Al-Quds Al-Arabi

«تحرير الإعلام» يثير جدلا واسعا في تونس

بين مَن يبشّر بثورة في القطاعين السمعي والبصري ومَن يحذر من الفوضى وسيطرة رأس المال الفاسد

- تونس- «القدس العربي» من حسن سلمان:

يتواصل الجدل فــي تونس حول مشــروع قانون جديد يهدف إلى تحرير الإعلام في البلاد، فبينما يحذر البعض من الفوضى الإعلامية في ظل القانون الجديد، يرى آخرون أنه سيحدث "ثورة" في قطاع الإعلام.

ويعقد البرلمان التونســي، الثلاثاء المقبل، جلسة عامة عن بعد لمناقشــة مشــروع قانون تقدمت به كتلة ائتلاف الكرامــة، ويهــدف لتعديل المرســوم 116 الخاص بحرية الاتصال السمعي والبصري.

وينص المشروع على إحداث قنوات تلفزيونية وإذاعات بدون الحصول على ترخيص من هيئة الاتصالات السمعية والبصرية )مثلما كان في الســابق(، مــع الاكتفاء بتقديم معلومات شــاملة حول هوية المؤسسة الإعلامية الجديدة وأصحابها.

وأصدرت كتلة الحزب الدستوري الحر، الجمعة، بلاغاً أكدت فيه "رفع قضية فــي إبطال قرار المكتب المؤرخ في 12 أكتوبر 2020 )حول عقد جلســة خاصة بمشــروع قانون تحرير الإعــام(. كما أكدت أنه تقدمت بشــكوى قضائية عاجلة لإيقاف النظر في مقترح القانون المذكور.

فيما دعا النائب منجي الرحوي، على موقع فيســبوك، من أســماهم "النواب غير المتورطين فــي التصويت على تنقيح المرســوم 116 الذي مرر في تعد واضح على النظام الداخلي وفي إرادة واضحة لمزيد تلويث المشــهد الإعلامي وتدجينه وإحكام الســيطرة عليه مــن الأحزاب الرجعية ولوبيات الفساد والإفســاد"، إلى مقاطعة الجلسة العامة المخصصة للتصويت على مشــروع القانــون "كي يتركوا ائتلاف النهضة والكرامة وقلب تونس لوحدهم مسؤولين سياسياً وأخلاقياً على ما ستؤول إليه الأوضاع. الحضور في اعتقادي شــهادة زور على ما يتــم اقترافه من جرائم داخل هذا المجلس".

وكانت نقابة الصحافيين التونســيي­ن والجامعة العام للإعلام )تابعة لاتحاد الشغل( عبرتا عن رفضهما لمشروع قانون تحرير الإعلام، حيث اعتبرتا أنه يشــّرع للفوضى في قطاع الإعلام ويفتح الباب أمام المال الفاســد والمشبوه كي يتغلغل بشكل أكبر في المشهد الإعلامي.

فيما اعتبر أســامة الخليفي، رئيس الكتلــة البرلمانية لحزب قلب تونــس، أن تعديل المرســوم 116 ســيحدث "ثورة في قطاع الإعلام"، مشــيراً إلى وجود "إشكال داخل الهيئة المستقلة للاتصال السمعي البصري )الهايكا(، ومن مســؤولية البرلمان إيجاد حل. )كما أن( كراس الشــروط سيظل موجوداً وكذلك الهايكا، لكن عدداً من الكتل رأت أن مسألة الرخص يجب أن تطرح على الطاولة".

وتحت عنوان "الســلفية الإعلامية وتعديل المرســوم 116"، كتــب المحلل السياســي بولبابة ســالم على موقع

فيسبوك: "الشــباب هم أقل فئة متابعة للقنوات التلفزية والإذاعات، هــؤلاء "ابناء عصرهــم" ويتابعون الأخبار عبر أحدث الوســائل التقنية وفي الغالب يتابعون أخبار بلدهم مــن الإعلام الأجنبي. ولأن العقــول المغلقة لا تقرأ نتائج الانتخابات بسبب نرجسيتها المرضية فإن الإعلام التونســي مثلاً لم يؤثر في اختيارات الناخبين ورأينا من نفخ فيهم قد خرجوا بخفي حنــن، بالتالي فإن الحضور الإعلامــي ليس مقياســاً للنجــاح. في تونــس لا يوجد صحافــي يرفض تحريــر الإعلام وفق كراس الشــروط الموجودة ولنا مئات الصحافيين العاطلين عن العمل الذين سيستفيدون من بعث قنوات إعلامية جديدة".

وتســاءل بقوله: "كيف تكون تقدمياً وترفض مشروعاً تقدمياً؟ الطفرة التي تشــهدها التطــورات التكنولوجي­ة ســتجعل هذا المشــروع واقعاً بعد عقد أو اثنين رغم أنف الجميع وزمن التحكم والســيطرة ســيصبح من الماضي. اليوم مثلاً قد تمنع قنوات من العمل لكنها ستعمل من مالطا أو إســطنبول أو إيطاليا وتتعامل مع شــركات إنتاج في تونس. الحقيقة المرة أن هناك لوبيات فاسدة متمعشة من المشهد الإعلامي الحالي ترفض التغيير )ملف الإعلانات(. بحيث كيف تكــون تقدمياً وترفض مبــادرة تقدمية؟ أما من رفضوا المبادرة لأن مصدرها ائتــاف الكرامة فهؤلاء تنقصهم الثقافة الديمقراطي­ة لأن ائتلاف الكرامة منتخب من الشعب، ويمكن أن ترفض مبادرته لأسباب تقنية مثلاً وليس لأسباب سياسية متخلفة".

وكتب الباحث سامي براهم تحت عنوان "التّحرير في مواجهة ثقافــة البرافدا": "بالاطّلاع على مضمون التّعديل المقترح تساءلت لو كانت جهة المبادرة من هويّة سياسيّة أخرى ولو كانت التّوازنات والسياقات السياسيّة مختلفة هــل كانــت ردود الأفعال ســتكون هي نفســها وبنفس الحدّة؟".

وأضاف: "كنت أتصــوّر أنّ تحرير الإعــام وتنظيمه وفق تعاقــدات مقنّنة تضبطهــا كرّاس شــروط مثل كلّ الأنشطة الاقتصاديّة ويخضع لســلطة القانون وهيئات الرّقابة. كنت أتصوّر أنّ ذلك ســيكون مطلباً ثوريّاً يندرج

صلب مطلب التحرّر وكسر القيود الاستقطاب والاحتكار والوصاية والمحاباة والمحســوب­يّة وفتح الباب للمنافسة في الإبداع وتطوير هذا المجــال. بل كان يفترض أن يكون هذا الخيــار مطلباً جماعيّاً لمــن ناضلوا مــن أجل حريّة الإعلام ومواجهة تكميم الأفواه وتكبيل الاستثمار في هذا القطاع".

وتابع بقوله: "نعم لتحرير الإعــام مخاطر ومحاذير ومخاوف مشروعة يجب مواجهتها والوقاية منها وضبط الإجراءات المشدّدة بالشّــكل الذي يحمي من الاختراقات والتّوظيف والاســتقط­اب ... لكن مهما كانت هذه المحاذير والتخوّفات لا يجب أن تدفــع لبقاء الإعلام تحت وصاية إكليروس البرافدا الذي يســند صكوك الغفران الإعلامي باحتــكار الإجازة. اســتغرب أن يكون دعــاة التحديث والحريّــة في صــفّ مقاربة رجعيّــة محافظة متكلّســة للإعلام مع إطلاق صيحات الفزع والخوف والتّخويف من خيارات آتية لا محالة ولن تصمد مقاربات المحافظة طويلاً أمام تسارع نسق تحرير الإعلام والاستثمار فيه".

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom