Al-Quds Al-Arabi

هكذا يفهم لبنان و«حزب الله» أن لا مستقبل لهم دون مفاوضات مع إسرائيل

بعد «المرفأ» واتفاقيات التطبيع:

- دانييل سيريوتي إسرائيل اليوم 2020/10/11

■ للمفارقــة، إن الانفجار الذي وقع في مرفأ بيروت قبل نحو شــهرين والمصيبة التــي أوقعهــا علــى عاصمة لبنــان كان المحفز الــذي أدى إلى تغييــر القرص في أوســاط أصحاب القرار في قيادة الدولة. فقــد جعلهم يســتوعبون أن منع الانهيار المتواصــل للاقتصــاد اللبنانــي، الــذي وصل إلــى الإفلاس والعجز عن تســديد الديــون، لن يكــون ممكنــاً ألا من خلال زيادة كبيــرة لمداخيل الدولــة من حقول الغاز التي اكتشــفت في البحر المتوسط. وثمة خــاف بين لبنان وإســرائيل حول قســم من الحقول، مما منع شركات الطاقة الكبرى التوقيع على اتفاقات لفتح حقول الغاز في مجال الميــاه الاقتصادية للبنان، وبذلك زيادة المداخيل التي يتوق لها. منذ فترة طويلة تغرق الدولة في أكوام القمامة وتعانــي أزمــة طاقة خطيرة تــؤدي إلى توقفات شاملة للكهرباء والمياه.

وثمة افتراض بأنه لو لم يقع الانفجار، لأعلن تنظيــم الإرهاب اللبناني حزب الله في خطاب خاص للأمين العام حسن نصر الله بأنه «لن تكون هنــاك أبداً مفاوضات مدنية أو غير مباشرة مع الكيان اليهودي المحتل. لبنان، مثل حــزب الله أيضاً وكل دولة عربية، يرفض كل مؤشــر تطبيع مع الكيان المسمى إســرائيل» ولكن نصر الله

ودائرة مقربيه في قيادة التنظيم الإرهابي الشيعي، الذي يســيطر على لبنان عملياً، يعرفون بأن منع المفاوضات غير المباشرة لترســيم الحــدود البحريــة والبريــة والخلاف مع إســرائيل سيمنع ولسنوات طويلــة إمكانية أن يزيد لبنــان مداخيله بشكل كبير لصندوق الدولة الفارغ.

فضلاً عن ذلك، فإن الأمين العام لحزب اللــه وتنظيمه الذين يعلنــون عن كونهم وطنيين لبنانيين قبل كل شيء، على وعي بنقد الجماهير لهم في الشــارع اللبناني. وإلى جانب النقد، تطلب المحافل الليبرالية في لبنــان من حزب اللــه ـ كونه تنظيماً سياسياً شرعياً ـ أن ينزع سلاحه ويسمح للجيش اللبناني بتنفيــذ مهام الدفاع عن الأمن الجاري للوطن.

كما أن حقيقة الولايــات المتحدة ودولاً أوروبية لــم تعد تميز بين نشــاط الذراع السياســي لحزب الله والنشاط الإرهابي للــذراع العســكري، تســاهم فــي صمت التنظيم فــي كل ما يتعلق بالمفاوضات غير المباشــرة مع إسرائيل بوســاطة أمريكية والتــي ســتبدأ بعد أيــام قليلة فــي مقر اليونيفيل في بلدة الناقورة الحدودية.

محافل سياســية في لبنــان ترفض كل مؤشــر تطبيع مع إســرائيل، بما في ذلك رجال حزب اللــه، وهي مطالبــة كل يوم تقريبــاً أن تتطــرق في وســائل الإعلام العربية بشكل عام واللبنانية بشكل خاص للمفاوضــا­ت غيــر المباشــرة. وعلى حد

هذه المحافل، فــإن حزب الله يصمت؛ لأنها مفاوضات مدنية تجري بشكل غير مباشر برعايــة الأمم المتحدة ومحافل سياســية ثالثــة، ولأن الحديث لا يدور عــن اتفاق «من شأنه لا سمح الله» على حد قولهم، أن يؤدي إلى نوع من التطبيع بين الدولتين.

ولكــن علــى خلفيــة الاتفاقــا­ت الإســرائي­لية مــع الإمــارات والبحرين، وحين تصدر كل يــوم تقديرات عن الدول العربيــة التالية التي ســتطبع العلاقات مــع «الكيــان الصهيوني» وحين تســمح السعودية لرحلات الطيران التجارية من إسرائيل المرور في مجالها... حين يحصل كل هذا، فســيفهم لبنان وحزب الله، على حد ســواء، بأن الشرق الأوسط في ذروة تغيير واسع.

في شــرق أوســط تضع فيه إسرائيل ومصر والأردن والســلطة الفلســطين­ية الخلافــات جانباً لإقامة منتــدى للتعاون الاقتصادي والمدني مــع اليونان وقبرص في مجــال الطاقة، واضــح للبنانيين بأن إذا واصلت دولتهم التصرف حسب قواعد ميليشــيا الإرهاب العســكرية، فستبقى بــاد الأرز بعيدة في الخلف وســتضطر للمواجهــة وحدها. وإذا تحقــق في الأرز شــيء، فماذا ســيقول أذرع الإرهاب من حــزب الله؟ يخيل أن صمت حســن نصر الله يجيب عن السؤال.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom