هل ستنجح إسرائيل في التطبيع مع العرب؟
نشر المركز العربي للأبحاث ودراسة السياسات في الدوحة، نتائج اســتطلاع المؤشــر العربي، الذي أجراه مؤخراً، حيث أظهرت النتائج أن 88 في المئة من العرب يرفضــون أن تعترف بلدانهم بدولة الاحتلال الإســرائيلي، مقابل 6 في المئة يرون عكس ذلك. واشترط نصف الذين وافقوا على أن تعترف بلدانهم بإسرائيل أن يتم إنشاء دولة فلسطينية مستقلة، وجاءت أعلى نســبة لرفض الاعتراف بالكيان الصهيوني في الجزائر بنســبة 99 في المئة، تلاها لبنان بنسبة 94 في المئة، ثم تونس والأردن بنسبة 93 في المئة لكل منهما.
في مرور ســريع على نتائج الاســتطلاع، أتوقف عند مكانة القضية الفلســطينية في الوجدان الجزائري، حيث حصدت البلاد أعلى نسبة رفض للتطبيع في الاســتطلاع الأخير مع دولة الاحتــال. وهذا ليس غريباً على بلد المليون شــهيد، الذي ذاق مرارة الاحتلال لعقود طويلة، ويدرك معاني النضال مــن أجل الحرية والتحرر من القيود والاحتلال. هذا البلد الذي قدمت نساؤه ورجاله دروسا في الثورة ضد الإستعمار الفرنسي. هل ننسى مجاهدات ومجاهدي الجزائر؟
هل ننسى جميلة بوباشــا وجميلة بوحيرد وجميلة بوعزة، وعمار بن عودة، ومحمد مشــاطي وعبد القادر العمــودي، والزبير بوعجاج وآخرين غيرهم.
قبل ســنوات اســتضافت العاصمة الجزائرية مبــاراة ودية لكرة القــدم في ملعب «5 جويلية» جمعت المنتخب الجزائري الملقب بأســود الصحراء مع ضيفه المنتخب الفلســطيني الملقــب بمنتخب الفدائيين. حضر المبارة أكثر من ثمانين ألف متفرج.
انتهت المباراة حينها بتعادل إيجابي. لكن نتيجة تلك المباراة ليست هي الحدث، وإنما الرســائل التي أرســلها شــعب الجزائــر وهتافاته للمنتخــب الضيف هي التي وصلت أصداؤها إلــى العالم. ما زلت أذكر قول المعلق «فلســطين لا تهــزم على أرض الجزائر». صــراخ الجماهير الجزائرية، الذي دوى عالياً عند إحراز المنتخب الفلســطيني هدفا في مرمى المنتخب الجزائــري لتؤكد أن الحضور الكثيــف للجماهير أبعد من حضور رياضــي. يقول المعلــق: أحرز منتخبنا الفلســطيني هدفا على منتخبنا الجزائري. إذاً هي ليســت مناسبة رياضية وحسب، بل لا أتصور أن هناك من تابع المباراة دون أن تلفته مناعة هذا الشــعب ضد كل محاولات الاختراق.
أســتحضر تصريحات الإعلامي الرياضي المعــروف في قنوات «بي إن ســبورت» حفيظ دراجي: ما دامت فلســطين محتلــة فإن جزءاً من الجزائر محتل» وفي مناســبة أخرى يضيف «مكــة هي قبلتي، الأقصى هو مسجدي، والقدس عاصمتي، وفلســطين بلادي. كبرنا في الجزائر على مبدأ الوقوف مع فلســطين ظالمة ومظلومــة» لافتاً إلى أنه «إذا كان الشعب الفلســطيني إرهابيا فأنا منه. ولو وقفت الجزائر «بلادي» ضد القضية الفلســطينية لعاديتها، لأن القناعات لا تباع ولا تشــترى مهما كانت الظروف».
وفي محطة تاريخية مهمة من العلاقات الجزائرية - الفلســطينية، شهدت العاصمة الجزائرية وثيقة إعلان استقلال دولة فلسطين )للمرة الثانية( الذي تم في تاريخ 15 نوفمبر/تشــرين الثاني 1988. وقد نص الإعلان الذي كتبه الراحل محمود درويش، على تحقيق استقلال دولة فلسطين على أرض فلسطين وحدد القدس عاصمة أبدية لهذه الدولة.
شكراً للجزائر، التي لا تزال فلســطين شديدة الحرارة في وجدانها. كأن النكبة وقعت بالأمس، وليس قبل أكثر من ســبعين عاماً. ولا نقول في زمن التطبيع العربي مــع الاحتلال الصهيوني أكثر مما قاله محمود درويش في مديح «الظل العالي» قبل أربعين عاماً: سقط القناعُ عربٌ أطاعوا رومهم عربٌ وباعوا روحهم عربٌ ... وضاعوا!