Al-Quds Al-Arabi

انقلاب على «تراثيات» وزير كورونا الأردني: الملاحظون على جابر في صدارة الاشتباك و«القرار الفيروسي»

- عمان- «القدس العربي» من بسام البدارين:

"الأمن الصحي جــزء من الأمن الوطني". هذا ما يقوله وزير الصحــة الأردني، الدكتور نذيــر عبيدات، في أول تصريحات علنية له بعدما انتقل من ناطق باســم اللجنة الوبائيــة الوطنية إلى وزير مباشــر للصحة في مرحلة يزداد فيها فيروس كورونا "شراســة" وتنمو الإصابات وكذلك حالات الوفاة.

في الملف الصحي ومع تدشين أعمال الحكومة الجديدة برئاســة الدكتــور بشــر الخصاونة، ثمة مســتجدات ملموسة على أمل التوصل إلى إستراتيجية اشتباك فعالة وجديــدة. هنا يمكن بوضوح ملاحظــة أن وزير الصحة السابق، ســعد جابر، نجم وبطل مشهد كورونا، لم يعين عضواً في "لجنة الأوبئة " الجديدة، لا بل ستكون اللجنة بعد إعادة تشكيلها في عهدة عدة أطباء وعلماء، أبرزهم الوزير السابق الدكتور عزمي محافظة.

محافظة، وهو عالم فيروسات وطبيب بارز أصلاً، كان قد اســتقال من لجنة الأوبئة في عهد الوزير جابر، مطلقاً عبارته الشهيرة.. "لســنا فرقة إنشاد تردد بعد الوزير". بمعنى آخر، الخصم وسياســي هذه المرة الخصم الأبرز للوزير جابر في الملف الوبائي، عاد إلى اللجنة الأم التي ترسم سيناريو الاشتباك مع الفيروس بالتعاون مع وزير الصحة، حيث عبيدات والخصاونة، اللذان يعرفان جيداً إمكانات الدكتور محافظة ويريدان منه "البقاء قريباً" في معركة الفيروس بعد الإخفاق لأسباب خارجة عن الإرادة في ضمه وزيراً للطاقم الجديد.

في منطقــة أخرى، يمكن ملاحظة القرار "السياســي" بتكليف أكثر طبيب اشــتبك مع الفيــروس ميدانياً وهو الدكتور وائل هياجنة برئاســة طاقم ملــف كورونا في وزارة الصحة. الأخير أنفق الأشــهر الســتة الماضية في الميدان تماماً يترأس فرق الاســتقصا­ء الوبائي ونجح في احتواء بؤرة كبيرة في مدينة إربد شــمالي البلاد دفعت

جهــات أمريكية للاســتعان­ة بخبراته عدة أســابيع قبل عودته إلى عمان.

ويعلــم المختصون بأن الطبيب هياجنة اختلف أيضاً، وعلناً أحيانــاً، مع الوزير جابر وكذلــك خلية الأزمة في مركز الأزمات والأمن الوطني.

ويعلمون أن هياجنــة ومحافظة وحتى عبيدات، لكن بلغة أهدأ، سبق أن سجلوا ملاحظات، بعضها علني على أداء الوزير جابر وطاقمه في إدارة ملف كورونا. وعملياً، كان الهياجنــة الطبيــب الوحيــد الذي حــذر ثم هاجم "ثغرات" الحكومة السابقة برئاســة الدكتور عمر الرزاز في مســألتي المعابر والحدود، إضافة إلى الدور السلبي الذي لعبه فــي إقامة تجهيزات كانــت مطلوبة من وزير الأشغال الأسبق فلاح العموش.

مبكراً فهمت «القدس العربي» ومن أقرب موقع للرئيس الخصاونة، بأن ملف كورونا والأمن الصحي هو"الأولوية الأبرز" بل "المهمة الأساســية مرحلياً" للوزارة الجديدة، حيث توجيهات ملكية مباشــرة بوضع إســتراتيج­يات

شاملة في المجال الصحي، وخلال ثلاثة أشهر أفاد مقربون مــن الخصاونة بأن الحكومة ســتلتزم بها فــوراً وبقوة وحرص. وباشــرت الوزارة فعلاً العصف الذهني لإعداد وثيقة "خطة تنفيذية" ستقدم للقصر الملكي بسقف زمني وأدوات قياس وبعيداً عن معايير الانقلاب الفني والمهني على وصفات وآليات عمل عهد الوزير جابر. ويفترض أن "الهيكل الوبائــي" المتصدي الجديد في الحكومة الأردنية يحــاول الآن تقييم تجارب الاشــتباك المنتجــة مع دول أخرى ومحاولة نسخها ونقلها وإن كان الطبيب المختص وعضو مجلس الأعيان حاليــاً الدكتور هايل عبيدات قد أبلغ "القدس العربي" مبكراً بأن الحاجة ضرورية لإعادة النظر في خطة الاشتباك وتشكيل عدة لجان وأطقم تقرأ الأرقام والمنحنيات أو تبحــث عن الفيروس وتطارده أو تتولى بروتوكولات العلاج.

لم تتضح بعد خطــط الرئيس الخصاونــة والوزير عبيدات في مواجهة الموجــة الثانية من الفيروس والتي توصف بأنها "فتاكة وشرســة"، حيث بدأ السقف الرقمي

يرتفع عن حاجز 2000 إصابة يومياً مع زيادة ملحوظة في عدد الوفيات التي تجاوزت 160 فقط في آخر أسبوع، فيما رئاسة الوزراء مهتمة "بالعمل معاً" كما يقول عبيدات أكثر من إثارة "الهلع" ثم الارتباك.

قبل ذلــك بطبيعة الحــال، من الواضــح أن تفاعلات المواجهة الأردنية مع الفيروس ترتبت أيضاً في المستوى الســيادي وعلى صعيد مركز الأزمــات، حيث توصيات بالجملة سمعتها "القدس العربي" من مستشارين بارزين في القصر الملكي، أهمها مرحلياً تأسيس المجلس الوطني للأوبئة والأمراض الســارية وعلى أســاس مؤسســة مســتقلة وعلميــة لا تتأثــر بأوجاع وصداع الاشــتباك البيروقراط­ي. وهنا لاحــظ الجميع بأن البند الوحيد في خطــاب التكليف الملكي للخصاونــة الذي تضمن النص على ســقف زمني هــو ذلــك المتعلق حصريــاً بالمجلس المشــار إليــه، حيث "المهمــة" الأولى في ســياق إنضاج تجربة "حكومة المهمات" بعد طي صفحة حكومة مشروع "النهضة".

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom