Al-Quds Al-Arabi

غضب في لندن بعد طلب الاتحاد الأوروبي تقديم تنازلات حول مرحلة ما بعد «بريكست»

-

■ بروكســل - أف ب:أكــد رئيــس الوزراء البريطانــ­ي، بوريس جونســون، أمس الجمعة أن بريطانيا «ينبغي أن تكون مســتعدة» لفشــل المفاوضات التجارية لمرحلة ما بعد «بريكست» مع الاتحاد الأوروبي ما لــم يحصل «تغير جوهري» في النهج الأوروبي.

وقال جونســون للتلفزيــو­ن البريطاني «لقد تخلوا عــن فكرة اتفاق التبــادل الحر، ولم يطرأ أي تقدم من جانب بروكسل لذا نقول لهم: تعالوا إلينا عند حصول تغير جوهــري في النهج، وإلا يناســبنا جداً البحث فــي التفاصيــل العملية» للخروج بدون اتفاق تجاري.

وكان القــادة الأوروبيــ­ون قــد طلبــوا من بريطانيا أمــس الأول تقديم تنازلات حول قواعد التجارة الُمنصفة لكســر جمود مفاوضات ما بعد «بريكسِت» الأمر الذي أثار غضباً في لندن ويهدد مصير المحادثات.

وأعرب قادة الدول الأعضاء الـ27 في بروكسل عن تفاؤل حذر، لكنهم حثوا مؤسســات الاتحاد والدول الأعضاء فــي خلاصاتهــم المكتوبة إلى مضاعفة الاســتعدا­دات لخروج بريطاني «بدون

صفقة».لكنهم مع ذلك وجهوا دعوة إلى بريطانيا لمواصلــة المباحثات الأســبوع المقبــل في لندن والأسبوع التالي له في بروكسل.

وقال كبير مفاوضي الاتحاد الأوروبي ميشال بارنييه عقــب حديثه مع القادة «اعتبارا من الغد ســأتحدث مع نظيري ديفيد فروســت. سنكون في لندن يوم الإثنين لأســبوع كامل، بما في ذلك نهاية الأسبوع إن اقتضى الأمر». وأضاف «هذا ما اقترحته على الفريق البريطاني.»

وجاءت الدعوة الأوروبية عقب إصدار رئيس الوزراء البريطاني بوريس جونســون تحذيراً حول إمكانية الانســحاب مــن المفاوضات ما لم تمهّــد نتائج القمــة الأوروبيــ­ة لانفراجة. ولكن الاتحــاد الأوروبي لم يُلقِ بــالاً للتحذير، وحمّل جونسون مسؤولية الوصول إلى اتفاق قبل نفاد الوقت.وبنبرة غير معهودة، قال كبير المفاوضين البريطانيـ­ـن، ديفيد فروســت، أن بلده يشــعر بـ»خيبة أمــل إزاء خلاصات القمــة الأوروبية» حول المفاوضات التجارية لما بعد «بريكسِت».

وأضاف أنه «متفاجئ من أن الاتحاد الأوروبي لم يعــد ملتزماً بالعمــل المكثّــف» للوصول إلى اتفاق، وكذلك من طلب دول التكتل أن تبذل لندن جهودا إضافية، مشيراً إلى أنّ جونسون سيحدّد الخطوات التالية.

لكنّ المستشــار­ة الألمانية أنغيــا ميركل دعت مســاء الخميــس كلاً مــن بريطانيــا والاتحاد الأوروبي إلى تقديم تنازلات لإنجاح المفاوضات. وقالت في ختــام اليوم الأول من القمّة الأوروبية في بروكســل «لقد طلبنا من بريطانيــا أن تظلّ منفتحة على تقديم تنــازلات للتوصّل إلى اتّفاق. بالطبع هذا يعنــي أنّه يتعيّن علينا نحن أيضاً أن نقدّم تنازلات » مشيرة في الوقت نفسه إلى أنّ هذا لا يعني تخلّــي كل طرف عن «خطوطه الحمراء.» وفي الأيام القليلة الماضية شهدت الأجواء توتراً، رغم ما أبداه الأوروبيون مــن انفتاح على تقديم تنازلات في ملــف الصيد البحري الذي يمثل أحد أهم الخطوط الحمر لهم.

وألمح الرئيس الفرنســي إيمانويــل ماكرون إلى إمكانية تقديم تنــازلات حول حقوق الصيد، وقــال أنه منفتح علــى إيجاد «تســوية جيدة» تضمن للصيادين الفرنســيي­ن حق النشــاط في الميــاه البريطانية.ويمثّل إصرار فرنســا ودول

أوروبية أخرى شــمالي القارة على حق النشاط في مياه المملكة المتحدة حجر عثرة في المفاوضات حتــى الآن.وقال بارنييه في هذا الصدد «نعلم أن علينا بذل جهــود. يجب أن تكــون هذه الجهود معقولة».وحاول القــادة الأوروبيون إبقاء ملف «بريكسِــت» خارج جدول أعمال قممهم الأخيرة. ولا يعرض البيان الرســمي للقمة ســوى القليل على جونسون، كما حذفت منه جملة كانت توجد في مسوّدة ســابقة، تدعو بارنييه إلى «تكثيف» النقاشــات مع فروست.وسبق أن نبهت المفوضة الأوروبية أورســولا فون دير لاين جونسون في اتصال هاتفي عشية القمة إلى أنه «لا يزال يوجد الكثير من العمل أمامنا». وأضافت أن بروكســل ترغب في الوصــول إلى اتفاق لكــن «ليس بأي ثمن .»

وقال بارنييــه أن المحادثات يمكن أن تتواصل حتى نهاية الشهر الحالي، وهي التاريخ التقريبي الذي وضعه الاتحاد الأوروبــي حتى يترك وقتا كافيا ليصادق البرلمان علــى الاتفاق قبل انتهاء الفتــرة الانتقالية لبريكســت في 31 ديســمبر/ كانــون الأول. لكــن الجانــب البريطانــ­ي اتهم المفوضية الأوروبية في بروكسل بمحاولة فرض تنازلات عليه عبر تضييع الوقت.

وقال دبلوماســي­ون فــي الأيــام الأخيرة أن بريطانيــا قامــت ببعض الخطــوات الإيجابية، لكنها غيــر كافية، ما يدخــل المفاوضين في «نفق دبلوماســي» لفرض تنازلات قبيل انتهاء الفترة الانتقالية.يذكــر أن بريطانيــا غــادرت الاتحاد الأوروبــي فــي 31 ينايلر/كانــون الثاني. لكن بارنييه وفروســت انخرطا لأشهر في مفاوضات غير مثمرة حــول اتفــاق ينظم التجــارة عقب المرحلة الانتقالية.وفي حال عدم التوصل لاتفاق، ســيتم تطبيق قواعد «منظمة التجــارة العالمية » علــى المبادلات بــن البلدين بما فــي ذلك فرض رسوم جمركية.ويشدد الطرفان على جاهزيتهما لتطبيــق تلك القواعــد، وأنهمــا يفضلانها على توقيع اتفاق ســيء، لكن يحذر خبراء من نتائج ســلبية في حال اللجــوء إليها.وتتعلق مخاوف أوروبــا بثلاث مســائل أساســية، هــي قواعد المنافســة الُمنصِفــة، وطريقة مراقبــة تطبيقها، وضمان حقوق الصيد في الميــاه البريطانية.من ناحيتها تســعى بريطانيا لاســتعادة سيادتها على مياهها، وترفض إشــراف الاتحاد الأوروبي قانونياً على الصفقة، وتشدد على أنها تريد اتفاق تجارة بسيط شــبيه بالاتفاق الذي وقعه التكتّل مع كندا.

لكن بروكسل تُشدِّد على أن اقتصاد بريطانيا أكثــر اندماجا بكثير فــي الاقتصــاد الأوروبي، علاوة على قربهــا الجغرافــي، وبالتالي توجد ضرورة لحماية سوقها الموحدة.

من جهتها، اعتبرت رئيســة المصرف المركزي الأوروبي كريســتين لاغارد أن الرهانات العالية حول اقتصاد ما بعد «بركسِــت» ترجح التوصل إلى اتفــاق بين الطرفين.وقالت المســؤولة خلال نقاش حــول الاقتصاد العالمي فــي الاجتماعات السنوية الافتراضية لصندوق النقد الدولي «إذا احتسبنا الضرر الذي ســتتكبده المملكة المتحدة من جهــة والاتحاد الأوروبي من جهــة ثانية في حال عدم التوصل لاتفاق، يصير من الواضح أنه من الضروري التوصل لاتفاق.»

وأضافت أنها متفائلة حتــى وإن جرى توقيع الاتفاق «ثلاثة دقائق قبل منتصف الليل» في آخر يوم من الفترة الانتقالية.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom