Al-Quds Al-Arabi

«نيويورك تايمز»: ماذا لو كانت القاضية إمي كوني باريت مسلمة وعضواً في جماعة متطرفة؟ سيجن جنون الجمهوريين

-

مــاذا لو كانــت القاضية إمي كوني باريت مســلمة؟ سؤال حاول الإجابة عليه المسرحي والمحامي الأمريكي المسلم وجهت علي.

وقــال إنها لو كانــت في الحقيقة مســلمة لســارع المحافظون لتشــويه ســمعتها واختــاق كل التهم لها. لكن القاضية ليست كذلك، فرغم انتمائها لجماعة دينية متشددة تعرف باسم «أهل الحمد» إلا أن اليمين يرى في ترشــيح الرئيس دونالد ترامب للمحكمة العليا معركة أهم من انتخابه. فلو صادق الكونغرس عليها فستحرف الميزان في أهم محكمة في البلاد لصالح اليمين ولسنوات مقبلة.

وقال علــي إن باريــت واجهــت أســئلة دقيقة في مساءلتها أمام الكونعرس حول معتقداتها الدينية ولكن علينا أن نلتزم الحذر بشــأن أي تحيــز أو تمييز ديني «لكنني أتعجب من نفــاق الجمهوريين الذين عبروا عن صدمتهم وغضبهم من هذا بعد ما عامل اليمين المســلمين بعنصرية .»

ورد الرئيس ترامب على مخــاوف الديمقراطي­ين من القاضية باريــت باتهامهم بالتحيز ضد الكاثوليك «التي تعتبر في الحقيقــة دين غالبية في بلدنــا». وهذا كلام مبالغ فيه من رجل يخوض ســباقاً رئاسياً ضد جوزيف بايدن الكاثوليكي. وهو الرئيس نفســه الذي دعم حظر دخول المسلمين وأخبر أمريكا أن «الإسلام يكرهنا.»

وفي جلســة الاســتماع الأولــى يوم الاثنــن اتهم جوش هولي، زملاءه الديمقراطي­ين في لجنة الشــؤون القضائية بمهاجمة باريت لأنها «كاثوليكية متشددة ولا تصلــح لأن تحصل على مكان» في المحكمــة العليا. لكن بايدن خــرج عن المعهود عندما دعا لعــدم التركيز على المعتقد في عمليــة المصادقة على تعيينها. وعلق علي «لا أستطيع إلا التســاؤل عن تصرف الجمهوريين لو كانت

باريت ديمقراطية نبع إيمانها العميق من الإسلام وليس الكاثوليكي­ة؟» و«نعرف كلنا أنها لن تعين».

وســيطالبه­ا الجمهوريون بدليل على أنها «لم تعمل مع أعدائنا». وهذا هو الكلام نفسه الذي صدر من المذيع المحافظ غلين بيك وناشــر نظريات المؤامرة عندما رشح كيث إليسون نفسه كأول مسلم للكونغرس.

وربمــا اســتخدم دينها الإســامي لاتهامهــا بأنها ســتحاول إنشــاء «دولة شــريعة» من خلال نشاطها القضائــي. وهذا هــو الكلام الــذي تداولــه المدونون المحافظــو­ن عام 2011 عندما رشــح حاكم نيوجرســي كريس كريســتي، ســهيل محمد، المســلم الأمريكي من أصل هندي لمقعد في المحكمة العليا في منطقة باســيك. ولــو كانــت القاضية باريــت ترتدي الحجــاب لقامت جانين بيرو مقدمة الأخبار في «فوكس نيوز» بالتساؤل عن تضــارب إيمانها الدينــي مع الدســتور، كما فعلت العام الماضي بعد ترشــيح إلهان عمر، المسلمة من أصل صومالي للكونغرس عن مينيسوتا.

ويقــول علــي إن التدقيق الشــديد الــذي واجهته القاضيــة باريت نابع من علاقتهــا بجماعة أهل الحمد، الجماعة الدينية التي تعارض الإجهاض وزواج المثليين والمســاوا­ة في الحياة الزوجية وتؤمــن بأن الرجل هو المســؤول الأول في العائلة. ومن المفهوم التســاؤل إن كانت تعرضت للأســئلة والتحقيق بســبب معتقداتها. وبالضــرور­ة كانت محلاً للتحيز نظــراً لهذا. لكن ما هو واضح هو أنه لــو كانت هناك جماعة مســلمة صغيرة تحمل نفس الأفكار وظهرت في عناوين الأخبار بســبب ترشــيح أحد أفرادها لما كان لــدى الجمهوريين الإتمام نفســه بالتعصب الدينــي. وفي تصريحــات لأعضاء سابقين بجماعة أهل الحمد لوكالة أنباء أسوشيتدبرس عن تعاليمهــا قالوا فيهــا إن على المــرأة طاعة زوجها

والاســتجا­بة لرغباته الجنسية في أي وقت يريد. إلا أن الجماعة قالت فــي بيان لها قبل فتــرة إن على الرجال عدم تســيد حياة المرأة بالكامل وعلى الأخيرة الا تكون مســتكينة له. ولو كانت القاضية باريت مســلمة لتمت دعوة أعضاء الجماعة الســابقين إلــى «فوكس نيوز» لتقديم دعم لأفكارهم حول المواقف القمعية لباريت.

وفي 1998 كتبــت القاضية مقالاً فــي مجلة قانونية حول الرابطة الأخلاقية والقانونية التي قد يمثلها حكم الإعدام للقضاة الكاثوليك. فماذا لو كانت مسلمة وكتبت المقال حول معضلة القضاة المسلمين؟ فهل سيطلق عليها بن غارسون أنها تعاني من «انفصام الشخصية» عندما تحدث فــي 2016عن المســلمين الذين يؤمنــون بالقيم الأمريكية مثــل الديمقراطي­ة وفصل الديــن عن الدولة. وفي 2015 كتب بن غارســون على فيســبوك قائلاً : «لن أدعم مرشحاً لرئاســة الولايات المتحدة كان مسلماً ولم يتخل عن أهم مبدأ إسلامي: قانون الشريعة.»

وهــو العام الذي وقعــت فيه القاضيــة باريت على رسالة مفتوحة للأساقفة الكاثوليك: «نشهد بأن تعاليم الكنيسة - بشأن الكرامة والشخصية الإنسانية وقيمة الحياة الإنســاني­ة من الولادة حتى الوفــاة الطبيعية ومعنى النشــاط الجنسي الإنســاني والفرق الهام بين تكامل الرجل والمرأة وعــن انفتاح الحياة وهبة الأمومة والــزواج والعائلة، تقوم على الالتــزام الذي لا ينفصل بين الرجــل والمــرأة وتقــدم الدليل الأصــدق للحياة المسيحية وتعزز ازدهار المرأة وتعمل على حماية الفقراء والضعــاف بيننا ». ولو كانت مســلمة ووقعت على هذا البيان فلن يرعوي الجمهوريون عن تشــويه صورتها كامرأة مقموعــة من ثقافــة «بربرية إســامية» تدعو للتعددية الزوجية. ويقول الكاتب إن من الســهل تخيل كل هذا لأنه نابع مــن الكتاب والدليل الذي يســتخدم للهجوم على المســؤولي­ن المســلمين المنتخبــن والكثير منهم نموذج للاعتدال والعلمانية مـــقارنة مع القاضية باريـت.

ويؤكد علي أنه ليس ناقداً لترشــيح القاضية بسبب انتمائهــا للكاثوليكي­ــة و«لكننــي حســاس للتعصب والتنميط. وأنا مسلم ملتزم يعيش في ظل إدارة دعمت منع المســلمين. وعانى مجتمعي عقدين من التحرشات بعد ‪/11 9‬وظل ولاؤنا محلاً للشك. ولا أتمنى هذا الحكم على أناس من دين آخر» و «مثل بقية الأمريكيين، أشــعر بالقلق من استخدام القاضية باريت مقعدها لدعم أجندة متطرفة ستترك أثرها على غالبية سكان البلد. ونخشى أنها لو عينت ستســاعد اليمين المتطــرف لجر الحقوق الدينية والحقوق المتساوية والرجوع 50 عاماً للوراء.» وما هو واضح: لو كانت أســتاذة القانــون في جامعة نوتردام والمدللة من اليمين مســلمة فلن تجد سهولة لأن تصبح قاضية علاوة على تعيينها في المحكمة العليا.

 ??  ?? تظاهرة خارج مبنى مجلس الشيوخ ضد ترشيح آمي للمحكمة العليا
تظاهرة خارج مبنى مجلس الشيوخ ضد ترشيح آمي للمحكمة العليا

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom