Al-Quds Al-Arabi

هواجس مبكرة في «بيت» حكومة الأردن: «الوباء» و«الكاش» بدون «خدش البنوك»... هل يُحِّرك الخصاونة «المياه الراكدة»؟

- عمان - «القدس العربي» من بسام البدارين:

يتحدث رئيس الوزراء الأردني الجديد الدكتور بشر الخصاونة، مباشرة بعد أداء اليمين الدســتوري­ة والاجتماع الأول لمجلس الــوزراء، عن اعتزال «الشعبوية» واتخاذ بعض القرارات حتى لو كانت «مؤلمة» واعداً بالشفافية والمصارحة.

بوضوح شــديد، تلك إشــارة يفهم منها القطع مع مرحلة رئيس الوزراء السابق الدكتور عمر الرزاز وفي اتجاهين.

الأول، تخفيف الحكومة ورئيســها من الكلام والإنشائيا­ت التي تخاطب الغرائز.

والثاني، التركيز على تهيئة الرأي العــام لبعض القرارات التي قد تكون مؤلمة، ويبدو أن الإشارة هنا لها علاقة بالوضع الاقتصادي والمعيشي أيضاً، خصوصاً وقد لمست «القدس العربي» مباشــرة ومن أقرب الدوائر للرئيس بشــر الخصاونة، الحرص الشــديد ليس فقط على الالتــزام بالتوجيهات الملكيــة، ولكن أيضاً على تقديم شــيء محدد وواضح للشــارع الأردني في مرحلة أزمة استثنائية.

وحســب الإشــارات التي التقطتها «القــدس العربي» مبكــراً من نوايا الــوزارة الجديــدة، فالأولوية ســتكون للتعاطي بطريقة علميــة أكثر في استراتيجية الاشــتباك مع الوباء، وستكون أيضاً للبحث في ملف شائك مع القطاع الخاص وقطاع البنوك بعنوان ضخ المزيد من الســيولة في الأسواق على أمل التحريك والتعويض الاقتصادي، وبحرص شديد ودقيق على أن لا يتأثر القطاع البنكي المالي باعتباره من عناوين النجاح والتميز ومن أسس الصمود الاقتصادي.

تلك مســألة ســتبحثها الحكومة لاحقاً وبالتفصيل، وما يمكن رصده من تعبيرات وزير المالية الدكتور محمد العسعس لا يعارض مثل هذه الاتجاهات إذا توفرت الضمانات الكافية للحرص على تحريك المال قليلاً في الأســواق، لأن ذلك سينتج عنه فائدة ومكاسب للقطاعات والمواطنين والخزينة أيضاً.

وعملياً، يشــدد مجدداً رئيــس غرفة تجارة عمان خليــل الحاج توفيق،

وهو يســتعرض مع «القــدس العربي» معادلة العلاقة بين نقص الســيولة والضغوط، على قطاع تجاري يمس مباشــرة بمعيشة المواطنين ويدير ما لا يقل عن 60 من عجلة الحركة الاقتصادية والأسواق.

يفترض الحاج توفيق طبعــاً تأطير اتجاه اقتصادي وطني أفقي من جهة الفريق الوزاري بعيداً عن التنميط، وفي سياق يحرص على المصلحة العامة ويؤيد ضخ الســيولة والنقد بضمانات عالية وأسعار فائدة بسيطة أو يمكن التفاهم عليها في إطار المســؤولي­ة الاجتماعية ما دامت الخزينة، ولأســباب يفهما الجميع، ليست بصدد الضخ أو تعويض خسائر القطاعات، خصوصاً المتوسطة والصغيرة التي تعاني أكثر من غيرها.

بوضوح، وأمام وزير الدولة لشــؤون رئاســة الوزراء القطب القانوني إبراهيم الجازي، تحدثت «القدس العربي» عن حوار أفقي وطني مسؤول مع القطاعات الحيوية والمؤسســا­ت المختصة والأهلية سبق أن تجاهله الطاقم الاقتصادي الســابق ووعدت الحكومــة الحالية فوراً بالدراســة والتقييم الســريع، حيث لا يتحفظ الخصاونة على المســألة إلا في سياق ما لا يخدش من قريب أو بعيد استقرار المؤسســات المصرفية والبنوكوال­تي يعتبرها من أعمدة الاقتصاد الوطني الأساسية.

الراغبون في التحاور مع الحكومة، ومنهم الحاج توفيق ورفاقه في غرف التجارة وجمعية الأعمال وغيرها من المؤسسات، لا يريدون خدش أي جهة، ويقترحــون حواراً منتجاً مــع الحكومة في المرحلة اللاحقــة هدفه النهائي مصالح الدولة والناس فــي تخفيف حدة الاحتقان والحد من الألم والمعاناة الاقتصادية جراء تداعيات فيروس كورونا.

يؤمن الوزير العسعس بذلك، ولا يعارضه إطلاقاً الوزير الجازي، ويعمل الرئيس الخصاونة على هذا الأساس منطلقاً من تفويض مرجعي شامل ومن تمثيل عريض لغالبية المكونات والقطاعات بعد تعيين 32 وزيراً في حكومته وعلى أساس برنامج الخطة التنفيذية التي ستقدم لجلالة الملك، ملتزمة هذه المرة ليس بالكلام والإنشائيا­ت ولكن بســقف زمني محدد مسبقاً وبأدوات قابلة للقياس.

يبــدو أن وزيرين علــى الأقل في الحكومــة الجديدة ســيراقبان التزام تنفيذ هذه المهمة، وهما الوزيرة المســؤولة عن تقييم الأداء الحكومي رابعة العجارمة، والوزير المختص بالتنسيق بين الوزارات نواف التل، تطبيقاً على

ما يبدو لوصفة ســبق أن نتجت عن معاناة حقيقية في مسألة التنسيق بين الوزراء عايشــها المجلس الاقتصادي والاجتماعي خلال أزمة كورونا عندما كان يترأس فريقه في التنفيذ عضو مجلس الأعيان الحالي الدكتور مصطفى الحمارنة.

حوارات «القدس العربي» مع بعض أركان حكومة الخصاونة قبل اليمين الدســتوري­ة وفي بيت الحكومة الوليدة، تؤشــر على معرفة مسبقة بقراءة صفحات الألم والمعاناة الأساســية، وما يبدو عليــه الأمر أن رئيس الوزراء نفسه يبدأ الاشتباك وورشة العمل وفي ذهنه الأولويات التي تقلق الأردنيين بالتوازي مع عين الرقابة الملكية الحادة التي كانت بدورها واضحة، تحديداً في مســألتي وضع الاســترات­يجيات التنفيذية وتقييمها، وســقفها الزمني وقياسها.

تلك على صعيد المسألة الاقتصادية أشــبه بالمهمة الأصعب الآن مع طاقم وزاري اقتصادي عريض ومتنوع. لكن الحكومة الجديدة لامست فوراً شغف الأردنيين بالطمأنينة الصحيــة، فالخصاونة اختار مبكراً التحدث بتفصيلة جزئيــة قبل أي خطاب آخر عندمــا أبلغ الأردنيين فــي تصريحه الأول بأن مختصاً يعتد به وسيختار بعناية ســتكلفه الحكومة برئاسة الطاقم المعني بوباء كورونا.

وهــذا يعني بيروقراطياً أن لا يتفرغ وزيــر الصحة الجديد الدكتور نذير عبيدات والمختص بالوبائيات من جهته للعمــل على كورونا، كما كان يفعل سابقه الدكتور سعد جابر، فمهمة عبيدات أيضاً بقيت إشغال وإعمال القطاع الصحي، الذي يتراجع على أكثر من صعيد. ومســؤول ملف فيروس الجديد ســيحظى على الأرجح بمســاحة واســعة، الأمر الذي يبــرر تحدث رئيس الوزراء عنه قبل غيره من المسؤوليات.

يوحي المشهد هنا بأن الاشتباك مع فيروس قد تتغير تقنياته، وأن اللجان المختصة الوبائية ستحظى باستقلالية مهنية بعيداً عن سطوة وزير الصحة وسط هوس بيت الحكومة المبكر بتفاصيل التحديات، وهي نفسها السطوة التي عانــى منها الدكتور عبيدات عندما كان الوزير جابر يســيطر ويتحكم بتصويبات اللجنة الوبائية التي نطق باسمها عبيدات.

في الخلاصة، يعني ذلك أن آلية جديدة في الطريق للتعامل مع فيروس قد تنسجم ولو جزئياً مع ما كان ينادي به وعبر «القدس العربي» عضو مجلس الأعيــان حالياً، المختص الدكتور هايل عبيدات، وقــد تلتزم في النتيجة بما يمكن التقاطه من تفعيلات مركز الأزمات والمستشار العلمي البارز في القصر الملكي البعيد تماماً عن الأضواء الدكتور عبد الله طوقان.

 ??  ?? رئيس الحكومة الجديد بشر الخصاونة يؤدي اليمين الدستورية
رئيس الحكومة الجديد بشر الخصاونة يؤدي اليمين الدستورية

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom