Al-Quds Al-Arabi

5 تشرين الثاني المقبل: مواجهة جديدة في قضية اتهام صحافي مغربي باغتصاب زميلة له والمشتكية تلوم حقوقيين وإعلاميين

- الرباط ـ «القدس العربي»:

بعد جلسة اســتمرت قرابة ثماني ساعات في محكمة درجة ثانية في الــدار البيضاء أول أمس الثلاثاء، انتهت المواجهة بــن الصحافي المغربي عمر الراضي وزميلته حفصة بوطاهر التي تتهمه بالاغتصاب وهتك العرض، وحدد يوم 5 تشــرين الثاني/ نوفمبــر المقبل تاريخاً لجلســة جديدة، من أجل الاســتماع إلى الأشــخاص الذين أدلوا بأقوالهم.

وحسب أحد المصادر، يمكن أن يستدعي قاضي التحقيق الصحافي عماد اســتيتو للاســتجوا­ب كمشتبه به وليس كشــاهد، كما يرجح استدعاء مدير الموقع الإلكتروني الذي يعمل به الصحافيون المشــار إليهم وكذا زوجته، باعتبــار أن الوقائع موضوع الادعاء حدثت في منزلهما.

وعلــى هامش الجلســة القضائيــة الأخيرة، اعتصمــت لجنة دعم عمــر الراضي أمــام مدخل المحكمة، مطالبة بالإفراج عن الصحافي وإسقاط التهم الموجهة إليه.

وكانــت تنســيقية الدارالبيض­اء-الرباط من أجل «الحرية لعمر الراضــي وكل معتقلي الرأي»

أدانت، في بيان لها، ما ســمّته «العزلة التي يوجد فيها عمــر الراضي منــذ أكثر من شــهرين داخل سجن عكاشــة» مطالبة بإيقاف جميع المتابعات وبالسراح الفوري لعمر الراضي.

وشــددت التنســيقي­ة نفســها أن قضية عمر الراضــي عرفت تطــوراً جديداً يشــكل محاولة خطيرة وواضحــة المعالم من أجــل حرمان عمر الراضي من وســائل دفاعه، مشــيرة إلى أنه بعد مرور شهرين على اتهام عمر الراضي بالاغتصاب، قرر الوكيــل العام للملك )المدعــي العام( متابعة عماد اســتيتو شــاهد النفــي الوحيــد في هذه القضية.

وأكد المصدر نفسه أن عماد استيتو هذا صرح، منذ التحقيقات الأولية لدى الدرك الملكي، بالطابع الرضائي للعلاقة الجنســية بين الطرفين، وتبعاً للتحقيقات الأولية التي تم الاســتماع فيها لجميع الأطراف، لم يصدر أي اتهام ضد عماد اســتيتو. لكن وكيل الملك قرر اتهامه هو الآخر بـ«المشاركة» مطالباً قاضي التحقيق، بعد عشــرة أســابيع من مباشــرته لعملــه، بفتح تحقيق جديــد. وتعتبر التنسيقية أن «هذا التطور يشكل تمظهراً لتضييق السلطات غير المبرر على الصحافة الحرة بالمغرب

بشــكل عــام، وعلى هذيــن الصحافيين بشــكل خاص .»

واســتدعي الصحافي عماد اســتيتيو للإدلاء بأقواله كشــاهد نفي، لكنه يمكن أن يُســتجوب كمشتبه فه، خاصة وأن الصحافية المشتكية تتهمه بـ«شهادة الزور وعدم مساعدة شخص في حالة خطر» بعد إفاداته حول شاهد الاغتصاب المزعوم. وحســب الدفاع «يمكن للمحكمــة أيضاً النظر في المواجهات بين الشهود وأطراف المحاكمة، في حالة وجود تناقض في الأقوال.»

الجديد في هذه المرحلــة من المحاكمة، انضمام محامين آخرين إلى الدفاع، مســجلين حضورهم في المحكمة، حيــث بلغ عددهم حوالي 12 محامياً، حسب مصدر إعلامي.

لكــن بالنســبة لفاطمة الزهــراء الإبراهيمي، عضو محامي الطرف المدنــي «لا يفترض أن يُغيّر هــذا العنصر مجرى الإجــراءا­ت القانونية، ففي المواجهة بــن المدعى عليه والمشــتكي­ة، طرح كل من ممثلي الطرفين أســئلة لكليهما». وأوضحت: «ما يهم في الوقت الحالي هــو معلومات قضائية تُشــرف عليهــا النيابــة العامة، وفــق الأحكام الجزائيــة المتعلقة بالاغتصــا­ب وهتك العرض»

مؤكــدة أنه «فــي كل الظروف، ســواء كان هناك محــام واحــد أو أكثر، تظــل أحــكام الإجراءات الجنائية كما هي».

وأفادت المحامية أن الجلســة المقبلة ستشــمل الاســتماع إلى مدير موقع «لوديســك» وزوجته، باعتبــار أن الوقائع موضــوع الادعاء حدثت في منزلهما».وفي انتظار جلسة الشهر المقبل، تحرص الصحافية المشــتكية حفصة بوطاهر، على القول إن قضيتها هي «أولاً وقبل كل شــيء مسألة كرامة وإنصاف ضحيــة اغتصاب». وصرحت أن صوت المرأة يكون مهماً في أحيــان كثيرة، ولكن بمجرد أن يتعلق الأمر بمســألة أخلاقية، يقع التشــكيك في أقوالها، بل والهجوم عليها، لأننا لم نكسر بعد الصمت عن الاغتصاب الذي يعتبر مسكوتاً عنه.

وأعربت عن أســفها لكون مجموعة من وسائل الإعــام المحلية والدوليــة انخرطت فــي حملة تشــهير ضدها، وكذلك الأمر بالنســبة لعدد من الجمعيات النســائية وبعض المدافعين عن حقوق الإنســان في المغرب، علماً بــأن القضية ما زالت خاضعــة للتحقيق القضائــي. ولاحظت أن هناك من يحاول أن يكيفها سياسياً، والحال أنها قضية اغتصاب فحسب.

وترى أن «الناشــط الحقوقــي أو الصحافي لا يمكن أن يكون فوق القانــون وليس له الحق في الإفلات من العقــاب خاصة عندمــا يتعلق الأمر باتهامــات خطيــرة مثــل الاغتصــاب، وطالبت الإعلاميــ­ن بالتعاطي مع هــذا القضية من خلال معالجــة إعلاميــة أكثــر حياديــة وموضوعية وتوازناً.

وكانت قضية عمر الراضــي وحفصة بوطاهر من بين نقاط الخلاف التي تفجرت بداية الأسبوع خلال اجتماع المجلــس الإداري للجمعية المغربية لحقوق الإنسان، حيث أخذ بعض أعضاء المجلس مســؤولي هذه الجمعية الحقوقية بعدم التوازن والحيادية في التعامل مع القضية، وأكد المنتقدون أن جمعيتهم ارتكبت خطأ جســيماً عندما أبلغتها الصحافيــة بوطاهر بشــكواها، فقامــت ـ خلافاً للتوقعات ـ بنقل مضمون الشكوى إلى الصحافي الراضي، وانحازت إلى صفه.

وكتبت حفصة بوطاهــر تدوينة على صفحتها الرسمية في موقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك» رداً على ما جاء في صحيفتين فرنسيتين، وقالت: «كنت دائماً أحاول التقليل من خروجي الإعلامي، على الرغم مما كُتب أو قيل عــن قضيتي احتراماً

لســير العدالة، ولكن وبعد أن طفح الكيل، ولكي أواجه حملة التشهير والتزوير ضدي التي قادتها كل من )ميديــا بارت( و)لومانيتــي( الجريدتين الفرنســيت­ين، وجدت أنه من الضروري أن أخرج لأقول الحقيقة، رغــم أن المحامين نصحوني بعدم القيام بذلك .»

وأبرزت أن الجريدتين سالفتي الذكر وصفتاها بالمدسوســ­ة من أجل الإيقاع بالصحافيين الذين لديهم مشــكلة مع الســلطات، وأنا أنفي بشــكل قاطع هــذه الكذبة الفظيعــة. وأضافت أن هاتين الصحيفتــن «اعتبرتا الرســالة الموجهة لتوفيق بوعشــرين اعترافــاً ضمنياً ودليــاً قاطعاً على الكمــن المزعوم الــذي يتهمونني بأنــي نصبته لأحد زملائي فــي العمل. وإني أفنــد هذه الكذبة هي الأخرى التي أطلقتها بعض وســائل الإعلام الفرنسية في حقي كضحية.»

وختمت تدوينتها قائلة: «كنــت حقاً في خطر بين يدي المغتصب الذي استمر في تعنيفي جنسياً رغم توســاتي المتواصلة، هذه هي الحقيقة المرة التي تحملتها فــي تلك الليلة المظلمــة من 12 إلى 13 تموز/ يوليــو الماضي، والباقي تزوير للحقيقة وبهتان كذب .»

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom