منها، خاصــة أنها من الجرائم التــي يتداخل فيها ما هو تربوي وتحسســي، وتتداخل فيها المسؤولية بين الأسرة والمدرسة والإعلام».

كمــا أشــارت إلى أنه «لحد الســاعة ليــس هناك إحصــاءات دقيقة حــول هــذه الظاهــرة، وأن كل الإحصاءات والأرقام والمعطيات الصادرة بشــأنها، هي مجرد تكهنات تقريبية لا تعكس الواقع المرير الذي تتعرض له الطفولة واغتصابها ببلادنا بشتى الأنواع

والوسائل، حتى أن بلادنا، مع الأسف، توصف بالبلد المنتج لظاهرة استغلال الطفلات والأطفال في خدمات مختلفة لا تتناسب وبراءة الطفولة التي يوجد مكانها الطبيعي في الأقسام الدراسية وفي حضن الأسرة».

وأضافــت أنه «علــى الرغم من الحد النســبي من ظاهرة اســتغلال الطفلات والأطفال، نتيجة مراجعة المنظومــة التشــريعي­ة للمغــرب واســتلهام بعض التجــارب المقارنة، عــاوة على انخــراط البلاد في العديد من التشريعات الدولية ذات الصلة والمصادقة عليها، وعلى رأســها البروتوكول الاختياري الملحق باتفاقية حقوق الطفل بشــأن بيع الطفلات والأطفال واستغلالهم في البغاء وفي المواد الإباحية، الموقع في نيويورك في 25 أيار/ مايو 2000 والذي جاء في سياق وعي دول العالم بوجــوب حماية الطفلات والأطفال والطفولة وتعزيزها بســن العديد مــن الاتفاقيات، وبهدف حمايتها من كل أشــكال العنف والاســتغل­ال الجنســي، باعتبار حمايــة الطفلة والطفــل جزءاً لا يتجزأ من منظومة حماية حقوق الإنســان الكونية، وخاصة الحماية التي تحتاجهــا هذه الفئة الضعيفة التي لا تملك قدرة الدفاع عن نفســها، الشــيء الذي يجعلها لقمة سائغة للذئاب البشرية».

وشــددت المجموعــة النيابيــة لحــزب «التقدم والاشــترا­كية» على «دور القضاء فــي حماية حقوق الطفلة والطفــل وصرامة القوانــن الوطنية» داعية إلى «عدم التســاهل مع جرائم الاعتداء الجنسي في حق الطفلات والأطفال، وأن يكون القانون سداً منيعاً أمامها، مــن خلال الضرب بيد مــن حديد على كل من سولت له نفســه اغتصاب طفلة أو طفل، ووضع حد لكل الســلوكيا­ت المشــينة التي تمس كرامة الطفولة التي هي من كرامة الأسرة ومن كرامة المجتمع».

في السياق نفسه، أدان محمد البشير العبدلاوي، عمدة مدينة طنجة، ظاهرة اغتصاب الأطفال، معتبراً أنها غريبة علــى المجتمع المغربي. واعتبر خلال أعمال دورة تشــرين الأول/ أكتوبر للمجلس البلدي، أن ما وقع للطفل عدنــان ضحية جريمة قتــل واغتصاب، يؤكــد على ضرورة تنزيل أقصــى العقوبات في حق المغتصبين. وطالب المســؤولي­ن بالمزيد من الحذر، من أجل تــدارك الحالات قبل وقوعها، وكذا القيام بتعبئة جماعية شاملة لجميع مكونات المجتمع المدني لمحاربة هذه الظاهرة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom