Al-Quds Al-Arabi

انطلاق الجولة الأولى من مفاوضات ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل

الخلافات الداخلية تضعف موقف لبنان وعون ليس في وارد تعديل تركيبة الوفد راهناً

- بيروت- «القدس العربي»:

فــي ظل مواكبة إعلامية لافتــة محلياً ودولياً مــن الناقــورة، انطلقــت الجولــة الأولــى مــن المفاوضات لترســيم الحدود البحرية بين لبنان وإســرائيل فــي مقر قيــادة قــوات «اليونيفيل» بوســاطة الولايات المتحدة الأمريكية ممثّلة في مشاركة مســاعد وزير الخارجية ديفيد شينكر ورعايــة الأمم المتحدة ممثّلة بمنسّــقها الخاص فــي لبنان يــان كوبيتش. وغلب علــى الاجتماع الأول الطابع البروتوكول­ي والاستكشــ­افي من دون بحث في العمق.

وتألــف الوفــد الإســرائي­لي من 6 أشــخاص برئاسة مدير عام وزارة الطاقة والوفد الأمريكي مــن 7 والوفــد اللبناني مــن 4 فيما تشــكّل وفد الأمم المتحدة من 3 أشــخاص. وانعقد الاجتماع تحديــداً في القاعــة التابعــة للكتيبــة الإيطاليّة ومن حيث الشــكل جلس الوفــد اللبناني مقابل الوفــد الإســرائي­لي. وخلافــاً لرأي حــزب الله، التقطت صــورة فوتوغرافية للوفديــن اللبناني والإســرائ­يلي مع الوســيط الأمريكــي والراعي الأممــي حــول طاولــة مربّعــة، فيمــا التقطــت الصــورة التذكاريــ­ة مــن دون الوفــد اللبناني. واعتمــدت فــي الاجتمــاع اللغــة الانكليزية في وقت تحدث الوفــد اللبناني بالعربية مع ترجمة فورية للغة الإنكليزية.

تثبيت السيادة الوطنية

وخــال الاجتمــاع الأول ألقى رئيــس الوفد اللبناني العميد الركن بسام ياسين كلمة وزّعتها قيــادة الجيش وجاء فيها «لا بــدّ في البداية من التنويــه بالرعايــة التــي يتولاهــا فخامة رئيس الجمهورية العماد ميشــال عون لملف التفاوض التقني غير المباشر، والتي من المفترض أن تقود إلى ترســيم الحدود الجنوبية باستضافة الأمم المتحــدة وتحــت رايتها وبوســاطة مُســهَلة من الولايات المتحدة. كما تجدر الإشارة إلى الجهود التي بذلها دولة رئيس مجلس النواب نبيه بري لإيصــال هذا الملــف إلى خواتيمــه لجهة إطلاق عمليــة التفــاوض، وكذلــك التأكيد علــى الدور الذي يقوم به قائد الجيش العماد جوزف عون، من خلال متابعته لتثبيت السيادة الوطنية على الحــدود اللبنانية وتمكــن لبنان من اســتثمار ثرواتــه الطبيعية مــن نفط وغاز ضمــن منطقته الاقتصاديـ­ـة الخالصــة التي يحفظهــا القانون الدولي».

وأضاف ياسين «للولايات المتحدة الأمريكية الصديقــة الشــكر علــى القيــام بدور الوســيط وإعلانهــا النيــة علــى بــذل قصــارى جهدهــا للمســاعدة على تأســيس جــو ايجابــي وبناء، والمحافظــ­ة عليــه فــي إدارة هــذه المفاوضــا­ت . كمــا نلفــت لى الــدور الذي ســتقوم بــه الأمم المتحــدة والتــي نجتمــع اليــوم تحــت مظلّتها، اّملــن قيامهــا بجهــد أساســي فاعــل لجهــة تنظيــم اّليات التفاوض وحســن ســير العملية التفاوضيــ­ة. لقاؤنا اليوم ســوف يطلق صفارة قطار التفــاوض التقني غير المباشــر، ويشــكّل خطوة أولى في مسيرة الألف ميل حول ترسيم الحــدود الجنوبية، وانطلاقاّ من مصلحة وطننا العليا نتطلع لأن تســير عجلــة التفاوض بوتيرة تمكننــا من إنجاز هــذا الملف ضمن مهلــة زمنية معقولــة. نحــن هنــا اليــوم لنناقــش ونفاوض حــول ترســيم حدودنــا البحرية على أســاس القانــون الدولــي، واتفاقيــة الهدنة عــام 1949 الموثّقــة لــدى دوائــر الأمم المتحــدة، واتفاقيــة بوليــه/ نيوكومــب عــام 1923 وتحديداً بشــأن

مــا نصّت عليه هــذه لاتفاقية حــول الخط الذي ينطلق من نقطة رأس الناقــورة براً.في المقابل، فإننــا نتطلع لقيام الأطراف الأخرى بما يتوجب عليها من التزامــات مبنيّة على تحقيق متطلبات القانون الدولي والحفاظ على سرية المداولات، وإن تثبيــت محاضــر ومناقشــات اجتماعــات التفــاوض التقني غير المباشــر، كذلــك الصيغة النهائيــة للترســيم يتمّ بعد تصديق الســلطات السياســية اللبنانيــ­ة المختصــة عليهــا». وكان الوفــد اللبنانــي وصــل إلــى الناقــورة صباحاً على متن طوافة عســكرية، وهو سيرفع محضراً بنتيجــة الاجتمــاع إلى رئاســة الجمهورية على أن يُســتأنف التفاوض في اجتمــاع آخر في 28 تشرين الأول/أكتوبر الحالي.

اعتراض

واستبق الثنائي الشــيعي الجولة الأولى من مفاوضات ترســيم الحدود البحريــة بين لبنان وإســرائيل بإصدار بيان مشــترك فجراً عن كل من «حــزب الله» و«حركة أمل» أبــدى اعتراضاً علــى تشــكيل الوفــد اللبنانــي بالصيغــة التي وردت، وضمّــه لشــخصيات مدنيــة، مطالبــن بالعــودة فوراً عن القرار المخالــف لاتفاق الإطار ومضمون تفاهم نيسان.

وهكــذا بعد بيــان لرئاســة مجلس الــوزراء إعترض علــى عدم أخــذ موافقتها علــى تركيبة الوفــد الــذي يضــم مدنيــن إثنين وليــس فقط عســكريين، أوضحت قيادة حــزب الله وحركة أمــل في بيــان مشــترك «أن اتفاق الإطــار الذي اعلنــه الرئيــس نبيــه بــري حــول مفاوضــات ترســيم الحدود اكد في مقدمتــه على الانطلاق من تفاهــم نيســان 1996 والقــرار 1701 والذي علــى أساســهما تُعقــد اجتماعــات دوريــة بين ضباط عسكريين حصراً. وبالتالي فان تشكيل الوفــد اللبنانــي بالصيغة التــي وردت، وضمّه لشــخصيات مدنيــة مخالــفٌ لاتفــاق الاطــار ومضمون تفاهم نيسان».

وقــال الطرفــان «إن موقــف حــزب اللــه وحركــة أمل، وانطلاقــاً من التزامهمــ­ا الثوابت الوطنيــة ورفضهما الانجرار إلى ما يريده العدو الصهيوني من خلال تشــكيلته لوفده المفاوض والــذي يضــمّ بأغلبــه شــخصيات ذات طابــع سياســي واقتصادي فإنهما يعلنــان رفضهما الصريــح لمــا حصــل لأنــه يخــرج عــن قاعــدة التفاهــم الــذي قام عليــه إتفاق الاطــار وهو ما يضرّ بموقف لبنــان ومصلحته العُليا ويُشــكّل تجــاوزاً لكل عناصر القــوّة لبلدنا وضربة قوية لدوره ومقاومته وموقعه العربي ويُمثّل تسليماً بالمنطق الإســرائي­لي الذي يرغــب في الحصول على أي شــكلٍ مــن اشــكال التطبيــع». وطالب الطرفان «بالمبادرة فــوراً بالعودة عن هذا القرار وإعــادة تشــكيل الوفد بما ينســجم مــع اتفاق الإطار». وجــاء بيان أمل وحــزب الله بالتزامن مع حملة إعلامية تحذّر من رفع مســتوى تمثيل لبنان في الوفد أو من مشاركة مدنيين في الوفد لأنهــا تعطــي المفاوضات طابعاً سياســياً ، كما تحذّر من منح العدو الإسرائيلي صوراً تطبيعية كالتقاط صورة تذكارية تجمع الوفود.

ودخل علــى الخط المفتــي الجعفــري الممتاز الشــيخ أحمد قبلان الذي أوضــح أن «ما يهمّنا أمره بخصــوص الوفــد اللبنانــي المفاوض هو الآتــي: الكيــان الصهيونــي عدو محتــل وليس جاراً، ولبنان وفلســطين كلاهما تاريخ ومصير واحــد. التفــاوض تقنــي فقــط، ومــن وظيفــة الجيش اللبناني فقط، أي عسكري فقط، لتأكيد حقــوق لبنان كاملة بلا أي رشــوة سياســية أو قناع آخــر. والترســيم وفق الإطــار المتفق عليه تحكمه معادلة ترسيم حق وانتزاع مياه وأرض، وليس ترسيما مقابل اقتصاد أو أي قناع آخر.»

وحذّر مــن «اللعب بالسياســة والهدايا لأننا نرســم حــدوداً مفخّخــة بتاريــخ ملتهــب منــذ عــام 1948 والبلــد والمنطقة لا تتحمّــل المزيد من القفــزات البهلوانية، والــذي نحصل عليه اليوم هو نتيجة أكيدة لدماء وأشــاء وملاحم هزمت الكيــان الصهيونــي ودحرتــه وفــق المعادلــة الذهبيــة، وما لم تســتطعه تل أبيب وواشــنطن بالحرب لن يأخذه شينكر وتل أبيب بالتفاوض التقني، وعليه، التفاوض تقني فقط وعســكري فقــط، وكل ما يخالف هذه المعادلة يجب تعديله فــوراً، وإلا فــإن الــزرع علــى الصخر لــن ينبت ســيادة ولن يكون مقبــولاّ بمقاييس وطن عاش على التضحيات».

غيــر أن الرئيــس اللبنانــي ميشــال عــون لا يبدو أنه فــي وارد اعادة النظر في تركيبة الوفد التقنــي المفــاوض مــع الاحتــال الإســرائي­لي. ونقلت قنــاة LBCI عــن مصــادر مطلعة على موقف رئيس الجمهورية أن «أي كلام عن تعديل الوفــد اللبناني المفاوض هو في غير محله، وأي تعديل قد يطرأ على تركيبة الوفد يفرضه مســار المفاوضات».

وإذا كان من شــأن اســتمرار هذه الخلافات الداخليــة أن تضعــف الموقــف اللبنانــي خلال المفاوضات فــي وقت يمرّ في أســوأ أزمة مالية واقتصادية وسياســية فإن البعض اســتغرب الصحــوة الشــيعية الآن علــى إعــادة وصــف إســرائيل بالعدو وعلى إبداء الحرص الشــديد في خلال المفاوضات بعدمــا لم تصدر أي كلمة عندمــا كان رئيــس مجلــس النــواب نبيــه بري يجري المفاوضات حول الترســيم مع الوســيط الأمريكي.

وغــرّد عضو 14 آذار/مــارس نوفل ضو «كل محــاولات الثنائــي الإيرانــي لتجميــل اعترافه العلنــي والموثّــق دوليــاً لــدى الأمم المتحــدة والولايات المتحــدة بأن حدود لبنــان الجنوبية هي مع «إسرائيل» وليس مع « فلسطين المحتلة» كلام فــارغ!». وقــال «بصــورة تذكاريــة أو من دونها، بوفد عســكري أو مدني، ســقط القناع! سلاح إيران لاحتلال لبنان لا لمقاومة إسرائيل!».

وعلّــق الإعلامي طونــي أبي نجم علــى بيان حــزب اللــه وحركة أمــل بقوله «مهضــوم بيان الثنائي الشــيعي المطالب بإعادة تشــكيل الوفد اللبناني لمفاوضات الترســيم يللــي طلع بالليل قبــل 9 ســاعات علــى بــدء المفاوضــا­ت. بدكن تغســلوا إيديكــم قــدام جمهوركــم فهمنا، بس اســتغباء جمهوركم لهالدرجة إنو إنتو زعلانين ومش راضيين هلق!؟».

أما النائــب الكتائبي المســتقيل نديم الجميل فقــال عبــر «تويتــر» «يرفــض الثنائــي المعطل تشــكيلة الوفد المفاوض من بعــد إعلان الرئيس بري اتفاق الإطار وتســمية «العدو الإسرائيلي» بـ»إســرائيل». وأضاف «شــو ما قلتوا بالنهاية وافقتوا تفاوضوا. كل شي تاني تفصيل».

 ??  ?? اللاعبون في «التسوية البحرية» من اليمين: السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا والسفير الأمريكي في الجزائر جون ديروشر ومساعد وزير الخارجية الأمريكي ديفيد شينكر ومنسق الأمم المتحدة الخاص للبنان يان كوبيتش
اللاعبون في «التسوية البحرية» من اليمين: السفيرة الأمريكية في لبنان دوروثي شيا والسفير الأمريكي في الجزائر جون ديروشر ومساعد وزير الخارجية الأمريكي ديفيد شينكر ومنسق الأمم المتحدة الخاص للبنان يان كوبيتش

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom