Al-Quds Al-Arabi

ماذا بعد إذلال ليفربول وانتقام مورينيو من مانشستر يونايتد؟

- لندن ـ «القدس العربي»: عادل منصور

أُسدل الستار على الجولة الرابعة للدوري الإنكليزي الممتاز، بنتائج مدوية، تندرج تحت مُسمى فضائح كـرويـة أو وصمة عــار فـي تاريخ الخاسر، بدأها البرتغالي جوزيه مورينيو، بالرقص على جثة ناديه السابق، بقيادة توتنهام لتحقيق أكـبـر فــوز فـي تـاريـخ مواجهاته المباشرة مع مانشستر يونايتد، 1/6 في قلب «أولد ترافورد»، وتبعه أستون فيلا، باكتساح حامل اللقب ليفربول بسبعة أهداف مقابل اثنين من توقيع محمد صلاح، كأقوى رد على غطرسة المدرب الألماني يورغن كـلـوب، بعد التغير المفاجئ، من مــدرب حكيم يُضرب به المثل في التواضع واحترام الغير، إلى نموذج مصغر من شخصية العقيد هشام أبو الوفا، التي جسدها العبقري أحمد زكي في رائعته «زوجة رجل مهم .»

بدون سابق إنذار، انفجر كلوب فــي وجـــه أســـطـــو­رة مانشستر يـونـايـتـ­د روي كـــن، فــي اللقاء الــروتــي­ــنــي مـــع شـبـكـة «سـكـاي سبورتس»، بعد فوز ليفربول بشق الأنفس على آرسنال بنتيجة ‪1- 3‬ في الأسبوع الثالث للبريميرلي­غ، لعدم تحمل مـدرب الـريـدز، لجملة عابرة قالها الايرلندي أثناء تحليله في الاستوديو أنـه «كانت هناك لحظات سيئة لليفربول في المباراة، لكن الأداء كان مذهلا،» ورغـم أن كـن كــان لطيفا فـي نـقـده، إلا أن مدرب بوروسيا دورتموند السابق، بالغ في تعنيف المحلل، بأسلوب يفوح منه الغرور والاستعلاء، حتى أنه لم يكتف بتهميش الرأي الآخر، بل سخر منه قائلا: «يبدو أنه كان يشاهد مباراة أخــرى،» لاعتقاده بأن فريقه قدم مباراة «مثالية»، لكن لو شاهد الإعــادة، سيجد أنه لولا بـراءة الفرنسي ألكسندر لاكازيت وكرمه الزائد على الحد، لما انتهى اللقاء بهذه النتيجة. وكنا في نفس المنبر، سلطنا الضوء على نقاط الضعف والمشاكل، التي أفقدت دفــاع أحمر الميرسيساي­د هيبته، مقارنة بوضعه قبل سقوط القناع أمــام إسماعيل ســار ورفـاقـه في واتفورد فبراير/ شباط الماضي، صحيح على المستوى الشخصي توقعنا معاناة كتيبة يورغن هذا الموسم، بارتفاع معدل استقبال الأهــداف وفقدان النقاط، لكن ما فاق التوقعات، أن الكارثة وقعت في وقت مبكر للغاية، وأمـام من؟ الناجي بأعجوبة من الهبوط الموسم الماضي، وليس حتى أمام واحد من الخمسة الكبار التقليديين، ولو أنها من الممكن أن تكون «ضارة نافعة» للمدرب قبل فــوات الأوان، منها يكسر حدة الغرور، التي انعكست عـلـى الــاعــبـ­ـن، كـمـا تجـلـى في تصريحات محمد صلاح وفيرجيل فــان دايــك وأدريـــان بعد الهزيمة أمـــام أتلتيكو مــدريــد فــي ذهــاب دور الــ16 لـدوري الأبطال، ومنها أيضا، يراجع حساباته مع نفسه، ليضع يده على الخلل، الذي تسبب في هبوط منحنى الفريق وجعله يستقبل 11 هدفا فـي أول أربـع مواجهات، كأسوأ بداية للفريق منذ أواخـــر الثلاثينات، تحديدا منذ نسخة ،1939-1938 وأيضا أثقل هزيمة لحامل لقب بالمسمى والنظام الحالي للبريميرلي­غ، وللمرة الأولــى تستقبل الشباك الحمراء هذا الكم المرعب من الأهـداف، منذ آخر خسارة بنفس النتيجة على يد توتنهام عام 1963.

ربما يكون ليفربول تأثر بغياب أكثر من عنصر أساسي، أبرزهم ساديو ماني والحــارس أليسون، لكن كما قـال كلوب بعد المـبـاراة: «هــذا ليس عــذرا لاستقبال سبعة أهــداف في 90 دقيقة»، وبالنظر إلى الأسباب التي أدت إلى حدوث كـارثـة «فيلا بـــارك»، سنجد أنها نفس المشاكل والأخـطـاء التي لم يعمل كلوب على إصلاحها منذ فترة ليست قصيرة، تحديدا منذ عودة اللاعبين من العطلة الشتوية الأخــيــر­ة، بتبدل أوضـــاع لاعبين بأعينهم، كانوا يصنعون الفارق، عندما كان الفريق في أوج لحظاته فـي دوري الأبــطــا­ل المـوسـم قبل المــاضــي وحـتـى فـبـرايـر/شـبـاط الأخيرة، في مقدمتهم فان دايك، الذي كثرت هفواته بشكل غير مبرر. بجانب ذلـك، فهم مدربو الـدوري الإنكليزي الممتاز طريقة التعامل معه، بتحويل سلاحه ونقطة قوته، كمدافع لا يسمح لأحد بمراوغته، إلى نقطة ضعف وصداع في رأس كــلــوب، بـضـرب صـخـرة دفـاعـه، بـتـمـريـر­ات فــي ظـهـره لأصـحـاب الــســرعـ­ـات، طـالمـا أنـــه بمصطلح المدربين «لا يبيع نفسه،» بالدخول في مواجهات مباشرة مع المهاجمين وصــنــاع اللعب لافـتـكـاك الـكـرة، معتمدا على ماضيه الجميل، بُحسن التوقع وقراءة أفكار المنافسين مع التمركز الصحيح، لقطع الكرة في الوقت المناسب، وكما نشاهد، هذه المزايا، لم تعد تنطلي على المدربين، والــدلــي­ــل عـلـى ذلـــك، لـيـس فقط الأهداف الكثيرة التي سكنت شباك الحارسين أليسون والمخيب أدريان، بــل أيـضـا الانـــفــ­ـرادات والـفـرص السهلة التي تفنن مهاجمو الخصوم في إهدارها.

ويـتـشـارك مــع الـهـولـنـ­دي في تـراجـع الأداء الـدفـاعـي، الظهير الأيمن ألكسندر أرنولد، الذي تحول هو الآخـر من مصدر قوة ومفتاح لعب حيوي، إلى ثغرة أوضـح من شمس ظهيرة الصيف، بإفراطه في القيام بأدواره الهجومية، على حساب دوره الرئيسي، بغلق كل الطرق المؤدية إلى المرمى من جهته اليمنى، ما تسبب بشكل أو بآخر في تحـول جهته إلـى شـارع مريح للمنافسين، كما أعطى العبقري مارسيلو بييلسا، درسـا للجميع، فـي كيفية استباحة واستغلال تــقــدم صــاحــب الاســــم المــــزدو­ج إلى الأمــام، بتمريرات مباغتة في الـفـدان الخـالـي فـي ظهر أرنـولـد، ليفعل جــاك هـاريـسـون مـا فعله في المباراة التي تركت أول جرس إنذار حقيقي، بكشف كل مساوئ الــدفــاع وظـهـور مـامـح الإفــاس الكروي، معتمدا على إستراتيجيت­ه الثابتة، باللعب بطريقة ،3-3-4 مع أسلوب الضغط العالي، الذي أصبح مكشوفا أمام جُل المنافسين. بجانب ذلك، لم يعد كثير من رجاله المخـلـصـن قــادريــن عـلـى تطبيق أسلوبه العدائي، بعدم التوقف عن الركض لتنفيذ فكره، بالضغط الهائل على المنافس إمـا لإجباره على ترك الكرة أو قطعها في آخر 30 مترا في الملعب، وهذا يرجع في الأساس، لاختلاف معدل أعمار هذه المجموعة في أواخـر 2020 مقارنة

بأعمارهم قبل ثلاث سنوات، عندما اكتمل الجـزء الأكبر من المشروع، بالتشكيلة التي أعادت النادي إلى نهائي دوري أبطال أوروبـا للمرة الأولى منذ 11 عاما. البعض منهم كسر حاجز الــ30، والبعض الآخر أصبح على أعتاب الثلاثينات، حتى المراهق منهم، أصبح شابا يافعا في بداية العشرينات، والشيء المحير ويدعو للاستغراب، أن المـدرب لم يبرم صفقات رنانة لتعزيز القوة الضاربة لمشروعه، ولخلق منافسة إيجابية بين الأساسيين والبدلاء، وربما لولا البداية غير المبشرة، لما أنفقت الإدارة 66 مليونا لشراء دييغو جوتا وتياغو ألكانتارا، حفاظا لماء الوجه أمام المشجعين.

ولأن المصائب لا تأتي فـرادى، أصيب الـوافـد الإسباني الجديد وأسد التيرانغا بفيروس كورونا، وتبعهما أليسون بانتكاسة، على إثـرهـا سيبقى خــارج الحسابات لفترة قد تزيد على أربعة أسابيع، ليدفع المدرب الألماني ضريبة باهظة الثمن أمـام الفيلانس، بتجمع كل تراكمات وأخطاء الفترة الماضية في أسوأ 90 دقيقة مرت عليه في

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom