Al-Quds Al-Arabi

الناخب الأمريكي حسم أمره في تحديد المرشح الفائز لانتخابات 2020 ولا فائدة من المناظرات الرئاسية المقبلة

المناظرات الانتخابية لا تفعل الكثير لتحريك ترتيب السباق بين المرشحين، إلا أنها تلعب دوراً حيوياً في العملية الديمقراطي­ة وهي فرصة للمرشحين لمخاطبة الشعب بشكل مباشر.

- واشنطن ـ «القدس العربي»: رائد صالحة

من غير المرجح أن تكون المناظرات الانتخابية المقبلة بين الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ومنافسه الديمقراطي جو بايدن أكثر جدوى من المناظرة الأولى، على الرغم من كل الضجيج الإعلامي المحيط، وهناك شكوك جادة بشأن مدى تأثير المناقشات على من سيفوز في الانتخابات.

المناظرات الانتخابية لم تغير نتائج الانتخابات الرئاسية كثيراً، ومن غير المرجح أن يكون هناك أي استثناء في هذا العام، خاصة وأن هناك قلة نادرة من الناخبين، أشارت إلى أن أنها مترددة في ترشيح اسم معين، أو أنها تفضل مرشحاً من طرف ثالث.

وقـد ركــزت تغطية المناظرة الرئاسية الأولــى على الهجمات الشخصية والاضطرابا­ت المتكررة، ووصف المراقبون المناظرة بأنها فوضوية و«لا يمكن السيطرة عليها» ولا تشبه أي شيء شهدته السياسة الأمريكية الحديثة.

ويشير هذا التقييم إلى أن المناظرة الرئاسية الأولى ستبقى محفورة في الذاكرة لسنوات، وعلى الرغم من أنها كما قال العديد من المحللين الأمريكيين، تعتبر مثالاً تحذيرياً على مستقبل المناظرات، إلا أن أحد الأسئلة الرئاسية الرئيسية المطروحة اليوم هي ما إذا كانت المناظرة الرئاسية قد غيرت رأي أي ناخب بطريقة حاسمة.

وتؤكد الأدلة التاريخية إلى أن الإجابة هي لا، وعلى سبيل المثال كان من المعتقد أن المرشحة الديمقراطي­ة السابقة هيلاري كلينتون قد فازت في المناظرات الثلاث في عام 2016 ولكنها خسرت الانتخابات، وفي عام 2012 اتفق الخبراء على أن المرشح ميت رامني قد فاز على الرئيس السابق باراك أوباما في المناظرة الأولى، إلا أن الأداء القوى في المناظرتين الثانية والثالثة والتركيز الأوســع على المخاطر الاقتصادية، قد أديـا إلى عودة السباق الرئاسي إلى ميزة طفيفة واضحة لأوباما.

وقد يكون للمناظرات الانتخابية تأثيرات مؤقتة على مكانة المرشحين في الاقتراع، إلا أن السباق يميل إلى العودة إلى التوازن الحالي قبل المناظرات، ونتيحة لذلك، فإن تأثير المناقشات على النتائج النهائية للانتخابات الرئاسية يميل إلى أن يكون ضئيلاً.

وقـال الباحث الأمريكي براين اريــور، وهـو أستاذ مشارك في العلوم السياسية في جامعة نيويورك، إنه يمكن تحديد بعض الحالات التي أدت فيها المناظرات إلى فوز مرشح معين، مشيراً إلى أن هذه الحالات التي وقعت في 1960 و1976 و2000 كانت لسابقات انتخابية متقاربة جداً، إذ خسر آل غور رسميا بسبب 537 صوتاً في ولاية فلوريدا.

ولا توجد مؤشرات على أن هذه الانتخابات متقاربة جداً، إذ أظهرت استطلاعات الرأي أن جو بايدن يتمتع بتقدم قوي ومستقر، بما في ذلك في الولايات المتأرجحة، وقـد تقلص الـفـارق قليلاً منذ الصيف، ولكن الحالة الأساسية للسباق لم تتغير منذ انـدلاع الاحتجاجات على مقتل جورج فلويد في حزيران/يونيو الماضي، وظل السباق مستقراً مع تقدم قوي لبايدن خلال الصيف.

واستنتج المحللون الأمريكيون أنّ نسبة أكبر من الناخبين قد اتخذوا قراراتهم، واعتبروا ذلك من الأسباب الرئيسية لاستقرار السباق هـذا العام، وقـد أظهرت استطلاعات الـرأي على سبيل المثال في عام 2016 أن نسبة الذين كانوا يرغبون بالتصويت لمرشح ثالث، بما في ذلك مرشح الحزب الليبرالي جاري جونسون ومرشحة حزب الخضر جيل شتاين، كانت أقل من 17 في المئة من الناخبين، ولكن الرقم يقل عن 6.7 في المئة هذا العام.

وهذا يعني ان هناك نسبة قليلة جداً من الناخبين الذين يمكن لأي مرشح التأثير عليهم أو جلبهم لطرفه، وحتى لو تم استخدام نسبة كبيرة من الناخبين المترددين في المناقشات كوسيلة لتحديد التصويت.

في نهاية المطاف، قد تتغير قواعد اللعبة في مناظرات هذا العام، إلا أن الخبراء لا يرجحون ذلك، إذ حسمت الغالبية العظمى من المرشحين رأيها منذ زمـن بعيد، ونتيجة لذلك ليس من المتوقع أن يتغير أي شيء في النصف الثاني من السباق الانتخابي في 2020 ولكن الخبراء أكدوا أنه وعلى الرغم من أن المناظرات الانتخابية لا تفعل الكثير لتحريك ترتيب السباق بين المرشحين، إلا أنها تلعب دوراً مهماً وحيوياً في العملية الديمقراطي­ة وهي فرصة للمرشحين لمخاطبة الشعب بشكل مباشر، كما أنها توفر فرصة للمرشحين لتقديم وعـود عامة للناخبين حول ما سيفعلونه في مناصبهم، وتزويد الناخبين بمعلومات مباشرة ليس فقط حول قضاياهم، ولكن أيضاً أولوياتهم.

وقد اقترح العديد من الباحثين، ومن بينهم ديفيد ماكلينان، أستاذ العلوم السياسية ومدير الاستطلاعا­ت في كلية ميريديث في ولاية نورث كارولاينا، أن المناظرات الانتخابية لم تعد تخدم أغراضها، وأنها يجب أن تنتهي، خاصة من سياق المناظرة الفوضوية الأخيرة بين ترامب وبايدن.

وأضاف ماكلينان أن هذه المناقشات المزعومة ليست مناقشات وفقاً للمفهوم الأكاديمي، حيث يتجادل بعض المرشحين مع وضد اقتراحات أو أفكار معينة، ويقدم كلا منهما الحجة المنطقية والأدلة القوية، وقال إنه لا يوجد شيء من هذا القبيل في المناظرات الانتخابية.

وتساءل الباحث ما إذا كان ترامب نفسه قد تعلم أي شـيء جديد منذ أن كـان عمره 21 عاماً من خلال المناقشات؟ وقــال إنـه من غير المحتمل أن بايدن قام بالتحضير للمناظرة بغرض تعلم شـيء جديد حول السياسة الخارجية أو الداخلية.

ويواجه هذا الرأي الكثير من الانتقادات، إذ أن المناظرات الانتخابية الرئاسية ليست مناقشات أكاديمية، ولكن النقاد أشـاروا إلا أن المناظرات كانت تهدف إلى زيادة وعي الناخب في بعض القضايا، وبالتاكيد لم يحدث هذا في المناظرة الأخيرة بين ترامب وبايدن، بل ويمكن القول إن ترامب ليست لديه رؤية سياسية واضحة كما أن رؤية بايدن السياسية غامضة إلى حد كبير.

وعلى أية حال، اتفق الخبراء على أن ترامب لن يلتزم بـأي شــروط أو قواعد أو أعــراف جديدة للمناظرات الرئاسية.

 ??  ?? بايدن ترامب
بايدن ترامب

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom