Al-Quds Al-Arabi

والتأليف بعد تجربة أديب قبل سقوط الهيكل

-

النهائي الذي سيتّخذانه من تسمية الحريري ولاسيما بعد الطلَقات النارية الأخيرة التي صوّبها رئيس «تيار المستقبل» في اتجاههما في مقابلته التلفزيوني­ة حيث اتهم جعجع بأنه لا يفكّر إلا بمصلحته، سائلاً إن كان عدم تسميته من قبل القوات في المرة الفائتة موقفاً مشرّفاً، فيما إتهم جنبلاط بأنه حاول إقناعه بإعطاء وزارة المالية للشيعة إلى الأبد، وأن الاتصال بينهما كان عاصفاً. وإذ يدلّ السجال الذي نشأ بين الحريري والقوات إلى أن لا تغيير مرجّحاً في موقف القوات من تسميته، فإن البعض يربط توجّه جعجع وجنبلاط لتسمية الحريري بالموقف السعودي والأمريكي الذي كان إلى حين تسمية مصطفى أديب معترضاً على عودة الحريري بسبب سياسة التنازلات التي ينتهجها و«التضحيات» التي يستفيد منها حزب الله

لتعزيز نفوذه وهيمنته داخل الدولة. وترتسم علامات استفهام حول الموقف الذي ستتخذه كتلة جنبلاط لجهة التقاط فرصة الانقاذ وعدم ذهاب الأمور نحو الانهيار تجاوباً مع المبادرة الفرنسية. وكان الحريري اعتذر عن عدم الترشّح قبل أشهر بسبب غياب الدعم المسيحي من جانب إحدى أكبر الكتلتين المسيحيتين وهما التيار الوطني الحر والقوات اللبنانية، وفي حال تأييده هذه المرة من قبل التيار فقط سيمشي بالتكليف.

في ضـوء هـذه المعطيات، فـإن أمــام الحريري مطبّات عليه تجاوزها بتأنٍ، وبناء على الاتصالات التي ستتم على أكثر من خط ستُحسَم الأمور علماً أن الحريري أعلن مسبقاً أنه باق على وعده بمنحه الثنائي الشيعي حقيبة المال، ويبقى الاتفاق على من

يختار هذا الوزير هل الثنائي بناء على لائحة من قِبله أم الحريري؟ وماذا عن موقف رئيس الجمهورية من الوزراء المسيحيين هل يترك للحريري التسمية أم يشترك معه في التأليف وفقاً لما ينصّ الدستور؟ مع العلم أن تغريدة الرئيس عون الأخيرة حملت أكثر من رسالة في غير اتجاه عندما انتقد التحجّر في المواقف وامتناع الأمم عن إعادة النظر بسلوكها ما يجعلها محكومة بالتخلّف، ولا تستطيع بناء ذاتها ومواكبة العصر، سائلاً «إلى متى يبقى وطننا رهينة تحجّر المواقف وغياب مراجعة الذات؟».

وكان الحريري من خلال رسالة الواتساب التي بعث بها إلى النائب باسيل بعد إصابته بفيروس كورونا للاطمئنان عليه أحدثت خرقاً في الجليد السميك بينهما، يمكن أن يُبنى عليه. إلا أن حلفاء الحريري وتحديداً جعجع وبدرجة أقلّ رئيس «تيار المردة» سليمان فرنجية لديهما نقزة دائمة من إعادة نسج تسوية بين الحريري وباسيل على حسابهما، في وقت يحاول الحريري الدفاع عن التسوية الرئاسية بعدم تحمّل مسؤوليتها وحده بل تحميلها بشكل أساسي إلى القوات التي كانت هي وراء دعم ترشيح الجنرال ميشال عون.

إذاً، فرصة جديدة تلوح لإعادة بثّ الروح في المبادرة الفرنسية تترافق مع بدء التفاوض حول ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل لتجنّب العقوبات الأمريكية، فهل ينجح الحريري في رهانه حيث فشل أديب؟ وهل تنفتح الآفاق لتنفيذ البرنامج الاقتصادي والمالي بالتعاون مع صندوق النقد الدولي قبل سقوط الهيكل على رؤوس الجميع؟

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom