Al-Quds Al-Arabi

لجنة لجدولة إعادة انتشار القوات الأمريكية خارج العراق تزامناً مع هدنة الفصائل المسلحة

بغداد تعول على «الناتو» في سد فراغ قوات التحالف: خطط لمستقبل القوات الأمنية

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان:

اتخذت الســلطات العراقية، أخيراً، خطوة عملية تصــب في صالح إخراج القــوات الأمريكية من أراضي هذا البلد الُمثقل بالأزمات، عبر تشــكيل لجنة بين بغداد وواشــنطن تتولى مهمة «جدولة» انتشــار تلك القــوات خارج الحدود العراقية، شــريطة أن يكــون ذلك وفقاً للحــوار الاســترات­يجي بين الحكومة العراقية ونظيرتها في الولايات المتحدة الأمريكية.

ويتزامن الانســحاب الأمريكي المزعــوم من العراق، مع «هدّنة مشــروطة» أطلقتها الفصائل المســلحة، الأسبوع الماضي، بشــأن إيقاف عمليات استهداف المصالح الأمريكية )ســفارة واشــنطن في بغــداد، وأرتال الدعم اللوجســتي للتحالف الدولي( عقب تلويح الخارجية الأمريكية سحب سفارتها من العاصمة العراقية.

ومطلع كانــون الثاني/ ينايــر الماضي، صــوّت مجلس النــواب العراقي، بالأغلبيــ­ة، على قرار يلــزم الحكومة بإخــراج القوات الأجنبيــة والأمريكية خصوصاً، من أراضــي البلاد، ردّاً علــى اغتيال قائد «فيلق القدس» الســابق في «الحرس الثوري الإيراني» قاســم ســليماني، ونائب رئيس هيئة «الحشد الشعبي» أبو مهدي المهندس، وعدد من رفاقهم، بغارة جوية أمريكية في محيط مطار بغــداد الدولي. لكن، القرار يأتي بدعم معظم النواب الشــيعة، فيما يرى السنّة والأكراد ضرورة «الإبقاء» على قوات التحالف الدولي، للمضي بمحاربة تنظيم «الدولة الإسلامية» الذي ما يزال يشكل تهديداً أمنياً، وأيضاً لكبّح جماح الجماعات المسلحة المرتبطة بإيران.

ونهاية الأســبوع الماضي، أعلنت وزارة الخارجية العراقية، تشــكيل لجنة تنسيقية مع الجانب الأمريكيّ لجدولة إعادة انتشار القوات خارج العراق.

وقال الُمتحدّث باسم وزارة الخارجيّة، أحمد الصحّاف، في بيان صحافي، إن «وزير الخارجيّة، فؤاد حســن، ترّأس اجتماعاً حضره مُستشار الأمن الوطنيّ، قاســم الأعرجي، وممثلو عدد من الجهــات القطاعيّة العراقيّــة المعنيّة بالملفّ الأمنــيّ ». وأضاف أن «جرت أعمال الاجتماع في مقــرّ وزارة الخارجيّة، انبثقت عنــه لجنة فنّية تضطلع بمهمّة التنســيق مع الجانب الأمريكــيّ لجدولة إعادة انتشار القوات الأمريكيّة خارج العراق.»

وأشــار إلى أن «اللجنة تُعَدُّ من مُخرَجات الحوار الاستراتيج­يّ المستمر بين الحكومة العراقيّة والحكومة الأمريكيّة الذي جرت أعماله في واشــنطن في 19 آب/ أغسطس 2020 .»

تنظيم التعاون العسكري

وتعليقاً على ذلك، رأى نائب رئيس لجنة العلاقات الخارجية النيابية، ظافر العاني، أن مفاوضات إعادة الانتشار هي استكمال للاتفاق العراقي ـ الأمريكي اثناء زيارة رئيس الوزراء مصطفى الكاظمي لواشــنطن ‪22 )18‬ آب/ أغسطس الماضــي( وتأتي في ضــوء رغبة البلدين بإعــادة تنظيم التعاون العســكري بينهمــا لمكافحة الإرهاب. وأضاف، في تصريح لموقع «نينا» الإخباري، «لا شــك أن النتائج ســتعتمد إلى حد كبير على نتائــج الانتخابات الأمريكية، إذ أن لكلا المرشحين )ترامب وبايدن( رؤية تختلف أحدهما عن الآخر.»

وأوضــح أن «هذه المفاوضــا­ت في هذا الوقت هدفها إطالــة فترة الهدنة بين

واشــنطن وطهران، للحيلولــة دون قصف الجهات المرتبطة بإيران للســفارة الأمريكية في بغداد أو استهداف مصالحها».

وأكدت عضــو مجلس النواب عاليــة نصيف أن مفاوضات إعادة انتشــار القوات الأمريكية داخل أو خارج البلاد يجب أن تكون بعلم الشــعب، ولا يمكن للحكومــة الانفراد بها. وأضافت: «العراق عضو في الأمم المتحدة ويمتلك المركز القانوني الدولي باعتباره دولة تمتلك كافة الصلاحيات القانونية في التفاوض مع الولايات المتحدة حول شان داخلي أو دولي».

ورأت أيضاً أن الاتفاقية الاســترات­يجية «ملزمــة للطرفين، وأي تعديل عليها يجــب أن يمــرر من خلال مجلــس النواب، ولا يمكــن للحكومــة أن تدخل في مفاوضات دون الرجوع للمجلس، لأن الأمر يتعلق بالحق الاستراتيج­ي للشعب بإعادة الانتشار».

وأوضحــت أن «إخراج القــوات الأمريكيــ­ة وإعادة انتشــارها في الداخل والخارج يجب أن يكون بعلم الشــعب، ولا يمكن للحكومة أن تنفرد بمفاوضات دون شفافية عالية بعرضها أمام الشعب».

محاربة الإرهاب

في المقابل، اعتبر المحلل السياسي، علي البيدر، التواجد الأمريكي في العراق ضــروري في الوقت الحالي لمحاربــة الإرهاب، مؤكدا أن القــوات الأمريكية لن تنسحب من العراق أياً كان السبب.

وأضاف في تصريح نقلــه إعلام حزب «الاتحاد الوطني الكردســتا­ني» إن «الهدنة بين الحكومة الاتحادية وبعض الفصائل المسلحة لن تدوم طويلا».

وأضاف: «تواجد القــوات الأمريكية في العراق ضروري في المرحلة الحالية

لمحاربة الإرهاب وتدريب القوات الأمنية العراقية» مشيرا إلى أن «من الضروري على الحكومــة الاتحادية إعداد خطــة أمنية محكمة لمنع تكــرار الهجمات على البعثات الدبلوماسي­ة وقوات التحالف».

ووفقاً للمحلل السياســي العراقي، فإن «هناك جهات تحاول نشــر الفوضى الأمنية في العراق عبر استهداف البعثات الدبلوماسي­ة وقوات التحالف» مؤكدا في الوقــت عيّنه أن «الحكومــة الاتحادية نجحت في إقنــاع الولايات المتحدة بقدرتهــا على توفير الحماية للســفارة الأمريكية في بغــداد، وجميع البعثات الدبلوماسي­ة».

ويعتمد العراق علــى قوات التحالف الدولي في تطويــر أداء قواته الأمنية المحلّية، من خلال التدريب، فضلاً عن التســليح، لمواجهة تهديد تنظيم «الدولة الإسلامية» و«المجاميع المسلحة» التي تدين بالولاء لإيران.

وفي حال خروج القوات الأجنبية مــن الأراضي العراقية، فإن العراق يعوّل على دور بعثة حلف شــمال الأطلسي «الناتو» المتواجدة أيضاً على أراضيه، في أداء مهمة القوات الُمنسحبة.

في هذا الشــأن، ترى قيادة العمليات المشــتركة، أن حلف «الناتو» أســهم ومازال يســهم في تدريب وبناء قدرات الجيــش القتالية، مبينة أن بعثة الناتو فــي العراق لديهم من الخبرة والامكانية في هذا المجال ما يمكننا من رفع قدراتنا القتالية. الناطق باســم العمليات المشــتركة تحســن الخفاجي، قــال للوكالة الرســمية، إن «بعثــة الناتو في العــراق لديها الكثير مــن الامكانات في مجال التدريب وبنــاء القدرات، ولذلك هم أعــدوا الخطط لمســتقبل القوات الامنية العراقية بمختلف مسمياتها». وأضاف أن «حلف الناتو أسهمت وتسهم الآن في عملية التدريب وبناء القدرات والاعداد للقوات المســلحة العراقية، ولديهم من الخبرة والإمكانية في هذا المجال ما يمكننا من رفع قدراتنا القتالية».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom