Al-Quds Al-Arabi

بعد عام على احتجاجات لبنان: الساحات خلت مع انشغال الناس بلقمة العيش

-

■ بيــروت - رويترز: بعــد عام من انتفــاض اللبنانيين علــى الساســة الذيــن اعتبروهم مســؤولين عــن الانهيار الاقتصــاد­ي، خلــت الســاحات التــي كانــت تمتلــئ بالمتظاهري­ــن الغاضبــن وأصبحــت الخيــام التي نصبت لإيواء المحتجين مهجــورة. ورغم أن الغضب لم يختف منذ الاحتجاجــ­ات الجماهيرية التي اجتاحت البلاد في أواخر العام الماضي، فلم يتبق من القدرة على مواصلة الاحتجاج شــيء يذكر في ظل انتشار جائحة كورونا وارتفاع معدل البطالــة والمعاناة التي شــهدتها العاصمــة اللبنانية بفعل انفجــار هائــل في أغســطس آب أدى إلى تشــريد الآلاف. كذلــك فقد قوبل بعــض الذين خرجوا للتظاهــر احتجاجاً على الســلطات في أعقاب الانفجار بالغاز المســيل للدموع وهراوات الشرطة.

كان داني مرتضى الناشط البالغ من العمر 28 عاما بين مئات الآلاف الذين شاركوا في مسيرات في شوارع بيروت ومدن أخرى على مدار أسابيع في 2019. جال ببصره عبر ســاحة في بيروت كانت مركز الانتفاضــ­ة مبديا اعتقاده بــأن روح الاحتجاج لا تزال حية. قــال مرتضى وهو يقف أمام مقر الحكومة حيث أمضــى ليلة بعد أخرى في خيمة إن "الثورة" مازالت مستمرة في صدور الكثيرين.

وفي العــام الماضي نصبت قوى الأمن كتلا خرســانية لإبعــاد المحتجين عن المنطقــة. أطلق المتظاهــر­ون على تلك الكتل اســم "جدار العــار" وحولوها إلى لوحة من رســوم الجرافيتــ­ي والشــعارا­ت المناهضــة للحكومــة. ولا توجد حتى الآن حكومة في لبنان تتصدى لأســوأ أزمة تشهدها البلاد منذ الحرب الأهلية التي دارت بين 1975 و1990 على أقل تقديــر، إذ تعجز التكتلات السياســية المتنافســ­ة عن الاتفاق على تقسيم السلطة.

وفــي الوقــت نفســه تناقصــت الاحتياطيـ­ـات النقدية إلــى درجــة خطيرة وبــدأ الجوع ينتشــر بين أســر الطبقة المتوســطة وانهارت العملة ولــم يعد هناك ســيولة كافية لتطهيــر آثــار الدمار الــذي لحــق بالناس والممتلــك­ات في انفجــار مرفأ بيروت في الرابع من أغســطس آب الماضي. وبعد تلك المأساة التي سقط فيها قرابة 200 قتيل وأصيب

فيها الآلاف انتقلت إلى المتطوعين الشــبان مهمة المساعدة فــي رفع الــركام وتوفير الدعــم لنحو 300 ألــف أصبحوا بلا مــأوى. ويعتمد من فقــدوا وظائفهــم وأصابهم الفقر والجوع على وكالات الإغاثة والمنظمات الخيرية والأهلية المحلية ولا يبدو لهم في الأفق مخرج من الأزمة.

أسســت مايا إبراهيم شــاه جمعية بيت البركة الأهلية المحلية فــي 2018 لخدمــة الفقراء في بيــروت وكانت في البداية تعمل على إيجاد المسكن للمستأجرين الذي طردوا

من مساكنهم وافتتحت متجر سوبر ماركت مجانياً. إلا أنه في العام الذي انقضى منذ انتفاضة أكتوبر تشرين الأول الماضي توسعت الجمعية فأصبح 220 ألفا يستفيدون من مساعداتها. وســرعان ما اكتشفت مايا أنها تقدم الطعام

 ??  ?? الناشط داني مرتضى في إحدى ساحات الاحتجاج في بيروت يؤكد على بقاء روح الثورة
والمأوى لأفراد من الطبقة المتوســطة الآخذة في الانكماش فــي لبنان. قالــت مايا إن الجمعية تعمــل الآن على إصلاح 3011 بيتاً في المناطق التي شهدت دماراً في انفجار المرفأ، مشــيرة إلى أنهــا تحصل على 95 في المئــة من تمويلها من لبنانيين في المهجــر. ويلخص حال أســرة صادفتها مايا في حي مــار مخايل الــذي ناله الدمار من جــراء الانفجار كيف أثرت الأزمة على المجتمع كله لا على الفقراء فحسب.
وكافحت الأســرة لتســيير حياتها بما يدره عليها عمل ريتــا كخبيرة تجميــل وأصبحــت تعتمد علــى التبرعات. وقالــت ريتــا إن حياتها وحياة الجميع انقلبت رأســا على عقب فــي العــام الأخيــر ووصفــت الوضع الحالــي بأنه كارثــة، مضيفة أنه لا أحــد في الدولة يفكر فــي الناس أو يكترث بهم. وليس الوضــع أفضل بدرجة تذكر لأصحاب المدخرات. فقد حالت بنوك بيروت، التي أصيبت بالشــلل بعد أن ظلت تقرض البنك المركــزي والدولة، بين المودعين وحســاباته­م خلال جانب كبير من السنة الأخيرة. وقالت مايــا إن عندها 12 ألف أســرة على قائمــة الانتظار تحتاج لشــراء أجهزة لابتــوب لأولادها للدراســة عبــر الانترنت خلال فترة القيود السارية لمحاصرة فيروس كورونا.
ويثــق مرتضــى أن الســاحات ســتمتلئ بالنــاس مرة أخرى. لكن كثيرين لا يتوقعون أن يحدث ذلك إذ أصبحت لقمة العيش هي الشــغل الشــاغل للناس وأصبح كثيرون يتطلعــون لحياة أفضل في مكان آخر. وهذا الشــهر أظهر الاســتطلا­ع السنوي لرأي الشــباب العربي أن 40 في المئة من الشباب العربي يفكرون في الهجرة غير أن هذه النسبة تتضاعف تقريباً في لبنان.
وتقــول الأمم المتحــدة إن 55 فــي المئــة مــن الســكان يعيشــون تحت خــط الفقر في حين تقول شــركة إنفوبرو للأبحــاث في بيروت إن ثلــث العاملين في القطاع الخاص فقدوا وظائفهم. وقال الوزير السابق والاقتصادي البارز ناصر السعيدي إنه يعتقد أن الشباب يكافحون في سبيل العيش ولهذا لا يخرجون إلى الشوارع للاحتجاج، مضيفا أنــه يعتقد أن الخوف أصابهم بســبب مــا تعرضوا له من تهديد.
الناشط داني مرتضى في إحدى ساحات الاحتجاج في بيروت يؤكد على بقاء روح الثورة والمأوى لأفراد من الطبقة المتوســطة الآخذة في الانكماش فــي لبنان. قالــت مايا إن الجمعية تعمــل الآن على إصلاح 3011 بيتاً في المناطق التي شهدت دماراً في انفجار المرفأ، مشــيرة إلى أنهــا تحصل على 95 في المئــة من تمويلها من لبنانيين في المهجــر. ويلخص حال أســرة صادفتها مايا في حي مــار مخايل الــذي ناله الدمار من جــراء الانفجار كيف أثرت الأزمة على المجتمع كله لا على الفقراء فحسب. وكافحت الأســرة لتســيير حياتها بما يدره عليها عمل ريتــا كخبيرة تجميــل وأصبحــت تعتمد علــى التبرعات. وقالــت ريتــا إن حياتها وحياة الجميع انقلبت رأســا على عقب فــي العــام الأخيــر ووصفــت الوضع الحالــي بأنه كارثــة، مضيفة أنه لا أحــد في الدولة يفكر فــي الناس أو يكترث بهم. وليس الوضــع أفضل بدرجة تذكر لأصحاب المدخرات. فقد حالت بنوك بيروت، التي أصيبت بالشــلل بعد أن ظلت تقرض البنك المركــزي والدولة، بين المودعين وحســاباته­م خلال جانب كبير من السنة الأخيرة. وقالت مايــا إن عندها 12 ألف أســرة على قائمــة الانتظار تحتاج لشــراء أجهزة لابتــوب لأولادها للدراســة عبــر الانترنت خلال فترة القيود السارية لمحاصرة فيروس كورونا. ويثــق مرتضــى أن الســاحات ســتمتلئ بالنــاس مرة أخرى. لكن كثيرين لا يتوقعون أن يحدث ذلك إذ أصبحت لقمة العيش هي الشــغل الشــاغل للناس وأصبح كثيرون يتطلعــون لحياة أفضل في مكان آخر. وهذا الشــهر أظهر الاســتطلا­ع السنوي لرأي الشــباب العربي أن 40 في المئة من الشباب العربي يفكرون في الهجرة غير أن هذه النسبة تتضاعف تقريباً في لبنان. وتقــول الأمم المتحــدة إن 55 فــي المئــة مــن الســكان يعيشــون تحت خــط الفقر في حين تقول شــركة إنفوبرو للأبحــاث في بيروت إن ثلــث العاملين في القطاع الخاص فقدوا وظائفهم. وقال الوزير السابق والاقتصادي البارز ناصر السعيدي إنه يعتقد أن الشباب يكافحون في سبيل العيش ولهذا لا يخرجون إلى الشوارع للاحتجاج، مضيفا أنــه يعتقد أن الخوف أصابهم بســبب مــا تعرضوا له من تهديد.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom