Al-Quds Al-Arabi

ما السر الذي تحتاجه المظاهرات الإسرائيلي­ة لتؤتي أكلها؟

كما حدث في مصر ولبنان:

- إسحق ليفانون معاريف 2020/10/19

■ تجري جملــة المظاهرات كما هو معروف هذه الأيام فــي أرجاء البــاد، ولكــن المتظاهرين لــم ينجحوا في عرض صورة زعيم جارف يشــكل بديلاً عن الزعيم الذي يحتجون ضده. ولدى اليســار تكرار لشخصيات ذوي وظائف أساســية في الماضي، بينهم رئيس وزراء سابق ورئيس أركان ســابق، ولكنهم مع حماستهم، ليسوا تلك الشخصية التي يراها الجمهور كزعيم متصدر. ومن أجل الخروج من الوضع الخطير الــذي نحن فيه الآن، يجب إيجاد شخصية كاريزماتية، زعيم ذي قوة جذب ونظيف اليدين، ليقودنــا. أرفض القول بأن ليس في أوســاطنا زعيم قد يحدث التغيير.

على مدى السنين والاحتجاجا­ت العديدة التي وقعت في أرجاء العالم، تقررت مقاييــس يتميز بها الاحتجاج الناجع. ثمة مقياســان متصدران وهمــا: حجم المظاهرة الــذي يجعلها قوية، ورســالة الاحتجــاج. وكلما كانت الرســالة أقصر تكون أكثر قابلية للاستيعاب. المظاهرات الموزعــة علــى الجســور والمفترقــ­ات وفي الشــرفات والســيارا­ت وغيرها مهمة، ولكنها لن تؤدي إلى التغيير المنشــود. وكما يذكر، ومع الفرق بالطبع، قبل ســنة من ســقوط الرئيس المصري الأسبق مبارك وقعت مظاهرات كل يــوم وفي أماكن مختلفة في أرجــاء مصر. كانت كلها محصورة في عــدد المتواجدين فيهــا. وعندما أعلن عن مظاهــرة المليون في ميــدان التحرير في القاهرة نشــأ الضغط الجماهيري اللازم لرحيل مبارك.

إذا ما ربطنا عدد المتظاهرين في أرجاء البلاد ســنرى أنه يمكن تجنيد العدد اللازم للوصول إلى مظاهرة قوية، مثل تلك التي نعرفها من بلفــور. مظاهرة واحدة كبرى، متواصلــة، وفي مكان واحــد تفتح الإمكانيــ­ة لتحقيق الهدف. وكانت الرسالة في مصر قابلة للاستيعاب، لأنها قصيرة: «ارحل»؛ أي انصرف. وشباب لبنان المتظاهرون استخدموا أيضاً أســلوباً قصيراً: «كِلّن يعني كِلّن» التي أدت إلى اســتقالة حكومة الحريــري. وضروري توحيد الرسالة في شــعار يســتوعبه الجمهور ويكرره، مثلما حصل مؤخراً مع الشعار الفيروسي «اذهب»؛ أي أن قوة المظاهرة والرسالة هما سر النجاح.

وبضعــة أقانيم مــن احتجاجين حدثا فــي محيطنا: المصري واللبناني. فــي مصر، كثرة جماعات المتظاهرين هي التي منعت نشوء شخصية متصدرة، بحيث عدنا إلى نظام يشبه نظام مبارك. وهناك أقنوم آخر هو الوطنية. المظاهرة مع رسالة وطنية تســتوجب استخداماً لرموز وطنية. كان الرمز الوحيد الذي اســتخدمه المتظاهرون في القاهرة وبيروت على حد ســواء هو العلم الوطني، وليس أي علــم آخر، فالعلَــم يعزز عدالــة المظاهرة. لا أعرف كم من النــاس على وعي بتاريخ العلم الأســود؛ فكمــا هو معروف، «داعش» يســتخدمه أيضاً، وكذا فعل الفوضويون في بطرسبورغ في الثمانينيا­ت من القرن الـ 19، ومثلهم الفاشيون في إيطاليا. وعليه، يجب التوقف عن اســتخدام العلم الأســود، وبدلاً منه رفع علم الدولة فقط في كل مكان وفي كل مظاهرة أينما كانت.

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom