Al-Quds Al-Arabi

محلل أمريكي: إيران تريد تحويل العراق إلى لبنان آخر

أكثر من 100 يوم على اغتيال الهاشمي والجناة أحرار

- بغداد ـ «القدس العربي» ـ ووكالات:

بالتزامن مع مــرور أكثر من 100 يــوم على اغتيال الباحــث فــي شــؤون الجماعات المســلحة، هشــام الهاشــمي، حذر المحلل في مجلس العلاقات الخارجية الأمريكــي، ماكــس بوت، مــن الانســحاب الأمريكي «الكامــل» من العراق، في وقت عرضــت فيه الفصائل «المواليــة لإيــران » تعليق الهجمــات الصاروخية إذا قدمت بغداد جدولاً زمنياً لانســحاب القوات الأمريكية من البلاد، مســتنداً إلى تحليل للهاشمي حمّل عنوان «خرائط نفوذ الميليشيات الإيرانية .»

وقال في تحليل نشــر على موقع مجلس العلاقات الخارجية، وهو معهد أبحاث مســتقل مقره نيويورك، إن «قد يكــون من المنطقي بالنســبة للولايات المتحدة تقليص بعثتها الدبلوماسـ­ـية في بغــداد، وهي البعثة الأكبر في العالم» بالنظر إلى استمرار «الهجمات التي تشنها الميليشيات العراقية، المدعومة من إيران.»

لكنه رأى فــي الانســحاب «منح إيران مــا تريده بالضبــط» مؤكــداً أن «بقــاء القــوات الأمريكية في العراق يضمن مواجهــة النفوذ الإيراني، الذي ما يزال موجودا رغم كل العقوبات التي فرضتها إدارة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب على طهران.»

وبــن أن «إيران تحاول لبننة العــراق، أي تحويل العــراق إلى لبنــان آخر، حيث تســمح بحكم حكومة موالية للغرب نظريا بينما تمارس الميليشيات، الموالية لها، القوة الحقيقية. في لبنــان، هذه القوة هي حزب الله. أما في العــراق فهذه القوة هي ميليشــيات مثل كتائب حزب الله وعصائب أهل الحق» حسب قوله.

واســتعان بوت بتحليل ســابق عن «خرائط نفوذ الميليشــي­ات الإيرانية » للباحث العراقي الراحل هشام الهاشــمي، فقد وجد الأخير أن «الاستيلاء التدريجي للميليشــي­ات علــى الدولــة، بحجة إعــادة الإعمار والمصالحة بعــد الحرب الأهلية، هــو جزء من الحرب الطائفية، وجريمة منظمة .»

وأكد أن الميليشــي­ات «انتزعت ســيطرة واســعة النطــاق على جزء كبير مــن الاقتصــاد العراقي: من جمارك المطارات، ومشــاريع البنــاء، وحقول النفط، والصــرف الصحــي، والميــاه، والطرق الســريعة، والكليــات، والممتلــك­ات العامة والخاصــة، والمواقع الســياحية، والقصور الرئاســية. وابتــزاز المطاعم والمقاهي وشــاحنات البضائع والصيادين والمزارعين والعائلات النازحة .»

ويقول الكاتب: «في النهاية، دفع الهاشــمي حياته ثمنــا لبحوثه، ففــي 6 يوليو الماضــي، اغتيل على يد مســلحين خارج منزله في بغداد فيما يعتقد على نطاق واسع أنها عملية نفذتها فصائل مسلحة.»

وأوضح بوت أن «النتائج التي توصل إليها الباحث العراقي، والمذكورة أعلاه، نقلها صديقه، المحلل الأمني الســوري الأمريكي حســن حســن، الذي تحدث إلى الهاشمي قبل ساعتين من اغتياله.»

كما حذر، مــن «خطر عودة ما يعرف بتنظيم داعش إلى العراق، والذي كان سببا رئيسا في تشكيل الحشد الشعبي».

وقال: «منــذ أن تم تدمير خلافة داعش المزعومة في العراق إلى حــد كبير عام 2017 كان رؤســاء الوزراء العراقيون يحاولون، دون نجــاح يذكر، تقليص قوة الحشد الشعبي، ومعظمها ميليشــيات شيعية، الذي كان سبب وجوده هو محاربة المتطرفين السنة».

وأضاف: «كان آخر من حــاول مصطفى الكاظمي» وهو رئيس ســابق للمخابرات العراقية، تولى منصب رئيس الوزراء في مايو/أيار الماضي، بعد احتجاجات شعبية على الفساد والبطالة.

وأشــار إلى محاولــة الكاظمي في أواخــر يونيو/ حزيران، حينما أمر باعتقال 14 عضوا في كتائب حزب الله. لكن بعد أن دخل مســلحون في شاحنات صغيرة إلى المنطقة الخضراء في بغــداد، حيث مقر الحكومة، وطالبــوا بالإفــراج عــن المعتقلين، تم إطلاق ســراح معظمهم.

ولفت إلى ضرورة «اســتمرار الولايات المتحدة في دعم الكاظمي» مؤكداً أنه «أفضل رهان ليس فقط لكبح جماح وكلاء إيران، لكن أيضا لمنع عودة ظهور داعش، وهي منظمة إرهابية يُقال إن لديها عشــرة آلاف مقاتل في العــراق وســوريا واحتياطيات ماليــة لا تقل عن 100 مليــون دولار». ورأى المحلل في مجلس العلاقات الخارجيــة، أن «الهدفــن مرتبطان ارتباطــا وثيقا، فكلما زادت ســيطرة الميليشــي­ات المدعومة من إيران على الدولة العراقية، زاد لجوء الســنة العراقيين إلى الجماعات السنية المتطرفة مثل داعش من أجل الحماية بالمقابل، وكلما بدت الدولــة العراقية غير طائفية، زاد احتمال أن يرفض السنة إهانات داعش».

ونصح، بــأن «تواصل الولايــات المتحدة الضغط من أجل دولــة غير طائفيــة من خلال المســاعدة في تدريب قوات الأمن العراقية، وتقديم المشــورة للقادة العراقيــن، والمســاعد­ة الحاســمة في مجــالات مثل الاستخبارا­ت، والاستهداف، والخدمات اللوجستية» مشــيرًا إلــى أن «القيام بذلــك لا يمكــن دون حفاظ الولايات المتحدة علــى وجود كبير على الأرض، ثلاثة آلاف جندي كحد أدنى، على الرغم من مخاطر الهجمات المدعومة من إيران».

في شــأن ذي صلة، مرّ 129 يوماً على حادثة اغتيال الهاشمي، من دون أن تُفصح الحكومة عن الجهات التي تقــف وراء قتل الخبيــر الأمني العراقــي، الذي عُرف بغزارة معلوماته وتحليلاته بشأن الفصائل الشيعية المسلحة وتنظيم «الدولة الإسلامية».

وانتقد الخبير في شــؤون الجماعات المسلحة مهند الغــزي، أمس، تقصير الحكومة العراقية في الكشــف عن قتلة الناشــطين حتى الآن، مبينا انها ليست لديها القــدرة على تحقيــق وعودها بتقديم قتلة الهاشــمي وبقية الناشطين إلى القضاء.

وقــال، في تصريح لموقــع «الحــرّة» الأمريكي، إن «الحكومة لم تســتطع إيقاف هجمــات الصواريخ، أو حتى مداهمة منزل شيخ عشيرة» في إشارة إلى حادث مداهمة شيخ عشــيرة في محافظة الناصرية جنوبي العراق، الذي أدى إلــى أزمة أحرجت أقوى جهاز أمني عراقي وهو جهاز مكافحة الإرهاب.

وأضاف ان «الحكومة التي يقودها الكاظمي عاجزة عن مواجهة القوى التي هي أقوى من الدولة إلى درجة إن محاولة اعتقال مطلقي الصواريخ كادت أن تســقط الدولة».

وأوضح أن «هذا الملف هو أحد اهتمامات لجنة عليا تشــرف عليها الحكومــة العراقية والأجهــزة الأمنية المختصة».

ونقل الموقع الأمريكي، عــن مصدر أمني مطلع قوله إن «هوية قاتلي الهاشــمي وباقي الناشــطين معروفة بشــكل كبير للقوات الأمنية، لكــن التحقيق يصطدم بعدم إمكانية اعتقال المشتبه بهم للتحقيق معهم».

وأكد المصدر أن «القوات الأمنية تمتلك أســماء، لكن لا أحد يريد المغامرة بالبدء في جلب المتهمين للقضاء».

وتابع بالقــول إن «القتلة هم مجموعــات منظمة، وقد أبعدت التحقيقات الشبهة الجنائية أو الشخصية عن حوادث الاســتهدا­ف. نحن نعرف أن هشام وغيره استهدفوا لمواقفهم السياسية».

وأفاد أســتاذ الأمن الوطني في جامعــة النهرين، حســن علاوي، بان «الحكومة العراقية مازالت تعمل في إكمــال كل الأدلة بعد أن أشــارت إلــى أن الجهود الاستخباري­ة مستمرة في متابعة آثار «المجرمين الذين قاموا باغتيال الهاشمي».

وأشــار، إلــى أن «ذلك قــد يتســبب بتأخير الملف الخاص بالقضيــة وضحايا الاحتجاجــ­ات والقوات الأمنية الذيــن تم اغتيالهم أثنــاء احتجاجات أكتوبر 2019 وما بعدها».

كما بين الصحافي مصطفى ناصــر، ان «كل اللجان التحقيقية ولا ســيما الجنائية منها في العراق تتوصل بالعادة لنتائج خطيــرة» مضيفا أن «موضوع إعلانها أو وضعها على طريــق التنفيذ يرتبط بوضع وظروف السلطة». ويعتقد ناصر، أن عدم إعلان النتائج «يؤشر فعلا المخاطــر الكبيرة التــي جاءت بهــا التحقيقات، والذي اســتدعى صمت الحكومة عن الجناة» لافتا إلى ان «نتائج التحقيقات قــد تكون في الرفوف الدنيا من الأولويات كونها تربــك ربما أعمالا ومخططات تحاول السلطة إنجازها في الظرف الراهن، وأي إعلان لنتائج التحقيق قــد يخلق صداما او صراعــا معينا يربك كل الحسابات».

وختــم بالقول إن «الســلطات الأمنية تملك تصورا كامــا ومعلومات واضحة عن الجهــات المنفذة، لكنها لا تملك القدرة على إعــان هويتها فضلا عن ملاحقتها ومحاسبتها، لما تتمتع به تلك الجهات من نفوذ».

جديــر بالذكر أن وبعد مرور مئة يــوم على اغتيال الهاشمي، لم يتم تقديم أحد من المتهمين باغتياله حتى الآن للقضاء.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom