Al-Quds Al-Arabi

ترجيح عودة التظاهرات في العراق بشكل أعنف

- بغداد ـ «القدس العربي» من مشرق ريسان ـ ووكالات:

مــع مرور عام علــى ذكرى انــدلاع الاحتجاجات الشــعبية في العراق، يتوقع خبــراء ومحللون أن تعود تلك التظاهرات بشــكل أعنف ويشمل مناطق أخرى، وذلك مع تفاقم الأوضاع الاقتصادية والأمنية ســوءا، وبعد عجــز الحكومــة الحالية عــن تلبية متطلبات المتظاهرين الأساسية.

وحســب تقرير نشــره معهد «أتلانتك كونسل» للدراسات البحثية، فإن الأســابيع المقبلة قد تشهد تجــددا للاحتجاجات الشــعبية التــي اندلعت في أكتوبــر/ تشــرين الأول، من العــام الماضي، وأدت إلى مقتل نحو 700 شــخص وجــرح واعتقال آلاف المحتجين.

السيطرة على الوضع

وأوضحــت الباحثة العراقية، رغد قاســم، التي أعدت التقرير، أن «ينبغي على المتظاهرين والنشطاء توخي الحذر من المفســدين الذين قــد يحبطون أو يختطفون توجه المظاهرات في محاولة للتأثير على الأحداث لصالحهم».

وأشــارت إلى أن «الحكومة ســتكون قادرة على السيطرة على الوضع إذا التزمت بحماية المتظاهرين والحفاظ على ســلمية التظاهرات، واتخاذ خطوات جريئة لفضح المتورطين في أي تصعيد».

ويؤكد التقريــر أن «الحكومة العراقية برئاســة مصطفى الكاظمــي باتت تتعرض لضغوط كبيرة، إذ تواجــه العديد من التحديــات الناجمة عن الأزمات الصحيــة والاقتصادي­ــة بســبب جائحــة فيروس كورونا، وانخفاض أسعار النفط، بالإضافة إلى تجدد الاحتجاجات المتوقــع والتي ســيكون لها )عواقب بعيدة المدى( وخاصة وأن المطالب الشــعبية لم تعد تركز فقط على القضايا الاجتماعية والاقتصادي­ة بل تعدتها إلى الناحية السياسة، للمطالبة بإقرار قانون انتخابات عصري وإجراء انتخابات مبكرة».

ومع ذلــك، فإن أحــد أكبــر بواعــث القلق لدى المحتجين هو «اســتمرار دائرة العنــف ضدهم» فقد شــهدت التظاهرات العام الماضي في العاصمة بغداد والمحافظات الجنوبية مستويات متفاوتة من العنف، حيث وقعت إصابات في أماكن المظاهرات في إحدى عشرة محافظة في جنوب ووسط العراق.

وأشــار التقرير إلى أن، جرى اســتخدام «القوة المفرطة وغير الضرورية» كاستعمال الذخيرة الحية بدلاً من الغاز المسيل للدموع، لاسيما في بغداد وذي قار وكربــاء والبصرة. واللافــت أن مدينة النجف وسط العراق لم تشــهد عنفاً شديداً مقارنة بذي قار في الجنوب التي وصفت بـ «الدامية».

وحسب التقرير فإن أسباب انخفاض الخسائر في النجف جزئيًا تعود إلى أنها مقر رجل الدين الشيعي البارز علي السيستاني، ولوجود مجتمع مدني منظم مع تواجد محدود للغاية للفصائل المسلحة.

واستطاعت النجف، من خلال مجموعتها المؤثرة من المجتمع المدنــي والنخب الدينية، رســم خارطة طريق للمظاهرات من خلال تنظيم التجمعات وتقديم مجموعة من المطالب.

وســمحت خريطة الطريق، التي تمت مشاركتها مع المحافظات الأخرى، للحركــة بتطوير هوية أكثر انسجاما تتماشى مع الواقع السياسي العراقي.

ورغــم أن احتجاجــات 2019 كانــت عفوية، فقد افتقر المتظاهرون إلى إطار منظم، مما أعطى الأحزاب السياســية اليــد العليا فــي التأثير علــى الحركة الاحتجاجية.

تنظيم الاحتجاجات

ولكن ناشــطين بارزين في الحركــة الاحتجاجية أكــدوا أن التظاهــرا­ت الســلمية التي مــن المتوقع انطلاقها في الخامس والعشرين من الشهر الجاري، ستكشــف عن رغبة في تنظيم الاحتجاجات بشكل أفضل من العمل على تشكيل أحزاب جديدة للدخول في العملية السياسية.

كما أعلنوا عن مبادرة لإجــراء حملة توعية عامة لتشــجيع العراقيين على المشــاركة في الانتخابات المقبلة لتشكيل دائرتهم الانتخابية.

وخلّف الحراك الاحتجاجي فــي العراق أكثر من 550 قتيلاً أغلبهم من المتظاهرين والناشطين، وبعض قوات الأمن، فيما يتجاوز عدد الجرحى الـ20 ألفاً.

وشــكّل الكاظمــي مؤخــراً لجنــة للتحقيق في الحوادث التــي رافقــت الاحتجاجــ­ات، مؤلفة من مجموعة قضاة، على أن تُعلــن نتائجها حال اكتمال التحقيق.

واســتخدمت قوات الأمن العراقيــة، وخصوصاً قوات مكافحة الشغب، الرصاص الحي وقنابل الغاز والدخان، فضلاً عن أســلحة الصيد التي تعتمد على الكرات الحديدية في تلقيمها، ضــد المحتجين العزّل المطالبين بإقالة الحكومة، حينها، وتوفير الخدمات.

في هــذا الشــأن، رأى الخبيــر القانونــي علي التميمــي، ضــرورة بــدء فريــق تقصــي الحقائق بالتحقيق في أســلحة «الصيد» التي استُخدمت في اســتهداف المتظاهرين، مؤكدا أن عقوبة هكذا جرائم اما السجن أو الإعدام.

وقــال في توضيــح قانونــي إن «فريــق تقصي الحقائــق يتوجب عليــه البدء بالتحقيــق بوجود الأسلحة الخاصة بالصيد )الصجم باللهجة المحلّية( ومعرفة مــا إذا كان توزيعها بعلم الضباط من عدمه، ومــا إذا كانت موجودة في جميــع المحافظات أو في بغداد فقــط، لاســيما وأن هذا النوع من الأســلحة اســتخدم في تظاهرات ســابقة فلا بد من أن يكون التحقيق بأثر رجعي لمعرفة مصدرها».

وأضاف أن «الوصف القانوني لهذه الجرائم على وفق المواد 406 القتل العمد، و410 الضرب المفضي إلى موت، و412 إحداث العاهات، و413 الجرح والإيذاء، وكلها جنايات عقوبتها السجن أو الإعدام».

وأوضح أن «الأمم المتحدة حذرت من تلك الجرائم لأنها تخالف ميثاق العهــد الدولي والإعلان العالمي لحقوق الإنسان والدستور العراقي في المادة 38 منه، وبالتالي، الحكومة العراقية ملزمة على وفق القانون الدولي بكشــف الجناة من قتلة ومحرضين وشركاء وحتى الطرف الثالث».

وأكد أن «شــهود الحــادث هم الخيوط للكشــف عن وقائع الجريمــة، بالإضافة إلــى المدعين بالحق الشــخصي، وكاميــرات المراقبة، وبالإمــكا­ن تقديم إفاداتهــم إلــى محكمة التحقيــق» مشــيرا إلى أن «مســؤولية القادة الأمنيين موجودة وفقا للمادة 24 من قانون العقوبات العســكري 19 لســنة 2007 من حيث العلم بالجريمة أو الأســلحة أو إعطاء الأوامر من عدمه، وهذا ما يتم كشفه في التحقيق».

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom