Al-Quds Al-Arabi

المغرب: حصيلة جديدة مقلقة للإصابات بالفيروس وبدء عودة السياح إلى مراكش وتعايش المواطنين مع الكمامات قاد إلى الابتكار

3 إصابات نصفها في جهة الدار البيضاء

- الرباط ـ «القدس العربي» من الطاهر الطويل:

أصبحت حــالات الإصابة بفيروس كورونا المســتجد في المغرب تتضاعف باســتمرار، مما يثير مخاوف وقلقاً حول مســتقبل الحالــة الوبائية، ويزداد معها الســؤال حول مدى توفر الإمكانيات لاســتيعاب الأعداد المتزايدة من المرضى؛ فرغم خطاب الطمأنــة وعدم التهوين الذين كان المســؤولو­ن الحكوميون يرددونه منذ بضعة شهور، فإن مصادر تكشــف عن وجود نقص وقصور في التعامل مع الخطر المحدق للجائحة علــى الصحة العامة والواقع المعيشي للناس وحركية الاقتصاد المحلي.

المعطيات الجديدة التي أعلن عنها عشية السبت كانت صادمة: 3443 إصابة جديدة بالفيروس خلال 24 ساعة، نصفها سُــجّل في جهة "الدار البيضاء ـ سطات" لوحدها (1733 حالة( وهي حصيلة رفعت العدد الإجمالي لحالات الإصابــة المؤكدة في المغرب إلــى 149 ألفاً و841 حالة منذ الإعــان عن أول حالة فــي 2 آذار/ مــارس الماضي، فيما أُعلنَ عن 42 وفاة، ووجــود 445 حالة في غرف الطوارئ والعنايــة المركزة، منهــا 41 تحت التنفــس الاصطناعي الاختراقي.

واقع مؤسف

رغم كــون هذه الأرقام مخيفــة للكثيرين، فإن مصادر تؤكد أن المعطيــات التي يعلن عنها يوميــاً أقل بكثير من عدد الحــالات المصابة فعلياً، ومن ثم ـ يقول الخبير محمد أمين بروحــو ـ فإن الأرقام ليســت دقيقــة، فمهما كانت قدرات المستشــفي­ات المغربية، فإنها ســتظل عاجزة عن تشــخيص كل الحــالات، تماماً مثلما هو الحــال في دول معروفة بمســتواها الصحي المتطور. وفي هذا الســياق أنجزت صحيفة "أخبار اليوم" تحقيقاً استقصائياً رصدت فيه "الاختلالات" الموجودة في مسار تشخيص الجائحة، مشيرة إلى أن هناك مختبرات خاصة يشتبه في إخفائها النتائج الحقيقية للاختبارات، وأوضحت بهذا الخصوص أن بعض المختبــرا­ت كانــت تُخيّر المرضى المشــتبه في إصابتهم، والذين يتقدمون إليهــا، بين إدخال معطياتهم في قاعدة البيانات، أو التغاضي عنها، ما يجعل البيانات التي تقدمهــا مصالح وزارة الصحة محط شــكوك حول صدقيتها. وتطرقت الصحيفة نفسها إلى النقص الموجود في الأجهــزة الطبية، موضحــة أن 17 محافظة وإقليماً لا يتوفر على جهاز فحص بالأشعة )سكانير( واحد، علاوة على النقص الحاد والمهول في الكوادر الصحية.

ونقلــت عــن الخبيــر محمــد زيــزي قولــه إن أزمة كوروناعرّت وكشفت واقعاً مؤسفاً ومؤلماً لما يعيشه قطاع الصحة في المغرب، نتيجة تراكمات ســنوات من ســوء التدبيــر وغياب قواعد الحكامة، خصوصــاً في ما يتعلق بالنقص المهول في الكوادر الصحية، نتيجة فقدان القطاع

لجاذبيته، مما ســبب في عزوف الأطبــاء عن الالتحاق بالوظيفة العموميــة. وأضاف أن الدولــة بكل أجهزتها مدعوة إلى التفكير في إيجاد خطــة صحية أكثر نجاعة لإنقــاذ ما يمكن إنقاذه، فالأمن الصحــي ـ وفق تعبيره ـ متعلق أساساً بمدى مراقبة وتتبع الوضع الصحي بشكل أساسي. واســتطرد قائلاً: "دون أن ننسى أن العمل في غرف العناية المركزة يتطلب ساعات طويلة ومتواصلة، وبــذل مجهــود كبير، في ظــروف صعبــة تقتضي أخذ احتياطــات وإجــراءات وقائية، فللأســف نتيجة لهذا الوضع وجدت الطواقم الطبية نفســها منهكة مع ارتفاع عدد المصابين في غــرف العناية، ولا نعلــم ما هي قدرة تحمل تلك الكوادر على قلتها للضغط الاســتثنا­ئي الذي تعيشــه منذ بداية الجائحة، وهذا ما يفســر ضعف أداء الفرق المكلفة برعاية المرضى".

الأرقام تقــول كل شــيء: إذ يوجد فقــط 439 طبيباً مختصاً في العناية المركــزة والتخدير، أكثر من نصفهم

يعملون في أربــع جهات من بين جهــات المغرب الاثنتي عشــرة. كما يوجد 1992 ممرضاً وممرضة مختصين في العناية المركزة. وواضح أن نصيــب المناطق النائية من الكوادر الطبية ضئيل جداً، مثلما تؤكد المصادر.

الصحيفــة المذكورة ســاقت مثالين لواقــع الجائحة وغرائبها فــي المغــرب، الأول: جثة بقيت عشــرة أيام في مســتودع الأموات تنتظر اختبــار كورونا. والثاني: مريض مــات ودُفن وفــق بروتوكول "كورونــا" لتظهر نتيجة اختباره سلبية.

فحص صفقات الصحة

على صعيد آخر، تشــرع لجنة افتحاص في صفقات وزارة الصحــة عملها بــدءاً من هذا الأســبوع، بعدما وافق الحبيب المالكــي، رئيس مجلس النواب المغربي، على تشــكليها، بناء على طلب تقدم بــه نائب برلماني

من حزب التقدم والاشــترا­كية المعارض، وزكته "لجنة القطاعــات الاجتماعيـ­ـة". وينصــب الافتحاص على التدقيق في أكثــر من 200 صفقة أنجــزت خلال وباء "كورنا" والتحقق من شــفافيتها وعدالتها، والوقوف على الشــركات المســتفيد­ة من الصفقــات التي تمت بشــكل تفاوضي. وأفاد موقــع "زنقــة 20" أن اللجنة ستدشــن أولى اجتماعاتها بعد الحصول على موافقة رئيس الحكومة من خلال جلسة إنصات لوزير الصحة قبل اســتدعاء الكاتب العام بالنيابة ومدير الشؤون المالية وعدد من المــدراء المركزيين الذين لهم ارتباطات بموضوع الصفقات.

وأخرى، وكمؤشــر على قرب اســتعادة السياحة المغربية عافيتها، حل مســاء أول أمس الســبت أول فوج يضم ســياحاً فرنسيين، في مطار مراكش المنارة الدولي، بعد أشــهر طويلة من إغلاق الحدود المغربية بسبب الأزمة الصحية الناجمة عن جائحة "كورونا".

ويكتســي وصــول هذه المجموعــة التــي تتألف من 160 سائحاً فرنســياً على متن رحلة للخطوط الملكية المغربيــة رمزية كبــرى، ويحمل أملاً كبيراً بالنســبة لمجمــوع العاملين في القطاع، وكــذا الجهات المختصة التــي تطمح إلى الدفــع بهذه الوجهــة المرموقة على الصعيد الدولي.

روح التفاؤل

وبعدما أصبح المواطنون يتعايشــون مــع الكمامات الوقائية، لأن ارتداءهــا إجباري في المغرب، تحت طائلة عقوبة ســجنية أو غرامــة مالية، فقد صــار الكثيرون لا يكتفون باقتناء الكمامات الجاهزة والعادية، بل يرغبون في تلــك التي تحمل ميــزات خاصــة. وأوضحت وكالة الأنبــاء المغربية، في تقرير لهــا، أن العديد من المصممين في مجال الخياطــة عمدوا إلى التفنن في ابتكار أشــكال متنوعة مــن هذه الكمامــات المســتحدث­ة، وذلك بهدف اقتحام عالم الموضة من بابه الواســع، مما جعلها تحيد عن غايتها الوقائية لتصبح - في مُعتَقد البعض- "نوعاً من الترف". فإلى جانب الألوان الزاهية وطبيعة القماش المختار بعناية فائقــة لتصميم الكمامة حتى تكون جذابة ومنسجمة مع البدلة التي ترتديها المرأة أو الرجل وحتى الأطفــال على حد ســواء، فقد كان الحــرص كبيراً على مراعاة أدق التفاصيل عند تصميمها، كأن تكون مأخوذة من ثوب القميص أو الكسوة أو الجلباب المعد للباس.

وذهب البعض إلى حد طرز أو وشــم شعارات ورموز الفــرق أو الأندية الرياضية أو المؤسســات الإنتاجية أو الخدماتيــ­ة أو أعلام الدول، وأحياناً اســتلهام لوحة من وحــي الطبيعة، أو مقولــة من المقــولات المتداولة للفت الأنظار، أو إحدى الرســوم المحبوبة عنــد الأطفال وفئة الشــباب. وبما أن الكمامة الواقية طمست هوية وملامح حامليهــا، فقد بادر بعض المصممين إلى طبع الابتســام­ة على واجهتهــا، لعلها تبعث روح التفاؤل على المحيا، أملاً فــي أن تنزاح هذه الغمة وتســتعيد الحياة ســيرورتها المعتــادة، حتى ينعم الإنســان بالســكينة والطمأنينة ويستلذ الطعم الحقيقي للحياة.

وعن تســاؤلات المواطنين بخصوص فعالية الكمامات من حيث الحماية والوقاية، يوضح البروفيســ­ور شكيب عبــد الفتــاح )أخصائي فــي الأمراض المعديــة والطب الوقائــي في المستشــفى الجامعي ابن رشــد فــي الدار البيضاء( فــي تصريح لوكالة الأنباء المغربية، أن طبيعة الكمامات الطبية التي تستعمل لتجنيب المريض العدوى خاصة أثناء العمليات الجراحية لا يسمح بارتدائها أكثر من أربع ساعات، مما يتطلب استبدالها من ثلاث إلى أربع مرات في اليوم، وهو ما يشــكل في حد ذاته عبئاً مادياً. أما بالنسبة لباقي الكمامات الواقية الأخرى الأقل فعالية من الكمامــات الطبية، فبالنظر إلــى مكونات محتويات قماشــها، فهي تبقى قابلة للغســل، مما يســمح بإعادة استعمالها، وبذلك تبقى تكلفتها معقولة.

 ??  ?? أحد شوارع مدينة مراكش المغربية وقد خلا من المارة
أحد شوارع مدينة مراكش المغربية وقد خلا من المارة

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom