Al-Quds Al-Arabi

«فايننشال تايمز»: رحيل حكماء الخليج يثير مخاوف من توجهات الجيل الجديد من القادة المهتمين بمصالحهم

-

قال مراسل صحيفة «فايننشــال تايمز» في دبي سايمون كير إن وفاة زعيمين خليجيين هذا العام عرفا بالتوســط في حل المشــاكل يعتبر نذير شر للشرق الأوســط الذي مزقته الحرب، التي أصبحت علامة على العقد الماضي منذ الربيع العربي. وأضاف أن الشــيخ صبــاح الأحمد الصباح، أمير الكويت الذي توفي الشــهر الماضي عن 91 عامًا، حاول حل النزاعات الإقليمية عبر نصف قرن من العمل الدبلوماسـ­ـي الذي شــكل السياســة الخارجية فــي أكثر الدول ديمقراطيــ­ة بين دول الخليــج. وعندما قادت الســعودية والإمارات حصاراً جوياً وبحرياً وجويــاً ومقاطعة تجارية مع دولة قطر واتهمتا الدوحــة بتعزيز التطرف مارس رجل الدولة الكبير الشيخ صباح دوره التقليدي كوسيط.

وقام برحلات مكوكيــة بين العواصم في محاولة لإعادة الوحدة داخل دول مجلس التعاون الخليجي الست. ورغم استمرار الخلاف لما بعد وفاته إلا أن الشيخ تحدث عن إنجاز وهو منع النزاع العسكري بين الجيران في الخليج التي كانت تشــير إلى بعضها البعض بـ «الدول الشــقيقة» لكنها تشارك اليوم بحملة تشويه خبيثة على منصات التواصل الاجتماعي.

أما قابوس بن سعيد سلطان عمان الذي توفي في كانون الثاني/ يناير فقد حافظ على علاقات جيدة مع إيــران ومن داخل دول مجلس التعاون الخليجي. ورفــع يد الصداقة مع إســرائيل قبل خطــوات التطبيع التي اتخذتها الإمارات العربية المتحدة والبحريــن وبرعاية من إدارة دونالد ترامب التــي تدعم القيادات الشــابة في الإمارات والســعودي­ة. وتقول المحللة في شــؤون الخليج جين كيننمونت : «خســرت المنطقة وســيطين معروفين حيث القادة الشــباب في الدول الخليجيــة الأخرى لا يهمهم إلا تأكيد أنفسهم خاصة عبر القوة العسكرية وليس صنع السلام... وخلطوا الحوار والتنازل بالضعف .»

ويرى كير أن جذور العهــد الجديد هذا تعود إلى الربيع العربي، حيث خاف قادة دول المنطقة من التردد الأمريكي وقاموا باستعراض عضلاتهم العســكرية والماليــة بطريقة لم تر مــن قبل في مواجهة موجة الإســام السياســي الذي اعتبروه تهديداً وجودياً على حكمهم القبلي. فالتحالف القوي بين السعودية والإمارات الذي جاء نتاجاً لتلاقي المواقف بين ولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد وولي العهد الســعودي محمد بن سلمان زاد

من المغامرات العســكرية في اليمن وليبيا. وعلــى الزاوية الأخرى هناك الرئيس التركي رجب طيب اردوغان وأمير قطر، من جيل الألفية الثانية، اللذان دعما الإسلاميين وحاولا استثمار قوة الناس بعد انتفاضات الربيع العربي.

وتقــول الصحيفة إن المواجهــة التي وضعت التأثيــر التركي المتزايد أمــام الديكتاتور­يين الخليجيين المتشــجعي­ن تحولت إلــى لعبة جديدة لقيادة العالم الســني، مضيفــة بعداً جديداً للتنافس السني-الشــيعي بين الســعودية وإيران الذي مزق اليمن خلال الحــرب التي مضى عليها خمســة أعــوام. وتناقــش كيننمونت أن الوقــت قد حان لكي تســتفيد حكومات المنطقة من الشباب والنساء الناشطين في الحوار على مستوى القاعدة ولكنهم مســتبعدون من العملية الرســمية. وهي تــرى أملًا في النساء اليمنيات والســوريا­ت والليبيات المطالبات بمقاعد في محادثات الســام التي ترعاها الأمم المتحدة التي عادة ما تركز على القادة الذكور والجماعات المسلحة.

كما أن هناك جيلاً من النســاء في دول الخليج تولــن مناصب بارزة

مثل سفيرة الســعودية في واشنطن وسفيرة الإمارات لدى الأمم المتحدة وسفيرة عمان لدى ألمانيا ومساعدة وزير الخارجية في قطر. وقد تساعد المواهب الصاعدة في تطوير التعايش في المنطقة التي سيطر عليها أمراء وملوك يرقصون بين العدوان والتحكيم عبر مؤسسات الأمم المتحدة.

وفي الوقت الذي تحاول فيه الســعودية والإمارات البحث عن مخرج مــن الحرب في اليمن وليبيا وربما النزاع الفاشــل مع قطــر فكل العيون متركزة على انتخابات تشــرين الثاني/ نوفمبر في أمريكا. وتعني إعادة انتخاب دونالــد ترامب تعزيزا للوضــع الراهن، مع أن هنــاك حالة من العصبيــة في بعض العواصم من تعهد جوزيف بايدن في الذكرى الثانية على جريمة قتل الصحافي جمال خاشــقجي وإعــادة النظر في العلاقات الأمريكية- الســعودية. ووســط هذه التحولات تتوقع كريستين سميث ديوان من معهد دول الخليج العربية في واشنطن مواصلة حاكم الكويت وعمان الجديدين جهود الوســاطة التي تبناها ســلفاهما و«لكن السؤال فيما إن كانت خســارة هذيــن الزعيمين بتجربة عقود واحترام واســع ستضعف جهودهما » للوساطة.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom