Al-Quds Al-Arabi

مصير إدلب بين مقاطعة موسكو وحرائق الساحل السوري وغضب إيران

من غير المستبعد أن ينعكس اتفاق أذربيجان أرمينيا سلبا على الأوضاع في إدلب، مع انتقاد الرئيس الإيراني إرسال مقاتلين من سوريا إلى قرب الحدود الإيرانية.

- منهل باريش

امتنعت الشرطة العسكرية الروسية عن الدورية المشتركة الأسبوعية حسب جدول الــدوريــ­ات المتفق عليها على طريق حلبM4 اللاذقية الدولي/ . وقاطعت القوات الروسية للمرة الرابعة، منذ الاتـفـاق على البروتوكول الإضافي الملحق باتفاق سوتشي، في حين تخلفت عن الـدوريـات لثلاث مرات متواصلة منذ منتصف شهر أيلول )سبتمبر( الماضي، والتي تزامنت مع عقد اجتماعات أنقرة على مستوى الخبراء بين البلدين، يومي 15 و16 أيلول )سبتمبر(. وعرضت موسكو خلاله على أنقرة سحب أربع نقاط من نقاط M4 مراقبتهاإل­ىشمالطريق وهينقاطشير مغار على أطراف سهل الغاب الشرقية ونقطة M4 مورك على طريق حلب-دمشق الدولي/ ونقطة الصرمان شرقي معرة النعمان ونقطة تل الطوقان على الطريق الواصل بين سراقب وأبـو الظهور في ريف إدلـب الشرقي، الأمر الذي لاقى رفضا حازماً من قبل أنقرة، وأدى إلى فشل الاجتماعات وانعكس على الأرض، بتغيب الــروس عن المشاركة في الـدوريـات المقررة وبدء التصعيد العسكري من الطيران الروسي ومدفعية النظام السوري ومحاولات التسلل في عدة نقاط أهمها جبل الزاوية وريف حلب الغربي. وسيرت القوات التركية في M4 إدلب، الخميس، دورية منفردة على طريق بعد التغيب الروسي للمرة الثالثة، وانطلقت ثماني عربات مدرعة للجيش التركي من بلدة النيرب وهي آخر البلدات الواقعة تحت سيطرة المعارضة على الطريق من الجهة الشرقية. وتجـــاوزت الــدوريــ­ة مدينة أريـحـا ووصلت إلى حـدود محمبل الإداريـــ­ة، وسط استنفار أمني كبير وإغلاق الطرق المؤدية إلى الطريق الدولي ومنع حتى الإعلاميين من الاقتراب والتمركز على الجسر الواصل بين مدينتي إدلب وأريحا )يعرف محليا بجسر أريحا( كما اعتاد مصورو الوكالات الدولية والمحلية نصب كاميراتهم عليه كونه يرصد مسافة طويلة من الطريق ومن على ظهره التقطت صور الهجوم على الدوريات المشتركة أكثر من مرة خلال آب )أغسطس( وأيلول )سبتمبر(. وتبنت كتائب مجهولة تسمي نفسها «خطاب الشيشاني» الأمـر ويعتبر الاسـم تحديا واضحا للروس، يذكرهم بالقيادي خطاب الشيشاني الذي قاتلهم في الشيشان، وهـو لقب للجهادي السعودي ثامر صالح السويلم، الذي سممته المخـابـرا­ت الروسية في 2002 ويعتبر أبرز المقاتلين «الأفغان العرب».

وحول إدلب، أشار رئيس النظام السوري، بشار الأســد في مقابلة مع وكالة «روسيا سيفودنيا» أن لدى تركيا «فرصة للضغط على M4 الإرهابيين للانسحاب إلى شمال طريق في إدلـب، وهـذا آخر التزاماتهم في الاتفاق الموقع مع الجانب الروسي، لكنهم لم يفوا به حتى الآن».

وحــاول الأسـد تبرير حربه المحتملة أمام الدول الغربية باللعب بورقة المقاتلين الأجانب مجدداً قوله إن «معظم الإرهابيين الأجانب في سوريا يتركزون في إدلب، لذلك فإما أن يذهبوا إلى تركيا، وهو المكان الذي أتوا منه أو جاؤوا عبره، أو أن يعودوا إلى بلدانهم، أو أن يموتوا في سوريا» حيث تفضل أغلب الــدول مقتل مواطنيها الذين التحقوا بالفصائل الجهادية في سوريا وعدم عودتهم مجدداً.

ميدانيا، تركزت خروقات قــوات النظام السوري وحلفائه في منطقة جبل الزاوية وسهل الغاب وتل الكبانة غربي جسر الشغور، التي تعتبر أهم التلال الاستراتيج­ية في جبهة الـسـاحـل، وتــراجــع القصف عليها بسبب حرائق الغابات في عمق مناطق النظام في كسب والحفة، وتهدد النيران المشتعلة بإغلاق طرق الإمـداد لجبهات النظام مع إدلب، حيث أعادت الفرقة الرابعة نشر قواتها هناك بسبب الحرائق وأخلى الفيلق الخامس عدة مواقع أيضا خشية اتساع الحرائق ووصولها إلى منطقة سلمى التي يتركز فيها اللواء الثامن أحد أبرز ألوية المصالحات في محافظة درعا والذي يقوده أحمد العودة، ويتخذ من جبل سلمى مقر استطلاع فيه.

وتبنت مجموعة تطلق على نفسها «أنصار الشرق» اشعال أكثر من 30 حريقاً في محافظات حمص وطرطوس واللاذقية. ونشرت أشرطة مصورة لقيامها بإشعال الأحراش والغابات وبثت فيديو قبل أيام من الحرائق، قالت إنه من منطقة غابات صلنفة التي اشتعلت بعد ذلك، ويظهر الفيديو فتيلا بدائيا موصولا باسطوانة على انه الأداة التي تستخدم لحرق الغابات. وهددت أنصار الشرق النظام و«بي كي كي» باستهداف مناطقهما وظهر على شعار الفيديو اسم شخص يدعى أبو المغيرة المنبجي. وبثت مواقع موالية للنظام السوري قيام قواته في مناطق الحرائق وهي تقوم باخماد الحرائق بطرق بدائية، مستخدمين أغصان الأشجار والبطانيات. في حين غابت الطائرات المروحية عـن إخـمـاد الـنـيـران، وتــســاءل آخـــرون عن غياب الطيران الروسي والـقـوات الروسية في المشاركة بإخماد الحرائق وامتناعها عن استخدام أسراب الطائرات المروحية المتمركزة في مطار حميميم العسكري لإطفاء النيران التي شارفت على الوصول إلى القاعدة الجوية الروسية الأكبر في سوريا.

وأخطرت قيادة العمليات التركية في سوريا فصائل الجيش الوطني برفع الجاهزية نهاية أيلول )سبتمبر( في مناطق الانتشار العسكري التركي الأربـع )إدلـب ومنطقة عمليات غضن الزيتون في إدلب ومنطقة عمليات درع الفرات في ريف حلب الشمالي ومنطقة عمليات نبع السلام في ريف الرقة الشمالي والحسكة(. ودفع الجيش الوطني بتعزيزات جديدة من «درع الفرات» وعفرين إلى جبهات محافظة إدلـــب، وتخشى تركيا مـن عملية عسكرية جديدة للنظام السوري بدعم روسي بعد فشل مفاوضات أنـقـرة منتصف الشهر الماضي والحـرب الدائرة في إقليم ناغورني كاراباخ في أذربيجان ومساندة تركيا العلنية ودعمها لحكومة الهام علييف وارسالها مقاتلين من فصائل المعارضة السورية للقتال إلى جانب الحـكـومـة الآذريــــ­ة ضـد أرمينيا. ومــن غير المستبعد أن ينعكس اتفاق أذربيجان وأرمينيا سلبا على الأوضـاع في إدلـب، خصوصا مع انتقاد الرئيس الإيراني حسن روحاني إرسال

مقاتلين من سوريا ومناطق أخرى إلى قرب الحدود الإيرانية واعتبره أمرا مرفوضا وقال «إيــران لن تسمح للدول بإرسال الإرهابيين إلى حدودنا تحت ذرائع مختلفة» محذرا الدول التي «تنفخ على نيران الحرب وتصب الزيت، عليها أن تدرك ان ذلك لن يكون لصالح أحد في المنطقة». وتسعى إيران إلى وقف الحرب في الإقليم وعدم انتقال عدوى الشعور القومي إلى الداخل الإيراني، حيث يشكل القومية الأذرية نسبة 22 في المئة من الإيرانيين.

وشهدت المناطق الحـدوديـة مع أرمينيا، ذات الأغلبية الأذريــة في شمال غرب إيران احتجاجات ودعــوات لإغـاق معبر نـوردوز الحــدودي مع أرمينيا، ما يهدد وقف حركة البضائع وعبور الشاحنات العسكرية الروسية إلى طهران. وتسعى طهران كذلك إلى حفظ التعاون العسكري مع أرمينيا والتي تزودها بصواريخ بعيدة المدى وطائرات الاستطلاع العسكرية من نوع «شاهد- 123».

من جهة أخرى وافق البرلمان التركي، في جلسة يوم الأربعاء، على تمديد عمل القوات العسكرية في سوريا والعراق بهدف «القضاء على الهجمات المحتملة ضد البلاد من جانب التنظيمات الإرهابية» حسب المـذكـرة التي قدمتها الرئاسة التركية، على ان ينتهي التجديد لعمل القوات بعد عام، في 30 تشرين الأول )أكتوبر( 2021. وقال الرئيس التركي رجب طيب اردوغــان في مقابلة الخميس: «تركيا لن تبقى في الأراضي السورية إلى الأبد، وإن وجودها سينتهي بمجرد إيجاد حل دائم للأزمة الراهنة». وأشار إلى أن بلاده «تستضيف في الوقت الراهن 3.7 مليون سوري وتحملت عبئاً ثقيلاً من الناحية الإنسانية والمادية» معتبراً الجيش التركي، هو الوحيد التي قاتل تنظيم الدولة الإسلامية في سوريا «وجهاً لوجه وفقد بعض جنوده خلال المعارك» وانه «طهر مساحة 8000 كيلومتر بالتعاون مع الجيش السوري الحر من «داعش والوحدات الكردية.. وسلمها لأصحابها الحقيقيين». محددا اعداد السوريين الذين عادوا إلى تلك المناطق بـ 411 ألف عائد».

وتسعى روسيا من خلال مقاطعة الدوريات العسكرية المشتركة إلى زيـادة الضغط على تركيا لتحقيق هدفها بفتح الطريق دون الاضطرار إلى هجوم بـري، وهو ما ترفضه الأخيرة بشدة. لكن عدم التوصل إلى اتفاق وتقديم تنازل تركي سيدفع روسيا إلى عملية عسكرية محدودة تبعد قوات المعارضة إلى شمال طريق الترانزيت M4 وتسيطر من خلالها على منطقة جبل الزاوية وسهل الغاب ومدينة أريحا، إلا إذا قدمت أنقرة مقترحا يكون مقبولا روسيا ويحافظ على مصالح تركيا في الوقت ذاته، ويجنب إدلب ومدنييها هجوما جديدا وعملية تهجير جديدة.

 ??  ?? القصف الروسي على إدلب
القصف الروسي على إدلب

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom