Al-Quds Al-Arabi

لصوص الآثار يعيثون فسادا داخل المقدسات الإسلامية الفلسطينية بحثا عن الكنوز

في ظل الإغلاق الناجم عن تفشي الوباء داخل أراضي 48

- الناصرة ـ «القدس العربي» من وديع عواودة: »

يظهر تحقيــق ميداني لـ "القــدس العربي" أن لصوصا مجهولين للآثار استغلوا فترة الإغلاق في زمن كورونا لانتهاك حرمة مقدسات إسلامية داخل أراضي 48 بعمليات نبش داخل المساجد والمقامات والمقابر بحثا عن كنوز.

وتعرضــت خانقية حطين قضــاء مدينة طبرية لاعتداء جديد هذا الأسبوع سبقته اعتداءات ممثلة في مايو/ أيار الماضي حيث تعرضت أرضيتها للحفر العشوائي وإلحاق أضرار كبيرة بالموقع الأثري.

والحديــث عن خانقيــة من الفتــرة الأيوبية ـ المملوكيــ­ة، وهي عبــارة عن عمارة كبيرة تشــمل مســجدا وقاعات للتعليم وحمامات تستمد مياهها من عــن ماء مــا زالت تتدفــق حتى اليــوم تنبع خلفه وتمر عبر المســجد وكانت تســتغل للوضوء وللحمامات.

والخانقية تتوسط قرية فلسطينية مهدمة تدعى حطين، تحدها نمرين من الشرق وهي الأخرى قرية فلســطينية مدمرة منــذ نكبــة 1948 ومن الغرب تحدها بلدة عيلبون الناجية من التدمير.

خانقية حطين

وهــذا ما حصــل في مســجد قرية الغابســية قضاء مدينــة عكا، حيث تعرض هو الآخر لعمليات نبش تمت في أرضيته فــي أماكن مختلفة وهذا هو الاعتداء الثاني هذا العام حيث يلاحظ حفر ونبش لأرضية المســجد أســفل المحراب، امــا الحفريات والنبــش الجديدة فقد تمت فــي أماكن مختلفة من المسجد وكذلك كُسرت بوابته الحديدية في مدخله الرئيس. كذلك يلاحظ الزائر انهيار حجارة الدرج المؤدي الى سطح المســجد، وليس معروفا تماما ما إذا كان ذلك من فعــل فاعل أم نتيجة التقادم وعدم سماح السلطات الإسرائيلي­ة بترميمه.

ويؤكد الباحث الخبير في المقدســات الإسلامية في فلســطين الدكتور عبد الرازق متاني لـ "القدس العربي" أن التسمية الصحيحة لحطين هي الخانقية الصلاحية في حطين التي بنيت مثلها في القدس أيضا بعد تحرير فلســطين من الصليبيــن، منوها لكونها مجمعا يشــمل مرافق أخرى عدا المســجد التاريخي المجاور لموقع المعركــة التاريخية ضد الصليبيين عام 1187 ميلادي. منوها أن مســجد الغابسية مســجد عريق، بني مطلع القرن التاسع عشر أيام علي باشا نائب سليمان باشــا والي عكا )1804- 1814( وهو مبني على الطراز العثماني. ويضيف" كان مســجدا جامعا يقصده المصلون من بلدة الغابســية والقرى المحيطة بها في صلوات الجمعة".

قرية الغابسية

اما قرية الغابسية الواقعة على بعد 15 كيلومترا شمال شــرق عكا )بالقرب من الشيخ دنون( التي هجرت عام النكبة وبلغ عدد سكانها حسب إحصاء عام 1945 حوالى 990 نســمة، فقــد أزيلت معالمها بالكامل ولم يتبق منها ســوى آثار المقبرة الواقعة غربي المسجد وبجواره.

ويؤكد متاني أن عمليات النبش وانتهاك حرمة المقدســات طالت في الفترة الراهنة مســجد عمقا ومقام معاذ بن جبــل في عمواس وغيرهما الكثير، ونبــش أرضية مقــام تميم ابــن أوس الداري في بلدة بيت جبرين في جنــوب البلاد حيث تم نبش الضريح بشــكل مريع، وكذلك نبش وتدمير المقابر الإسلامية في القرى المهجرة.

وتابع "لعلنا هنا نســتنكر هــذه الجريمة بحق المقدســات ونطالب بالكف عن مقدساتنا والحفاظ عليها ومحاســبة المجرمين وخفافيش الظلام على اعتداءاتهم عليها. ولعلها فرصة نوجه فيها العتب الى المسؤولين والقادة والمؤسسات الفاعلة الذين جعلــوا موضوع المقدســات والاعتــدا­ء عليها في آخر ســلم أولوياتهم ولم يحركوا ســاكناً، وباتت زياراتهم لهــذه الأماكن لا تقتصــر إلا على إحياء ذكرى" .

تحطيم القبور

وتكابــد الأوقاف والمقدســا­ت داخل أراضي 48 مخاطر التقادم التي تهــدد بانهيارها، فهناك مئات المقابر التي تبدو شــبه دارســة وقبورها محطمة وتمنع السلطات الإســرائي­لية ترميمها، بل تسمح بدخول أبقار المستوطنات إليها وتحطيم أضرحتها بشــكل واســع، ومن الأمثلة الصارخــة على ذلك مقبرة بيسان ومقبرة صفد التحتا التاريخيتا­ن.

وفي بيسان تتجلى القضية الفلسطينية بشكل صامت، فالمقبرة الإســامية التي تشــمل أضرحة بنيت بحجــارة بيضاء وبازلتية ســوداء بإتقان وبلمسة فنية واضحة تتعرض للهجران والتحطيم الواســع وكب النفايــات، وعلى بعــد مترين منها بنيت مقبرة يهودية تبدو حديقــة غناء لصيانتها والاهتمــا­م بهــا بينما تمنــع الحركة الإســامية والجمعيــا­ت الأهلية مــن ترميم هذه المقدســات والأوقــاف. وهذا هو حال مســجد طبريــة الكبير المعروف بالمســجد العمري، وكذلك مســجد البحر المجاور، فكلاهما يشارفان على الانهيار لحرمانهما من الترميــم وتعرضهما للتغيــرات وتقادم الأيام والهــزات الأرضية التي أحدثــت تصدعات كبيرة تنذر بانهيارهمـ­ـا وهما ما زالا مغلقــن وداخلهما

أكوام من القاذورات وإفــرازات الطيور المتراكمة، وهذا هو حال عشرات المساجد في صفد وقيسارية وعسقلان وحيفا وقرى فلســطينية مهجرة كثيرة تكابد الهجران والتداعي.

أوقاف 48

«

ويؤكــد وليد طــه النائب عن الحركة الإســامية داخل القائمة المشتركة لـ "القدس العربي"أن الحركة تواصل ترميم المقدســات في طول البــاد وعرضها آخرها مقبرة لوبية قضاء الناصرة .

وكشف عن جمعية "أوقاف 48 " التي سيم إطلاقها قريبا جدا للمحافظة على المقدســات والأوقاف داخل أراضــي 48 منبها لحيوية ذلك مــن عدة نواح خاصة وأن المعركــة على الرواية مع الحركــة الصهيونية ما زالت مفتوحة.

كما أكد النائب وليد طه المتابع بشــكل شــخصي للمقدســات، أن هناك مشــروعا خاصا بمســح كافة المقدســات والأوقــاف في أراضي 48 بشــكل منهجي وعلمي، لافتا إلى أن إقامــة الجمعية يهدف للإحاطة بكل أبعاد قضية الأوقاف والمقدسات في الداخل كونها قضية كبيرة تحتــاج لمخططات ومشــاريع ومتابعة وتمويــل. وتابع "رغم ضيق الحال وكثرة مشــاكلنا الحياتية والسياســي­ة نحن مهتمون بقضية الأوقاف كونها قيمة دينية وتاريخية وسياسية" .

يشــار هنا الى أن مقدسات وكنس اليهود في دول عربية كثيرة موجــودة بالحفظ والصون، ففي زيارة وفد من فلســطينيي الداخل لســوريا عام 1997 تمت زيارة عدد من الكنس المنتشــرة في دمشق وقد بدت بأفضل حال. وفي المقابل تمنع هنا الحركة الإســامية وجمعية الدفاع عن المهجرين ولجان أهلية من ترميم المســاجد والمقامات والمقابر في المدن والقرى المهجرّة عام1948 إلا ما ندر.

مسجدان قديمان في مناطق 1948 بين المساجد التي جرى الحفر فيها بحثا عن آثار

 ??  ??
 ??  ??

Newspapers in Arabic

Newspapers from United Kingdom