Al-Quds Al-Arabi

لودريان بعد اجتماعه مع تبون: الجزائريون وحدهم من يستطيعون ترجمة «تطلعات» الحراك

دعا دول جوار ليبيا إلى مشاركة دبلوماسية أوسع في البحث عن تسوية سياسية للأزمة الراهنة

-

■ الجزائر - وكالات: استقبل الرئيس الجزائــري، عبــد المجيــد تبــون، مســاء الخميــس، وزيــر الخارجيــة الفرنســي، جان إيف لودريان، فــي لقاء بحث خلاله الطرفــان الأزمــة الليبيــة والوضــع فــي الساحل الإفريقي، وخاصة الأوضاع في دولة مالي.

وحســب بيــان للرئاســة الجزائريــ­ة، "تم خلال اللقاء اســتعراض ســبل تعزيز علاقــات التعــاون الثنائــي بــن البلديــن وضبــط أجنــدة مختلــف آليــات التعاون الثنائــي وعلى رأســها اللجنــة الحكومية رفيعة المستوى المنتظر أن تلتئم قبل نهاية السنة الجارية".

وأوضــح: "كمــا كان اللقــاء فرصــة لمواصلة التشــاور وتبــادل وجهات النظر بــن البلديــن حــول مختلــف القضايــا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك وخاصة الأزمة الليبية والوضع في منطقة الساحل".

ووفق بيان للخارجية الفرنســية نشر علــى موقعها، فــإن زيــارة لودريــان إلى الجزائر تــدوم ليومي الخميس والجمعة، وســيتم خلالها بحث القضايــا الإقليمية، ولا ســيما الوضع فــي ليبيا وفــي منطقة الساحل.

وأوضــح: "ســيذكّر الوزيــر بحرصنــا علــى أن تكــون جميــع دول المنطقــة، ولا ســيما الجزائــر، أطرافــاً مشــارِكة فــي الجهــود الدولية المبذولة لإنهاء الأزمة في ليبيــا، وأن تســاهم في الزخــم الإيجابي الــذي اســتُهل فــي مدينة مونتــرو تحت رعايــة الأمم المتحدة". وتابع: "وســيؤكد الوزيــر أيضــاً رغبتنا في مواكبــة العملية الانتقاليـ­ـة فــي مالــي، وتمســكنا بتنفيذ اتفاق الجزائر".

أكّد وزير الخارجية الفرنســي، جانإيف لودريــان، أنّ الجزائريــ­ن "وحدهم" من يســتطيعون ترجمة "تطلّعات" الحراك الشــعبي فــي الاســتفتا­ء علــى تعديــل الدســتور المقــرّر فــي الأول مــن تشــرين الثاني/نوفمبر.

وقال، بعــد لقائه الرئيــس الجزائري، إنّ "الرئيــس عبّر عن طموحاته في إصلاح المؤسســات لتعزيــز الحوكمــة والتوازن بــن الســلطات والحريــات". وأضــاف أنّ "الجزائريــ­ن هــم، وهــم وحدهم، من يســتطيعون ترجمــة التطلعــات التــي تمّ التعبيــر عنهــا بتحضّــر وكرامــة، فــي مؤسسات قادرة على جعلها ملموسة".

والجزائريـ­ـون مدعــوون للتصويــت فــي الأول مــن تشــرين الثانــي/ نوفمبر للاســتفتا­ء علــى تعديــل الدســتور الذي يفتــرض أن يؤســس لـ"جزائــر جديــدة" تســتجيب لتطلعــات الحــراك، الســلمية غيــر المســبوقة التي ولــدت بــدون قيادة فــي 22 شــباط/فبراير مــن تراكم غضب الجزائريــ­ن الذين يطالبون بتغيير جذري لـ"النظام" الحاكم منذ عام 1962.

ولــم يحقّق الحــراك مطلبه الأساســي حتــى الآن، حتى لــو ضغط في نيســان/ أبريــل 2019 لحــن رحيــل الرئيــس عبــد العزيــز بوتفليقة بعــد عشــرين عاماً في الحكم. وقال لودريان إن "فرنســا تتمنى النجاح والازدهار لهــذا البلد الصديق مع الاحترام الكامل لسيادته".

كمــا رحّــب الوزيــر الفرنســي بإعادة بعــث العلاقــات الثنائيــة منــذ انتخــاب الرئيس تبون في كانون الأول/ديســمبر 2019، بعــد عــام مــن التملمــل فــي ذروة الاحتجاجات الشعبية.

وقــال لودريــان، الــذي يقــوم بثالــث زيارة له إلى الجزائر منذ انتخاب الرئيس تبون، "يســعدني أن أشير إلى أن علاقتنا الثنائية تشهد زخماً جديداً"، مشدّداً على أنّ "الرئيس )إيمانويــل( ماكرون بدأ عام 2017 النظر باستبصار لتاريخ الاستعمار الفرنســي للجزائــر ‪.")1962- 1954)‬ وتابــع: "مــن الضــروري النظــر بصفــاء وهدوء للماضي".

وكان ماكــرون كلف المــؤرّخ بنجامان ســتورا مهمّة تتعلق بـ"ذاكرة الاســتعما­ر وحرب الجزائر"، بهدف تعزيز "المصالحة بين الشعبين الفرنسي والجزائري".

وعلى الصعيد الاقتصادي، أصرّ وزير الخارجية الفرنسي على أهمية أن تتمكن الشــركات الفرنسية من ترسيخ مواقعها في الجزائر التــي أصبحت الصين المورد الرئيسي لها متفوّقة على فرنسا.

ورحّــب الوزيــر الفرنســي بإعــان الرئيــس تبــون "عن إصلاحــات من أجل تنويــع الاقتصــاد الجزائــري وتيســير الإجراءات ودعم الشركات المبتكرة".

على صعيد آخر، دعــا وزير الخارجية الفرنســي، جان-إيــف لودريــان، إلــى

مشــاركة أوســع لــدول جــوار ليبيا في البحــث عــن تســوية سياســية للأزمــة القائمة فيها.

وقــال إنّ "دور دول الجوار أساســي لأنها أولــى الجهات المعنية بالمخاطر التي تشكلها هذه الأزمة ويمكنها أن تلعب دور اســتقرار مع الجهات الليبيــة على عكس تدخّــل القــوى الخارجيــة". وأوضح أنّه "في ليبيا، نعتبر كما الجزائر، أنّه لا يوجد حلّ عسكري".

وأمل رئيس الدبلوماسـ­ـية الفرنســية تنظيــم اجتماع لدول جوار ليبيا، مشــيراً إلــى أنّــه ســيزور هــذه البلــدان المختلفة لتحقيق هذا المشروع.

وتســعى الجزائر التي تخشى مخاطر عدم الاســتقرا­ر عند حدودها، إلى تعزيز نفوذهــا فــي الســاحة الدبلوماسـ­ـية الإقليمية، وتتطلع إلى لعب دور الوســيط بين المعسكرين المتواجهين في ليبيا.

وليبيا ممزقة بين سلطتين متنافستين: حكومــة الوفــاق الوطنــي فــي الغــرب ومقرهــا طرابلس ومعترف بهــا من قبل الأمم المتحــدة وســلطة بقيــادة المشــير خليفــة حفتــر، الرجــل القوي في شــرق البلاد.

واستؤنفت العملية السياسية الليبية فــي أيلول/ســبتمبر الماضــي، بعدمــا عطّلهــا هجــوم عســكري شــنّه المشــير حفتر علــى طرابلس في نيســان/أبريل 2019. ومن المقرّر عقــد المباحثات المقبلة فــي أوائــل تشــرين الثاني/نوفمبر في العاصمة التونسية.

وتعهّدت الدول الرئيسية المنخرطة في الأزمة الليبية - بمن فيها تركيا وروســيا والإمــارا­ت العربية المتحــدة ومصر - في كانــون الثاني/يناير في برلــن باحترام حظر الأسلحة الذي تفرضه الأمم المتحدة ووقف جميع التدخّــات، وهي التزامات لم تنفّذ حتى الآن.

وبخصــوص الأزمــة فــي مالــي، عبّر لودريان عن تطابق في الرؤى بين باريس والجزائــر، ودعــا إلــى تطبيــق اتفاقــات السلام الموقعة عام 2015 برعاية الجزائر.

وقال فــي هذا الصــدد: "رحّبنــا، على غــرار الجزائــر، ببــدء عمليــة انتقاليــة فــي مالــي يفترض أن تــؤدّي إلــى تنظيم انتخابات شــاملة وحرّة وشفافة وعودة النظــام الدســتوري. على غــرار الجزائر، ندعــو إلى تطبيــق مجمل اتفــاق الجزائر للسلام".

وأشــار لودريــان إلــى أن الجزائــر "قوة توازن تفضل التســوية السياســية للنزاعــات فــي إطــار متعــدد الأطــراف". وأضــاف أنّ "لها صوتاً مهمــاً في إفريقيا كما في البحر الأبيض المتوسط".

وقالــت الرئاســة الجزائرية فــي بيان موجــز إن اللقــاء مثّــل "فرصــة لمواصلة التشــاور وتبــادل وجهــات النظــر بــن البلديــن حول مختلــف القضايا الإقليمية والدولية ذات الاهتمام المشترك، وخاصة الأزمــة الليبيــة والوضــع فــي منطقــة الساحل".

 ??  ?? أرشيفية للحراك الجزائري
أرشيفية للحراك الجزائري

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom