Al-Quds Al-Arabi

«بلومبرغ»: إعلان ماكرون الحرب على التطرف الإسلامي نهاية لمرحلته الليبرالية وتحوله لليمين

-

نشــر موقع «بلومبــرغ» تقريــراً أعدته كارولين ألكســندر بعنوان «ماكرون يجفل حيث أصاب الراديكالي­ون المســلمون نقطة الضغط الفرنســية» قالت فيــه إن الرئيس إيمانويل ماكــرون وعد بزيادة التحرك ضد «المتطرفين» بعد مقتل أستاذ فرنسي على يد متطرف خارج مدرســة في باريس الأسبوع الماضي.

وقالــت إن مقتــل أســتاذ التاريــخ في ضاحيــة باريســية كانت صادمــاً وتجربة معروفة لدى فرنســا. وأضافت أن آلافاً من الفرنسيين خرجوا إلى الشوارع تضامنًا مع صامويل بارتي /47 عاماً/ الذي ذبح بسبب عرضه الصور الكاريكاتي­رية للرسول محمد على طلابه. وتذكــروا الهجمات على مجلة «شــارلي إيبدو» قبل ســتة أعــوام تقريباً والذي قتل فيه 12 شــخصاً بعدما نشــرت المجلة الصور لأول مرة.

وفي الوقت الذي حمــل فيه المتضامنون مع المجلــة عام 2015 يافطات «أنا شــارلي» حمــل المتضامنون نهاية الأســبوع يافطات كتب عليها «أنا أستاذ». ومن المتوقع حضور عــدد أكبر عندما ســيقود ماكــرون تكريماً لأستاذ التاريخ، الأربعاء.

وعندما بــدأت تفاصيــل عمليــة القتل البشــعة بالظهور ذهب ماكــرون فوراً إلى مكان الحــادث وألقى خطابــاً دافع فيه عن حريــة التعبير. وعــاد يوم الثلاثــاء إلى الواجهة في ضواحي العاصمة لكي يتحدث عن جهوده في مواجهة التطرف، مشيراً إلى مئات قاعات الصلاة والمدارس السرية التي أغلقت منــذ وصوله إلى الرئاســة. وتعلق الكاتبة بأن موضوع العنف الأصولي يعتبر موضوعاً محدداً لفرنسا وقد يكلف ماكرون فرصه في إعــادة الانتخاب في 2022. وقال: «نعرف ما يجــب علينا عملــه» و«إخواننا المواطنــو­ن يتطلعون للفعــل والتحرك هنا الذي سيتكثف».

ولكــن الحــادث الــذي شــهدته منطقة يسكنها أبناء الطبقة المتوسطة وهي كونفلا ســانتو نورين ضرب على نقطــة الغليان لنظــام القيم الذي فشــل ماكــرون بمحوه خلال الســنوات الثلاث بعد هزيمته مارين لوبين المعروفة بمعاداة المهاجرين.

فالتوتر مع الأقلية المســلمة وخاصة مع سياســة دمج بعض المهاجرين لا يزال قائماً ويغلي تحت الســطح وأحيانــاً ينفجر في عنف مفاجئ مثل مقتل بارتي والذي تضخمه منصات التواصــل الاجتماعي التي تتحدى الساســة. وقال وزير التعليم جان ميشيل بلانكير «العلمانية هي الأساس» في إشارة إلى فكرة أن المواطن الفرنسي يمكنه الحفاظ على معتقداته الدينية خارج الحياة العامة. وأضاف أن العلمانية «تسمح لنا بالخلاف، نؤمن أو لا نؤمن ونحترم بعضنا البعض.» وبالنسبة للكثيرين في فرنسا فالسؤال هو إن كانت الفكرة التي نتجت عن ثورة لفصل الدين عن الدولــة لا تزال قابلة للتطبيق في المدرسة ومكان العمل والحكومة.

وقدم بارتي الصــور الكاريكاتي­رية أثناء حصة عن حرية التعبيــر والحقوق المدنية، لكــن الأهالــي غضبــوا وتحــول الغضب إلى ســخط واســع على منصات التواصل الاجتماعــ­ي دفعــت قاتلــه، وهــو مهاجر شيشــاني /18 عاماً/ لا علاقة له بالمدرســة لقتل الأستاذ، ثم قتلته الشرطة لاحقاً.

وتظــل العلاقة الفرنســية مــع الأقلية المســلمة معقدة، فالمواطنة المدنية مجسدة في هويــة البلد، ولهذا يمنــع إظهار الرموز الدينية في المدارس التي تشهد عادة صداماً ثقافياً. ومن المهــم عدم تعليق الصلبان على الجــدران أو ارتــداء الحجــاب. وكان هذا مدعاة لضمان التنــوع والحياد ولكن ليس كل الوقت. لأن المسلمين يعانون من التمييز في ســوق العمل. وفي أثناء الإغلاق بداية هذا العام أوقفت الشــرطة العرب والأفارقة

بطريقة غيــر متناســبة. وكان رد الحكومة علــى التطرف مدعاة لزيادة الشــعور لدى المســلمين بأنهم أصبحوا موســميين بهذه الصفة. لكن الهجمات لم تتوقف منذ حادثة باتــاكلان والهجــوم على متجر الكوشــير وشــارلي إيبدو وحتى أثناء محاكمة الذين ســاعدوا المنفذين الشــهر الماضي قام رجل مسلح بســكين جزارة باستهداف شخصين وجرحهما.

ويكشف مقتل بارتي عن مشكلة التطرف التي كانت موضوعاً رئيســياً واجه ماكرون في حكمه القصير. واتهم مرشــده فرانسوا هولاند بالفشل لعدم توفير الحماية للناس بعد هجوم شــارلي إيبــدو. وكان رد لوبان هو قمع المهاجرين والدفاع عن قيم الغالبية البيضاء. وفي انتخابات 2017 قدم ماكرون بديلاً عن معاداة لوبــان للأجانب. واليوم أصبحت لوبــان متقاربة جداً مــع ماكرون في استطلاعات الرأي، حيث عادت المشاكل التي غذت صعودها.

وقال ماكــرون إن التخلص من التطرف في فرنسا يحتاج إلى ســنوات. كما كشفت تظاهرات السترات الصفراء مشكلة ماكرون للتواصل مــع الطبقة المتوســطة والعاملة، حيث يتهــم بالنخبوية والاهتمــا­م بالمدن، وفاقم فيروس كورونا من مشــاكله. وفوق هذا هناك حركة «حياة الســود مهمة» حيث أظهرت تظاهراتها في هــذا الصيف عن بئر من الســخط داخل الأقليات وحول الطريقة التــي تعاملهم فيها الشــرطة. وخلال فترة رئاسته ظل ماكرون يتحرك بطريقة تظهره كليبرالي. وحاول البقاء في الوســط، لكن تحركاته الأخيرة تشــير إلى أنه تحول من التهديد الذي يمثلــه القوميون مثل لوبان. وقبل ثلاثة أســابيع ترك قمــة أوروبية من أجل تنظيم شؤون المســلمين والإسلام في فرنسا وإجبار المتشددين منهم على احترام قيم فرنســا. وفي تموز/يوليو عين متشدداً وزيــراً للداخلية وهــو جيرالــد دارمانين والــذي كان مع ماكرون عندما زار مدرســة بارتي يوم الجمعة، وأصبح حاضراً بشــكل كبير منذ ذلك الوقت، ووعد بســحق «العدو في الداخــل» وأغلق مســجداً. وقال «علينا أن نتوقــف عن الســذاجة». و«من الأفضل الاســتيقا­ظ بدلاً من النوم المستمر». ويبدو أن تجربــة ماكرون مــع النهــج الليبرالي وصلت إلى نهايتها.

 ??  ?? الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون
الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom