Al-Quds Al-Arabi

زمن الإصلاح والمشورة السيئة بشأن الاتفاق النووي

انسحاب الولايات المتحدة لم يخدم إسرائيل ولم يخضع إيران

- يوسي بيلين إسرائيل اليوم ـ 2020/10/16

■ لم أفاجأ بقراءة المقابلة في «يديعوت احرونوت» مع رئيس دائرة البحوث في شــعبة الاستخبارا­ت العسكرية العميد درور شــالوم، الذي ينهي مهام منصبه. فقبل سنة بالضبط التقى شــالوم مع يوآف ليمــور في عدد صحيفة «إسرائيل الأســبوع» وقال أمورا مشــابهة. ما أذهلني في حينــه، وهذه المرة أيضــا، كان الهدوء غيــر المفهوم الذي اســتقبلت فيه أقوال صاحب هذا المنصب الحساس. يتنكر شالوم، بشــكل ثابت، لمواقف حكومات نتنياهو. يخيل لي أنه لا يوجد ضابــط يظهر في أحيان قريبــة في الكابينت السياسي الأمني وفي لجنة الخارجية والأمن في الكنيست أكثــر من رئيس دائــرة البحــوث. هذا هــو الرجل الذي يرى المادة الحساســة، الذي يعمل علــى تحليلها، ويرفع اســتنتاجا­ته لأصحــاب القــرار. لا يســتطيع أي أحد أن يتجاهل اقواله. قبل سنة حذر من وقف التنسيق الأمني مع السلطة الفلسطينية، وباتت هذه هذا العام حقيقة ناجزة. قبل ســنة قضى بأن انسحاب الولايات المتحدة من الاتفاق النووي مــع إيران يدفع بإســرائيل لأن تعود لتســتثمر المقدرات في هذه المسألة. وقبيل اعتزاله يشدد انتقاده في هذا السياق.

عندما يقول العميد شالوم أن تعزيز السلطة الفلسطينية هو مصلحة أمنية إسرائيلية، فانه يشدد على أن هذا ليس قولا سياســيا. صحيح أنني لا اعتقد أن حل السلطة كفيل بأن يخلق حاجة عاجلة لاســتئناف الاتصالات السياسية بين إســرائيل والفلســطي­نيين، ولكن مــن يفضلون إدارة النزاع وليــس حله، وعلى رأســهم نتنياهــو، ينبغي أن يســتمعوا جيدا لأقــوال الضابط المقدر. فعــدم الاكتراث الظاهر في ضوء القطيعة بيننا وبين السلطة الفلسطينية، والاستخدام لتبجحات مثل «السلام مقابل السلام» (وكأنه يمكن ومرغوب فيه اســتخدام هــذا «الابتكار» لحل النزاع مع الفلســطين­يين أيضا( تعزز بشــكل كبير فرص تشديد التوتر في الضفة الغربية. ولكن أقوال العميد شــالوم في الموضوع الإيراني أبعد اثرا بكثير وتتناقض بشــكل مطلق مع محــاولات نتنياهو عرض انســحاب الولايات المتحدة

من اتفاقها واتفاق الــدول الخمس الكبرى الأخرى كإنجاز سياسي كبير.

يدعي شالوم بأنه «لم يثبت بعد أن الخروج من الاتفاق النووي خدم إســرائيل )الإيرانيون( لــم يتجاوزوا حافة العشــرين في المئة تخصيــب ولكنهم تقدمــوا في البحث والتطوير، وهكذا قصــروا مدة القفز إلــى القنبلة». وهو يتكبد عناء الاشــارة إلى أنه «في الاتفــاق النووي، على نواقصــه ـ كان أيضا مجالا للتأثيــر على مواضيع أخرى وكان من الصواب العمل على إصلاحه».

إن الادعاء الذي يتشــارك فيه عدد غيــر قليل من كبار رجالات جهاز الأمن، هو أن نتنياهو دفع ترامب للانسحاب من الاتفاق، في قول عديم الأســاس بأن الحديث يدور عن اتفاق كارثي مزعــوم دون أن تكون إيران خرقته بشــكل يبــرر الخطــوة الأمريكيــ­ة. إن التقدير المغلــوط لترامب )ولنتنياهو( كان في حال انســحبت الولايات المتحدة من الاتفــاق وعادت، وحدهــا إلى نظام العقوبات، فســيأتي الإيرانيون راكعين مستجدين إعادة فتح المفاوضات.

ولكن إيران لم تأت راكعة. وهــي تنجح في البقاء رغم القرار الأمريكي. بينما الولايات المتحدة فقدت الرافعة التي كانت لها حتى انســحابها. أمريكا ترامــب لم تعد اي بديل مرتب، ولم تنضم اليهــا أي دولة أخرى من الدول الخمس التي وقعت على الاتفاق. وهكذا أصبح الوضع في السنوات الأخيرة، منذ انسحاب الولايات المتحدة أكثر خطورة على العالــم بالعموم وعلى إســرائيل بالخصوص، بدلا من أن يتحسن.

معقــول الافتراض أن جو بادين، إذا ما انتخب رئيســا للولايــات المتحدة، ســيجري تغييرا جوهريــا في موقف الأمريكيين من الاتفاق مع إيران، وسيضع شروطا تقود إلى تعديلات معينة، في ظل عودة الولايات المتحدة إليه. ولكن مع ترامب كرئيس من شــأن إسرائيل أن تدفع ثمن مشورة نتنياهو الســيئة، وفــي هذا الوضع ســيكون من الافضل لرئيس الوزراء أن يعيد تجنيد قدراته الاقناعية. هذه المرة ـ كي يحمل ترامب على العودة إلى الاتفاق وإصلاح ما هو حيوي فيه حقا.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom