Al-Quds Al-Arabi

تركيا ما بين الرغبة في تحرير قره باغ عسكريا وقبول الهدنة لتجنب دخول روسيا الحرب

دخول روسيا بشكل مباشر إلى الصراع يعني انجرار تركيا إلى مواجهة عسكرية لا ترغب في تحملها في ظل انشغالها بملفات إدلب وليبيا، وشرق المتوسط.

- إسطنبول ـ «القدس العربي»: إسماعيل جمال

بعد أكثر من أسبوعين من المعارك بين أذربيجان وأرمينيا حول إقليم قره باغ المحتل، تجد تركيا نفسها أمام قرار صعب يتمثل في الاستمرار في دعم أذربيجان

واستغلال «الفرصة التاريخية» لتحرير قره باغ عسكرياً، أو قبول ودعم الهدنة المطروحة لتجنب حصول تدخل عسكري روسي مباشر في الأزمة قد يقلب موازين القوى لصالح أرمينيا.

وبدرجة أساسية تجد أنقرة نفسها أمام فرصة تاريخية من أجل دعم أذربيجان لتحرير كامل إقليم قره باغ المحتل منذ نحو 30 عاماً، لا سيما عقب التفوق الواضح للجيش الأذربيجان­ي في المعارك المتواصلة حيث تمكن من تحرير قرابة 40 بلدة وقربة من الإقليم وبسيط سيطرته عليها، ما عزز الاعتقاد بإمكانية مواصلة التقدم البري وتحرير مناطق أخرى.

ورغم الهجمات الصاروخية الأرمينية وضـــرب مناطق بالعمق الأذربيجان­ي وصولاً لمحيط العاصمة باكو إلا أن الجيش الأذربيجان­ي أظهر تفوقاً واضـحـاً في المعركة الأخيرة بفعل خططه الهجومية والأسلحة المتقدمة التي يستخدمها لا سيما المسيرات التركية التي أحدثت فارقاً كبيراً في المعارك وتمكنت من تدمير عدد كبير من الآليات والمدرعات والأنظمة الدفاعية للقوات الأرمينية.

في المقابل، تخشى تركيا أن يؤدي إطالة أمد القتال إلى دخول أطراف دولية أخرى إلى الصراع لا سيما روسيا التي سيؤدي دخولها بشكل مباشر إلى ترجيح موازين القوى بشكل كبير لصالح أرمينيا وحينها ستجد تركيا نفسها مضطرة لتقديم دعم عسكري مباشر لأذربيجان وما يحمله ذلك من سيناريوهات خطيرة.

فـدخـول روسـيـا بشكل مباشر إلى الصراع يعني مواجهة مخاطر كبرى تتعلق

بانجرار تركيا بشكل مباشر إلى مواجهة عسكرية كبيرة وطويلة الأمد مع احتمالات ومخاطر الصدام مع روسيا وإطالة أمد الأزمة وما يرافق ذلك من تبعات عسكرية وسياسية واقتصادية لا ترغب أنقرة في تحملها بالوقت الحالي على الإطلاق لا سيما في ظل انشغالها بملفات كبيرة أخرى ومنها إدلب في سوريا، والأوضاع في ليبيا، والتطورات الأخيرة في شرق المتوسط.

ولتجنب هذا السيناريو، ترغب أنقرة بدرجة أساسية في مساعدة أذربيجان على استثمار التفوق العسكري الـذي حققته على الأرض وذلك من خلال الدفع نحو حل سياسي مبني على التعاون مع روسيا ويتجنب الصدام معها ويحقق في نفس الوقت مكاسب لأذربيجان من خلال المفاوضات وليس من خلال الحرب. وعلى الرغم من أنقرة وباكو تعيان جيداً أن الطريقة الوحيدة لاسترجاع أي متر من أراض قـره بـاغ لن يكون إلا بالقوة العسكرية، إلا أن مخاطر توسع الصراع ونجــاح أرمينيا فـي استجلاب روسيا للمعركة يدفع نحو إعطاء فرصة أخرى للتفاوض، ولكن هذه المرة من منطلق قوة استناداً إلى النجاحات العسكرية على الأرض.

وعلى الرغم من أن الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ألمح قبل أيام إلى أن بلاده لا يمكنها التدخل عسكرياً لصالح أرمينيا طالما بقي النزاع محصوراً في إقليم قره باغ الذي اعترف مجدداً أنه تابع لأذربيجان، إلا أن ذلك لا يعطي تطمينات كبيرة لتركيا وأذربيجان اللتان تخشيان حصول تدخل روسي سواء بشكل مباشر أو غير مباشر وهـو ما من شأنه تغيير موازين القوى لصالح أرمينيا.

وفي هذا الإطار، قالت وزارة الخارجية التركية، السبت، إن الهدنة الإنسانية المعلنة بين أذربيجان وأرمينيا «هامة إلا أنها لن تحل مكان الحل الدائم» واعتبر البيان أن «أذربيجان أثبتت لأرمينيا وللعالم برمته قدرتها على استرداد أراضيها المحتلة منذ قرابة 30 عاما، بإمكاناتها الخاصة» ولفت إلى أن أذربيجان «منحت أرمينيا فرصة أخيرة للانسحاب من أراضيها المحتلة».

وأضــاف البيان: «وقــف إطــاق النار الذي أعلن بهدف تبادل الأسرى والجثث لأسـبـاب إنسانية خـطـوة أولـــى هامة؛ لكنه لن يحل محل الحـل الـدائـم» وأكد أن تركيا شددت منذ البداية على أنها لن تدعم إلا الحلول التي تقبل بها أذربيجان، معربا عن مواصلة أنقرة دعم باكو سياسيا وميدانيا في هذا الإطار.

وخلال اتصال مع نظيره الأذربيجان­ي لبحث مفاوضات التهدئة الجـاريـة في موسكو، أكد وزير الخارجية التركي مولود تشاووش أوغلو، عن دعـم بــاده لقرار أذربيجان فيما يتعلق بالهدنة الإنسانية مع أرمينيا، وقال: «تركيا لن تدعم إلا القرارات التي تقبل بها أذربيجان».

 ??  ?? من معارك قره باغ
من معارك قره باغ

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom