«الغارديان»: فوز بايدن بالرئاسة الأمريكية لن ينقذ الاتفاقية النووية الإيرانية... فهناك أزمة ثقة ومعسكر متشدد
قــال المحــرر الدبلوماســي فــي صحيفــة «الغارديــان» باتريــك وينتــور إن فوز المرشــح الديمقراطــي جوزيــف بايدن لــن يكــون كافيًا لإنقــاذ الاتفاقيــة النووية التي وقعتهــا الإدارة التي كان فيها عام 2015.
والســبب كما يقول هو أن الحكومة الإيرانية الضعيفــة لــم يتبــق لديهــا ســوى أشــهر قبل الانتخابــات فــي 2021 حيث تواجــه تحدياً من المتشــددين الذين يعارضون الحوار مع الغرب. وأضــاف أن النافــذة الضيقة لإنقــاذ الاتفاقية دفعــت البعض إلى دعوة بايدن كي يقترح نهجاً مرحلياً يقــوم على العودة إلى الاتفاقية النووية التي خرج منها الرئيــس دونالد ترامب في عام 2018 ويقــدم صورة عن تقدم قبــل الانتخابات الرئاسية الإيرانية.
«أقصى ضغط»
ولا يــزال التيــار الإصلاحــي والوســط في حالة رثة بســبب فشــل الاتفاقيــة الأصلية في تقديم المنافــع الاقتصادية للمواطنين الإيرانيين العاديــن. وبعدمــا خــرج ترامب مــن الاتفاقية فرض عقوبات جديدة وأعــاد القديمة ضمن ما أطلق عليها اســتراتيجية «أقصى ضغط» ومنع طهران من تصدير النفــط. حيث ترك المدافعون عــن الاتفاقيــة داخــل إيــران لوحدهــم. وفــي مقابلــة أجرتها صحيفــة «كار وكرغر» مع وزير الخارجيــة الإيرانية محمد جــواد ظريف أكد أن وزارته لم تكن ســاذجة عندمــا قررت التفاوض مع الولايات المتحدة وأكد أن ترامب «فجر غرفة المفاوضات بالكامل .»
ويعتبــر الرئيــس الإيرانــي الحالــي حســن روحاني من المؤيدين للاتفاقية المعروفة باســم «الخطــة الشــاملة المشــتركة للعمــل» ولكنه لن يترشــح بعدمــا أنهــى فترتــن رئاســيتين كل واحــدة منهــا أربعة أعــوام. وبــدلاً منــه هناك عــدد من المحافظين بمن فيهم قــادة في الحرس الثوري يخططون للترشــح لمنصبه ويدعون إما للاعتمــاد على النفس أو إقامــة علاقة وثيقة مع الصين. ولــم تقرر الحركة الإصلاحية ترشــيح ممثل عنها أو دعم التكنوقــراط علي لاريجاني، رئيــس البرلمــان والــذي يســاعد روحاني على تأطير شــراكة مدتها 25 عامًا مع الصين. وهزم الإصلاحيون فــي انتخابات البرلمان التي جرت فــي الربيع والتي شــهدت تراجعاً فــي الإقبال. وتعتمــد فرص إقنــاع الطبقــة المتوســطة التي تشــعر بخيبــة الأمل علــى دفعها لدعم مرشــح إصلاحي يرفع الآمال لاستئناف المحادثات مع الغرب.
ووعــد بايدن: «لــو عادت إيران إلــى الالتزام الصــارم بالاتفاقيــة النوويــة فيمكــن للولايات المتحدة العودة إليها كمرحلــة أولية لمفاوضات لاحقــة». وحتــى لو فعــل، فإنــه لن يصــل إلى البيــت الأبيض حتــى 20 كانون الثانــي/ يناير ممــا ســيترك فتــرة قصيــرة للإصلاحيــن وإقنــاع الإيرانيين بأن طريق الحــوار مع الغرب يســتحق المحاولة مــرة ثانية. ويقــول محللون إن فوز بايــدن قد يكون كافيــاً لتغيير المزاج في إيــران، وبالتأكيد يتابع المســؤولون في طهران الانتخابات الأمريكية وبانجذاب.
وفي مقال نشرته صحيفة «سازندكي» جاء: «أهم شــيء ســيحدث على الوضــع المحلي بعد تنصيب رئيــس غير ترامب هــو تغيير في المناخ النفسي للمجتمع الإيراني وظهور أمل بإمكانية حوار ناجح ومفاوضات مع الولايات المتحدة». وباتجــاه آخر اقتــرح أهــم المحللــن الإيرانيين صــادق زيبــاكلام في صحيفــة «اعتمــاد» بأن الإصلاحيين خسروا قاعدتهم الشعبية. وتوقع مشاركة بنســبة 30 في الانتخابات الرئاسية قائلًا: «أدار الناس ظهورهم لصناديق الاقتراع».
وأضــاف أن خيبــة الأمــل مــن العمليــة السياســية الإيرانيــة هــي قويــة بــن الطلاب والمتعلمــن وســكان المناطق الحضريــة، وهي التجمعــات نفســها التــي منحــت روحانــي انتصاره الســاحق فــي 2013. ويقــول عدد من الإصلاحيــن إن المشــاركة فــي الانتخابات لن تغير شــيئاً، خاصة أن السلطة تتركز في مكان آخــر. ومن الأفضل والحالة هذه ترك المحافظين يســيطرون علــى الســلطة التنفيذيــة والدينية والقضائيــة والبرلمــان. وبالتالــي ســيتحملون المســؤولية الكاملة لتداعيات سياستهم القائمة على «المقاومة».
ويرى المحللون أن على بايدن إنقاذ الاتفاقية رغــم الجو القاتم في إيران، هــذا إن فاز. وتقول إيلــي جيرنامية، الخبيرة فــي إيران في المجلس الأوروبي للعلاقــات الخارجية، إن هناك حاجة لـ»دبلوماسية صعبة» من أجل تأمين الاتفاقية، مشــيرة إلــى أن معمارها لا يــزال قائماً خاصة التفتيش المستمر للمواقع النووية الإيرانية.
وتناقش أن على الولايــات المتحدة بالتعاون مع ألمانيــا وبريطانيــا وفرنســا الحصول على اتفاقية تنتج إنجازات سريعة وتأجيل القضايا الأخرى لما بعد الانتخابات الرئاســية الإيرانية. وتقتــرح خطــة طريــق من ثــاث مراحــل، تبدأ الأولــى في منتصف شــباط/ فبرايــر يتم فيها الاتفاق على معايير الاتفاقيــة التي توافق فيها إيــران على تجميد أي نشــاطات نووية تتجاوز مــا ســمحت بــه الاتفاقيــة الأصلية، ممــا يفتح الباب أمام المرحلة الثانيــة وهي رفع العقوبات عن المســؤولين الإيرانيين والبضائــع وتصدير النفط.
ومــع حزيــران/ يونيو يعــود الطرفــان إلى التــزام كامل بالاتفاقية الأولــى ومعها يتم رفع معظــم العقوبات الأمريكيــة. وحتى يتحقق هذا علــى إيران تخفيــض مخزونها مــن اليورانيوم المخصب وتفكيك أجهزة الطرد المركزي المتقدمة في مفاعل نطنز ووقــف البحث والتطوير الذي يذهــب أبعــد ممــا ســمحت بــه اتفاقيــة 2015. وســيتم فتح المحادثات الأوســع حول اتفاقية نووية أوسع في نهاية 2021.
تعويضات
وســتوافق الــدول الأوروبيــة الثــاث مــع أمريــكا علــى اتفاق ملحــق يناقــش نهاية بنود الاتفاقية الأولى ومشــاريع إيــران الصاروخية وسياساتها في الشرق الأوسط. لكن المعوقات لاتفاق كهــذا عاليــة، حيث حذر محمد حســن عادلــي، الســفير الإيرانــي الســابق فــي لندن، قائلاً: «على بايدن الحصول أولاً على ثقة إيران فــي العمليــة التفاوضيــة وبطريقــة عملية. ولا يمكــن الحصول على ثقــة إيران بمجــرد الكلام ولكن بالممارسة والضمانات .»
ويقــول حســن أحمديان، أســتاذ دراســات الشــرق الأوســط في جامعة طهــران، إن إيران ســتطالب قبــل الالتــزام الكامــل بالاتفاقيــة بتعويضــات عن الضــرر الذي أصابها بســبب العقوبات الأمريكية وبتصحيح مظاهر القصور في الاتفاقية الأولى.
وتشــعر إيران أن اتفاقية 2015 أجبرتها على الحد مــن برنامجها النووي المدني قبل أن يتخذ الغرب خطــوات، فيما فشــلت الصفقة بمعاقبة أمريــكا لانتهاكهــا الشــروط. وقــال أحمديان: «العودة إلى الالتزام الكامــل بناء على انضمام الولايات المتحدة من جديد للمعاهدة لم يعد أمراً محتمــاً. فالثقة وصلت مســتويات متدنية إلى درجــة أن تغيــر الوجــوه في البيــت الأبيض لن يغير من الواقع .»