Al-Quds Al-Arabi

بحث علمي جديد: الأفكار السيئة تظل عالقة في الدماغ وتؤثر على مستقبلنا

- لندن ـ «القدس العربي»:

خلص بحث علمي جديد إلــى أن الأفـكـار السيئة والضارة تظل عالقة في الدماغ ولا تُحذف منه حتى بعد نسيانها، بما يؤثر سلباً على الإنسان ويـؤدي به إلى مشاكل صحية مستقبلية.

ويقول بحث علمي جديد نشر نتائجه موقع «ساينس أليرت» المتخصص بالعلوم إن محاولة قمع الأفكار المتكررة كوسيلة لمنح أدمغتنا استراحة وحماية صحتنا العقلية قد لا تكون أفضل استراتيجية.

وقال معدو الدراسة: «تقدم هذه النتائج دليلا عصبيا جديدا على انتشار الأفكار المكبوتة وتكشف عن شبكة من مناطق الدماغ، التي يجب استهدافها لعلاج اضطرابات التفكير المتطفلة» مثل اضطراب ما بعد الصدمة.

واختبرت الدراسة ذلك بمحتوى فكري محايد، حيث قام الفريق برسم خريطة لنشاط أدمغة 15 شخصا أثناء محاولتهم قمع أي أفكار أو صور، إما لتفاحة حمراء أو بروكلي.

وتمثل التحدي في تجنب التفكير في عنصر الطعام لمدة 12 ثانية فقط بعد مطالبة المشاركين بتخيله - وليس استبداله بصورة أخرى - فقط لإبقاء أذهانهم صافية.

وبعد الانتهاء من سلسلة المهام، ذكر ثمانية أشخاص أنهم نجحوا في قمع أي أفكار أو صـور للفاكهة أو الخضار، ولكن عمليات مسح الدماغ تشير إلى خلاف ذلك.

وتقيس تقنية تسمى التصوير بالرنين المغناطيسي الوظيفي، والتي تكشف عن التغيرات في تدفق الدم، نشاط الدماغ. ثم استُخدمت خوارزمية كمبيوتر ضُبطت لاكتشاف الاختلاف في أنماط نشاط الدماغ المقابلة للأفكار حول الفاكهة أو الخضار، لتحليل البيانات.

وقال عالم الأعصاب الإدراكي روجر كونيغ روبرت، من جامعة موناش في أستراليا: «باستخدام هذه الخوارزمية، يمكننا أن نرى ما يتخيله الناس حتى عندما لا يكونون على دراية به».

وأظـهـرت عمليات المسح أن التفكير الطوعي في المكونين، نشّط الجانب الأيسر من أدمغة المشاركين،

بينما تنشط الجانب الأيمن عندما حاولوا قمع مثل هذه الأفكار.

وقال جويل بيرسون، عالم الأعصاب الإدراكـي من جامعة نيو ساوث ويلز في سيدني بأستراليا: «تمكنا من إيجاد تمثيل مرئي للفكر - حتى عندما اعتقد المشاركون أنهم نجحوا في إخراج الصورة من أذهانهم. والقشرة البصرية - الجزء من الدماغ المسؤول عن الصور الذهنية - يبدو أنها تنتج الأفكار دون وعيهم. وهذا يشير إلى أن الصور الذهنية يمكن أن تتشكل حتى عندما نحاول منعها».

وعلى وجه التحديد، استمرت التمثيلات الشبيهة بالصور المرئية لأفكارهم الغذائية في القشرة الجانبية، وهي جزء من الدماغ يتعرف على الأشياء.

وخلص المعدون في ورقتهم البحثية إلى أن «هذه النتائج تشير إلى أن محتوى الأفكار المكبوتة موجود لكنه مخفي عن الوعي، على ما يبدو بدون معرفة الفرد، ما يوفر سببا مقنعا لعدم فعالية كبت الفكر».

ولكن «قمع الفكر» يعني تجنب التفكير في عنصر

واحد، وعدم استبداله بآخر أو تشتيت انتباهك. وفي هذه الحالة، لم يكن الباحثون متأكدين تماما من أن المشاركين الخمسة عشر لم يشتتوا انتباههم بأفكار أخرى لتجنب التفكير في التفاح والبروكلي.

ويقول الباحثون إن ثمة حاجة لدراسات مستقبلية تشمل المزيد من الناس؛ وبالمثل، تختبر تجارب أخرى ما يحدث في الدماغ عندما يحاول الناس استبدال فكرة بأخرى، بدلا من محاولة قمع فكرة مزعجة تماماً.

واقترح بحث سابق من المجموعة نفسها، نُشر في عام 2019 أن استبدال الأفكار أكثر فعالية من كبت السيطرة على الفكر.

وبالطبع، فإن الكذب في ماسح ضوئي للدماغ يفكر في الفواكه والخـضـروا­ت، يختلف قليلا عن مخاوف الحياة اليومية، أو أنمـاط التفكير التي تظهر بسبب مشاكل الصحة العقلية.

ولكن هذه النتائج هي خطوة إلى الأمام في فهم عقولنا بشكل أفضل، والراحة في معرفة سبب صعوبة التحكم في الأفكار غير المرغوب فيها.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom