Al-Quds Al-Arabi

«عدن تقرأ»: مبادرة شبابية رائدة رغم ظروف الحرب

- )الأناضول(

■ عــدن - من فؤاد مســعد: فــي أعقاب تحرير مدينة عدن جنوبي اليمن من سيطرة الحوثيين، في أغسطس/آب 2015، أطلق نشطاء في المدينة مبادرة بعنوان «عدن تقرأ» عبر صفحة على «فيسبوك».

المبادرة، التي دخلت عامها السادس، تشجع على القراءة والكتابة الإبداعية والنقدية، ونفذت برامج لتحريك المياه الراكدة في المشــهد الأدبي والثقافي في مدينــة كانت خارجــة لتوّها من حــرب دامية استمرت زهاء 5 أشهر.

وللعام السادس يعاني اليمن من حرب مستمرة بين القوات الحكومية وجماعة الحوثي، المســيطرة على محافظات، بينها العاصمة صنعاء )شمال( منذ .2014

الأوضاع الأمنية

الطالبة الجامعية زهراء علي )22 سنة( صاحبة فكــرة المبــادرة، قالت للأناضــول إنهــا التقطت الفكرة من مبادرات مماثلة انتشــرت على صفحات «فيسبوك» في عدد من المدن الرئيسية بدول عربية، تحمل كل منها اســم مدينة أو دولــة متبوعة بكلمة «تقرأ» وبدأت التواصل مع نشطاء وطلاب جامعات في عدن، وأطلقوا بالفعل «عدن تقرأ.»

وأوضحــت أنه «في البدء كان النشــاط يقتصر علــى إجراء نقاشــات فــي الصفحة حــول أهمية القراءة ودورها في رفع مســتوى الوعي والثقافة، ثم توسعت المبادرة بانضمام أعضاء جدد.»

وأضافت: «انتقلنا بداية العام 2016 إلى النشاط العملــي في الميــدان وخارج الفضــاء الإلكتروني، كإقامة معــارض للكتاب وتقديمه بأســعار رمزية تشــجيعا للقــراء، بالتعاون مع مكتبــات تجارية وشخصيات داعمة .»

وتابعت: «وأعقب ذلك تشكيل إطار قيادي باسم )مبــادرة آفاق الثقافيــة( لإدارة الحملــة وتنظيم الأنشــطة والبرامج، يتألف من عدد من النشــطاء الشباب .»

وعن أبرز المعوقات التي واجهت أعضاء المبادرة، أجابت زهراء بأن «الأوضاع العامة في عدن، لاسيما الأمني، كانت في الغالب غير مشــجعة، حيث كانت الأولويــة عقب الحرب للجوانــب الإغاثية وإعادة الإعمار وتوفير الخدمات الأساسية.»

وأوضحت أن هــذا يعني أن «العمــل في المجال الثقافي يبدو ترفــا لا طائل منه فــي نظر البعض، وربما يــرى فيه آخرون ضررا يجــب التصدي له، حيث تعرض نشطاء للتهديد حينها، وأُجبروا على مغادرة المدينة أو التخلي عن النشاط الثقافي.»

تفاعل كبير

حسب الناشط أحمد البغدادي )27 سنة( رئيس مبــادرة «آفاق الثقافية» فإن أنشــطة الحملة لقيت تفاعلا كبيرا، لاســيما معارض الكتاب والفعاليات الثقافية والإبداعية التي استهدفت عددا من كليات جامعة عدن، وجامعات خاصة.

وأوضح أن أحدث هذه الفعاليات كان الاحتفال، في ســبتمبر/ أيلــول الماضي، بالذكرى الخامســة لتأســيس الحملــة ودخولهــا العــام الســادس، واحتضنت الفعالية جامعــة العلوم والتكنولوج­يا )خاصة( وتم فيهــا تكريم المبدعــن والفائزين في مسابقات «عدن تقرأ .»

وأضاف أنــه من البرامج التــي أقامتها المبادرة، برنامج «لقاء الشــهر» وهو لقاء مفتوح على شبكة الإنترنت يســتضيف في كل مرة، عبر «فيســبوك» أحد أعــام الثقافة والإبداع على مســتوى الوطن العربــي، ويشــارك الأعضاء في توجيه الأســئلة والاستفسار­ات، ويتولى الضيف الرد عليها وإفادة المتابعــن.وأردف أن المبــادرة اســتضافت كلا من الروائي الأردني، أيمن العتوم، والشاعرة المغربية، ماجدة البــارودي، والروائية الفلســطين­ية، نبال قندس، والكاتبة المصرية، هاجر عبد الصمد، فضلا عن استضافة كتاب ونقاد وشعراء يمنيين.

هــذه الحملة الثقافية تضم حاليــا قرابة 37 ألف عضو فــي صفحتها «عــدن تقرأ» أغلبهــم من عدن ومحافظــات يمنية أخرى، كما تضم أعضاء من دول عربية عدة.

وقالت مروى أحمد، كاتبة، إن الحملة أسهمت في تحريك المياه الراكدة في الجانــب الثقافي وتعزيز القراءة وتسهيل الحصول على الكتاب وطرح كثير من القضايا الأدبية والمعرفية للنقاش.

وتابعت أن هذه الإسهامات جعلت المبادرة تلفت انتباه الشــباب، ويقبلون على المشاركة والتفاعل الإيجابي مع فعالياتها، ســواء أكانت في صفحات التواصــل الاجتماعي أو في أرض الواقع، كمعارض الكتاب والأمسيات والصباحيات الثقافية المختلفة.

وأوضحت أن الحملة شــاركت في انتشال كثير من الشباب من حالة اليأس والإحباط، التي وصلوا إليها بســبب الحــرب والمعاناة، ودفعــت بهم إلى الإندماج في فعاليات شبابية وأنشطة إبداعية.»

وخلفت الحــرب المتواصلة 112 ألف قتيل، بينهم 12 ألــف مدني، وبــات 80 بالمئة من ســكان اليمن، البالغ نحو ثلاثــن مليون نســمة، يعتمدون على المساعدات الإنسانية للبقاء أحياء، في أسوأ كارثة إنسانية بالعالم، وفق الأمم المتحدة.

واختتمــت حديثهــا بالتشــديد علــى أنه رغم صعوبــة الوضع بعد الحرب في المدينة، إلا أن حملة «عــدن تقرأ» اســتطاعت أن تتجــاوز حالة العجز والسلبية إلى فضاء الحركة والتفاعل الإيجابي.

 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom